حجم النص
أظهر رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي الأسبوع الماضي كم سنفتقد إلى فهمه لمنطقة الشرق الأوسط عندما يتنحى عن منصبه خلال الأيام المقبلة. في تقييم صريح أُعطي للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي، لخص ديمبسي الذي قضى منذ عام 1991 جزءًا كبيرًا من حياته المهنية في المنطقة، المعضلة التي تواجه إدارة أوباما. “على الرغم من أنّ خصومنا المحتملين يزدادون قوة“، يقصد تنظيم داعش وإيران؛ “فإنّ العديد من حلفائنا باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الولايات المتحدة وعلى مساعداتنا“، يقصد العراق وأفغانستان واليمن ومصر ولبنان ودول الخليج، المملكة العربية السعودية والأردن والمعتدلين في سوريا. خليفة ديمبسي المحتمل الجنرال البحري جوزيف دانفورد، لديه خبرة محدودة في الشرق الأوسط. وقال دانفورد، الذي خدم في أفغانستان حتى العام الماضي، خلال شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ نفسها يوم الجمعة، إنّه مرت سنوات منذ أن كان في العراق ومنذ أن تعامل مباشرة مع القضايا التي من المرجح أن تستهلك فريق السياسة الخارجية للرئيس أوباما قبل أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين ويتولى رئاسة البلاد. وصف ديمبسي تقارب الاتجاهات في الشرق الأوسط التي تعقّد وجود دور فعّال للولايات المتحدة في المنطقة. وقال ديمبسي: “أولًا، العديد من الحكومات تكافح من أجل الشرعية السياسية؛ لأنها ليست حكومات تعددية ولا هي حكومات مسؤولة أمام مواطنيها“. تُعدّ العراق حالة نموذجية على ذلك، ولكن هذا ينطبق بالتأكيد على أفغانستان وسوريا واليمن والبحرين وحتى في المملكة العربية السعودية ومصر، على الرغم من أن ديمبسي لم يذكر تلك الدول. “ثانيًا، الصراع الذي استمر لقرون عديدة بين السُنة والشيعة هو صراع واضح للغاية“. وهذا هو الحال أيضًا مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي يهيمن عليه السُنة والذي يستغل تلك الخلافات التي طال أمدها في العراق وسوريا واليمن والبحرين، ومصر وليبيا والمملكة العربية السعودية. كما ذكر ديمبسي: “نحن نشهد ارتفاعًا في المنافسة بين العناصر المعتدلة والمتطرفة، تنظيم داعش وغيره يستغلون تلك المنافسة، وخاصة في سوريا“. بصفة عامة، أعرب ديمبسي عن شكوكه حول التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة. ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من المشاكل في الشرق الأوسط هي قضايا “جيلية” لن تحلها القوة العسكرية فقط. بغض النظر عن الاختلافات الكبيرة في الخبرة بين ديمبسي وخليفته المحتمل، فهما قد يكونا على خلاف أيضًا بشأن قضية تضمين أفراد الجيش الأمريكي في الوحدات القتالية العراقية. وردًا على سؤال السيناتور جيف سيشنز النائب الجمهوري من ولاية ألاباما، ما إذا كانت القوات العراقية تؤدي بشكل أفضل في ظل وجود الجنود الأمريكان، كرر ديمبسي وجهة نظره بأنّ المراقبين الجويين أو المستشارين في حالات القتال التكتيكية لن يحدثوا أي “فارق استراتيجي”. وقال: “الوسائل الناجحة للهجوم هي من ستدفع العراقيين إلى القتال“. وأوضح ديمبسي أنّ القوات الأمريكية قد تحتاج إلى مرافقة العراقيين في القتال لملاحقة الأهداف في المدن الكبرى، مثل الموصل، التي يسيطر عليها الآن تنظيم الدولة الإسلامية؛ “حيث يوجد هجوم كبير نعتقد أنّ احتمال نجاحه يمكن أن يزيد من وجودنا”. تلقى سيشنز رد فعل مختلف نوعًا ما من دانفورد عندما سأله كيف يمكن للولايات المتحدة أن تشجع العراقيين “ليكونوا أكثر فعّالية في القتال” ضد الدولة الإسلامية. دانفورد، الذي قاد الكتيبة البحرية في غزو العراق عام 2003 ويدير مؤخرًا القوات المساعدة في أفغانستان، أجاب: “من الواضح أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمساعدة العراقيين على المضي قُدمًا وأعتقد أن هذه هي الخطة المناسبة”. وعندما سأله سيشنز عما إذا كان إدخال القوات الأمريكية مع الكتائب العراقية يجعلهم “أكثر فعّالية في ساحة المعركة“، قال دانفورد إنّ تجربته تنحصر في مرافقة القوات الأمريكية للقوات العراقية أو الأفغانية، وأنّ “تلك الوحدات أكثر فعّالية“. ومع ذلك، عندما أشار سيشنز إلى أن ديمبسي قد لا ينصح بإدخال “عدد صغير” من الجنود الأمريكان، رد دانفورد أنه إذا كان متأكدًا من ذلك، يمكنه أن يزور القادة العسكريين في العراق ويقدم لهم “النصيحة بشأن كيف يمكننا المضي قُدمًا في حملة العراق“. لم يفصل دانفورد نفسه عن النهج العام لديمبسي، قائلًا بأنّه في العراق وسوريا اضطرت الولايات المتحدة إلى “بناء قدرات الشراكة، إذا صح التعبير، من القوات المحلية التي من شأنها أن تكون آلية هزيمة حقيقية” للدولة الإسلامية. ولكن فيما يتعلق بسوريا، ذكر دانفورد شيئًا أخفاه مسؤولون آخرون عندما سُئل لماذا لم يتم استخدام القوات الأمريكية ضد الأهداف العسكرية للحكومة السورية. كما سأل السيناتور جون ماكين، النائب الجمهوري من ولاية أريزونا، دانفورد لماذا طُلب من المجندين السورين التوقيع على تعهد بأنهم سيقاتلون ضد الدولة الإسلامية فقط وليس ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد. رد دانفورد: “ما أفهمه الآن هو أننا لا نملك أي سُلطة لاتخاذ إجراءات ضد قوات الأسد“. وكان يشير الى السُلطة القانونية، وعدم وجود طلب من الإدارة أو قانون صادر عن الكونغرس ليجيز أي عمل عسكري خارج قانون عام 2001 لملاحقة المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر 2001، وقرار عام 2002 بالموافقة على غزو العراق. لا يمكن أن يُنظر إلى أي من الحالتين على أنهما يسمحان باستخدام القوة العسكرية ضد حكومة الأسد، ويبدو في هذه الحالة أنّ هناك حاجة لتفويض رسمي لخوض حرب مع دولة أخرى ذات سيادة – ما لم تكن بالطبع تهاجمنا أولًا. متابعات
أقرأ ايضاً
- أنا متشائم.. المشهداني: تغيير جذري في خرائط أزمات الشرق الأوسط
- تعرف أسرار البيت العراقي.. بغداد تطالب واشنطن بردع إسرائيل
- ترامب يجدد وعده بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا