حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ يكاد ملف النازحين العراقيين ينفرد بمأساويته المفرطة عن بقية الملفات المضاهية له إقليميا وعالميا فهو ملف شائك وشابته الكثير من الملابسات والثغرات ويتصف بمميزات عديدة منها: ان 1 النازحين العراقيين يتزايدون يوما بعد اخر بتزايد وتائر أعمال العنف والممارسات الإرهابية التي يقترفها الإرهابيون وتحدثها الشائعات المغرضة فضلا عن المعارك التي دارت وتدور رحاها في أراضيهم فقد أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في العراق عن ارتفاع عدد النازحين مؤخرا ليلامس ثلاثة ملايين نازح والرقم قابل للزيادة 2 تزامنت ذروة نزوحهم مع ذروة الضائقة المالية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي الريعي بسبب تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية إضافة الى تكاليف الحرب الضروس ضد داعش والإرهاب ما اثر بطبيعة الحال على واقع موازنة عام 2015 التي اضطر واضعو بياناتها وجداولها الى إعلان التقشف القسري على جميع مفاصل الدولة العراقية وكافة وزاراتها وهو ما اثر كواقع حال على الأموال التي ترصد لهذا الملف الإنساني الحساس الذي اعتورته ـ بحسب متابعين ـ عوامل الفساد المالي والإداري، وللتخفيف من معاناة هؤلاء النازحين الذين بلغت أرقامهم حدا يفوق قدرات وإمكانات الدولة العراقية، فقد بادرت شبكة الإعلام العراقي بالتعاون مع الرئاسات الثلاث ومنظمات المجتمع المدني وعدد كبير من المتطوعين يرأسهم الموسيقار العراقي نصير شمه تخفيفا امنيا واجتماعيا وعلى ثلاث مراحل تستمر من سنة ولخمس سنوات ولحين عودة النازحين الى مناطقهم وبعد تحريرها وإعادة تأهيلها واعمارها وذلك بتقديم مساعدات عينية فقط وليست مادية وعلى هيئة كرفانات وبيوت متنقلة وقطع أراض وهي مبادرة إنسانية تطلق للمرة الاولى وان كان ملف النازحين بحاجة الى مبادرات اكبر سواء على الصعيد الدولي كهيئة الأمم المتحدة "المتفرجة" او على الصعيد الإقليمي والعربي كجامعة الدول العربية التي لم تحرك ساكنا لحد الان سوى الأماني "الطيبة" ودون إجراءات ملموسة على الارض لبلد يعد عضوا مؤسسا في الجامعة. 3 ومن الجانب السايكلوجي وليس بخافٍ عن احد ان الصدمة التي أحدثها تنظيم داعش الإرهابي في نفوس النازحين والمهجرين وأعمال العنف التي تعرض لها الكثيرون منهم هي كلها بحاجة الى معالجات شاملة ولكون عملية التهجير بحد ذاتها تُحدث أكثر من صدمة نفسية لمن تعرّض لهذه التجربة القاسية فيكون واجبا على من يتصدى لملف النازحين ان يأخذ بنظر الاعتبار التخفيف من الآثار السايكلوجية السلبية عنهم وليس المادية والعينية فقط وهذا الامر لم يُلتفت اليه فيما يبدو لحد الان. ولايقل الجانب النفسي أهمية عن الجانب المادي اذ لم تتصدَ اية جهة طبية او نفسية لغرض التخفيف من أثار الصدمات القاسية التي تعرض اليها هؤلاء النازحون لاسيما على الاطفال والنساء وخاصة من اللواتي تعرضن الى محنة السبي والاغتصاب والعنف والإذلال الجنسي. 4 ويتميز ملف النازحين العراقيين بوجود نسبة عالية من الفقر ان لم تكن أكثرية النازحين والمهجرين يقبعون تحت خط الفقر أساسا قبل تهجيرهم ونزوحهم الذي أضاف اليهم أعباء مالية اخرى.5 ومن الجانب الديمغرافي شكلت موجات النزوح لاسيما المفاجئة منها تخوفا لدى النازحين في عدم تقبلهم من قبل المجتمعات المنزوح اليها وان كان هذا الهاجس قد بددته اللحمة الوطنية ووصايا المرجعيات والوعي الوطني والإنساني والأخلاقي للمواطن العراقي وتبددن المخاوف من التغيير الديمغرافي والاثني لهذه المجتمعات . 6 الا ان الهاجس الامني يبقى من اكثر الهواجس خطورة من التي يمتاز بها ملف النازحين العراقيين فقد كانت المخاوف مشتركة مابين الجهات الحكومية والنازحين والمناطق المنزوح اليها من تسلل بعض الإرهابيين الى تلك المناطق مع حشود النازحين واختلاطهم بهم متنكرين وخفية عن أعين الجهات الأمنية المختصة. ويبقى اهلنا النازحون متطلعين صوب المجتمع الدولي والدول المانحة لتقديم "مبادرات " إنسانية تعكس استحقاقات العراق على الأسرة الدولية وعلى غرار مبادرة شبكة الإعلام العراقي وذلك اضعف الإيمان. اعلامي وكاتب
أقرأ ايضاً
- هل تتعرض الأهوار لحملة إبادة جديدة ؟
- وزير المالية الإتّحادي في العراق.. بين الورقة البيضاء للإصلاح الإقتصادي وقانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي والتنمية
- بينَ قانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي وقانون الموازنة العامّة للدولة