- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
14تموز ، إستفراغ الدكتاتورية ....!
حجم النص
بقلم:فلاح المشعل قراءة تاريخنا الحديث وتعميق وعينا بالحاضر والمستقبل، مسؤولية وطنية وأخلاقية تدعوك أن تخرج من قفص الببغاء وتدخل الغابة دون الخوف من وحوش رابضة وأفاعي كامنة..! ساد زمن الملكية في العراق نظام سياسي ديمقراطي، يقوم على دستور وفصل سلطات، مجلس نيابي، وغيرها من ثوابت بناء الدولة المدنية الساعية للإستقرار والبناء والتطور، وبسبب حداثة النشأة واستغراق البلاد في أغلال التقاليد العشائرية ومنازعاتها والتنوع العرقي والمذهبي، وسيادة الأمية، تلك حقائق تركت آثارها على النظام السياسي ورجالاته، فأنعكست بأخطاء عديدة مثل محاربة القوى الوطنية وطليعتهم الشيوعيين العراقيين، إذ أعدم النظام الملكي ثلاثة من قادتهم (فهد، حازم،صارم)، إضافة لأخطاء أخرى كالإستقطاب الإقطاعي وهيمنة البرجوازية في الريف والمدينة على الأرض والنفوذ والسيادة، وتفاقم الأزمات الإقتصادية في البلد. ثورة 14تموز1958 اسقطت النظام الملكي وجاءت بسلطة العسكر، وبخلاف ممارسات الملكية فقد حققت مكاسب سياسية وإجتماعية واقتصادية عديدة لقطاعات واسعة من الشعب، شواخصها لم تزل باقية، مكاسب غيرت من واقع المسحوقين والفقراء والمعدمين وجعلت صورة الزعيم الأوحد لصيقة بذاكرة وأفئدة الفقراء الباحثين عن الخبز والكرامة والعيش الإنساني. لكن المنجزات التي حققها التغيير في تموز 1958سرعان ماتبخرت مع تغيير طاقم الحكم في انقلاب 1963، بمعنى أن 14 تموز، لو جاز تسميتها بثورة كان وضعت أسس لدولة عراقية جديدة تقوم على مؤسسات وطنية وثوابت وطنية، لكن الموج السياسي المتغير للزعيم وفق مزاجه العسكري وطاقم السلطة ونزاعاته، وضع المشروع بعيدا ً عن تحولات جوهرية إجتماعية او ديمقراطية، وكانت السمة البارزة هي الحكم الفردي الذي ينطوي تحت ظل دكتاتورية مخففة أو رحيمة كما هي شخصية الزعيم قاسم. الحقيقة التي ينبغي ان نعترف بها، ان التغيير السياسي الذي حدث في 14تموز 1958 أضاع فرصة وجود دولة عراقية ديمقراطية مدنية، تبنى وفق مسار تاريخي من التطور والنضج السياسي والنمو الإقتصادي والإجتماعي والإزدهار الحضاري والثقافي والعلمي الذي ساد ووصل مستويات أفضل من كل الحقب التي توالت بعده حتى وقتنا الحاضر الذي تستبد به الأمية والطائفية المتخلفة والفوضى. أحداث 14تموز والزمن اللاحق لها، جذر عبر نصف قرن مفهوم التعاطي مع الدولة بثقافة القبيلة أو العشيرة، وهو ماجعل طبيعة النظام السياسي عمليا تبني سلطة قوامها الحكم في نطاق العشيرة، سواء أكانت تحت مسمى الحكم القومي الإشتراكي للبعث، أم الديمقراطي الإسلاموي الذي جاءت به امريكا في 2003، دولة بلا مواطنة ولاهوية، تتسلط فيه أما العشيرة الحزبية الآيديولوجية أو الطائفية السائدة حاليا. هذا اسوأ نتاج أورتثه 14تموز للعراق الذبيح، حيث أصبح مسرحا ً لتجريب كل أنواع الجنون والسريالية السياسية من صدام حسين وعبد حمود وصولا لجلال الطالباني ونوري المالكي وواقعنا المضحك المبكي، منطقة جذب للحروب والصراعات والإحتلالات والتخريب الإجتماعي والإنهيار الإقتصادي والتحلل الأخلاقي والصراع الطائفي والفساد الذي شكل منارة يضحك على صورتها المشوهة العالم أجمع.
أقرأ ايضاً
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- المسير الى الحسين عليه السلام، اما سمواً الى العلى وإما العكس
- في العراق، الجهل ثقافة عامة