حجم النص
بقلم:صباح الطلقاني كثيرة هي المجازر في بلدنا لكن تعددت انواعها لتمتد الى مؤسسات الدولة وبأيدي حكومية عراقية خالصة، وآخر هذه المجازر هي مجزرة تصفية شركات وزارة الصناعة البالغة بحدود 70 شركة تحت ذريعة انها أصبحت "تشكل عبء على الدولة"! تصوروا أعمدة الصناعة في البلد اصبحت عبء على الدولة! 80% من هذه الشركات أصبح توجه الوزارة لحلّها من خلال فتح أبواب النقل الى وزارات الكهرباء والصحة والسياحة، لتتحول هذه الكفاءات بدرجات فنيين ومعاونين وملاحظين ومدراء شعب ومسؤولي وحدات ومديري محطات انتاج، يتحول هؤلاء ببساطة الى "قُرّاء مقاييس" لدى دوائر الكهرباء! والى موظفي استعلامات وحراس لدى دوائر الصحة والسياحة! والأدهى من ذلك بقاء هؤلاء الموظفين الذين يبلغ عددهم قرابة 50 ألف، بلا رواتب منذ 5 أشهر وحتى قيامهم خلال الشهر الفائت بتظاهرات قطعت الشوارع في بغداد والبصرة فبادرت الحكومة بصرف راتب شهر واحد لهم؟ وبدلاً من تشجيع القطاع الخاص عبر الاستثمار في هذه الشركات أو ايجاد آلية مشتركة نحو قطاع مختلط على سبيل المثال، او تأهيل هذه الشركات الواحدة تلو الأخرى على مدار الاعوام الماضية، بدلاً من هذه الحلول ستظل البنى التحتية لمعامل مثل النسيج والاطارات والسكّر والحديد والصلب والجلود والزيوت الصناعية والزيوت النباتية والاجهزة الكهربائية الفنية والمنزلية والأدوية والملابس الجاهزة والدراجات والأنابيب والمنتوجات المتعلقة بالزراعة والمكننة ووو... ستظل كل هذه الدوائر فارغة من منتسبيها (او تُموَّه بمنتسبين قلائل) حتى تتهرأ أجزائها وتصبح عديمة الفائدة او منتهية الصلاحية، ليأتي الوزير القادم ويقول ان هذه المعامل بحاجة الى تجديد شامل ولا نملك الأموال لهذا الامر! وهكذا تظل دائرة الفساد وسوء الادارة تدور وتغذي نفسها بنفسها. لكل مواطن الحق في ان يتسائل عن ماهية عمل وزارة الصناعة وما الذي أنجزته خلال 11 عام مضت؟ وكم هي الشركات التي قامت بتأهيلها او تطويرها؟ لكن الجواب سيأتي بالتأكيد بقائمة طويلة من الذرائع والحجج التي لا تؤكد سوى فشل المسؤولين المتوالين على رأس هذه الوزارة عبر السنين الماضية. الكلام كثير وليس كل ما يعرف يقال، لكن فقط أنقل اليكم كلام احد المستشارين المرشحين لوزير الصناعة الجديد. يقول هذا المستشار الذي قضى أكثر من 30 عاما كمهندس في وزارة الصناعة والمعادن، انني وبعد ان قدمتُ شرحا كاملا عن ضرورة تقليل الاعتماد على الاستيراد والبدء بتأهيل معامل السكّر والزيوت والحديد والصلب والسمنت والاجهزة الكهربائية ووو، وإمكانية مساهمة القطاع الخاص في هذا الأمر الذي سيحقق دعما للاقتصاد الوطني ويوفر العملات الصعبة. تفاجأتُ بطلب هذا الوزير حيث سألني (هل نستطيع انتاج سيارة عراقية 100%)!؟ تصوروا ان شعباً لا يحقق الأمن الغذائي لنفسه ليوم واحد فقط يتجه لصنع سيارة وبنسبة 100%! هذه النسبة التي لا تعمل بها حتى ألمانيا او اليابان! حينها أدركت انني في وادي وهذا الرجل في وادي آخر تماما ولا فائدة من الكلام، فاعتذرتُ وخرجتُ بكياسة دون رغبة في العودة الى هذا المكتب (الحزبي).