- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الرق في تاريخ الاسلام والعلمانية
حجم النص
سامي جواد كاظم يتهجم بعض العلمانيين ومنهم محمد الجابري وابو زيد وسيد القمني على الاسلام بخصوص ملك اليمين والرق والعبودية وكيفية تعامل الشارع الاسلامي مع هذه الظاهرة، ولانهم سطحيون في التعامل مع بعض ما لايروق لهم وفق مفهومهم من غير دراسة الجذور ومايحيط باي مفهوم يخص الاسلام لهذا فانهم ياخذون طرف معين من الظاهرة والبدء بالنقد. وفي التاريخ الاسلامي ايات واحكام تخص الرق ولكن المهم هل الاسلام هو من جاء بهذه الظاهرة السلبية ؟ الاجابة وبكل بساطة كلا بل انها موجودة في المجتمع الجاهلي، وهذه الظاهرة ليست ظاهرة اجتماعية معنوية بل انها تعاملية يجب فيها ثلاث اطراف البائع والمشتري والعبد او الامة، وتتم المعاملة وفق بيع وشراء وثمن ولهذا فان الالغاء من غير التمهيد للالغاء يؤدي الى فوضى هذا ناهيكم عن النزعة القبلية والدونية للعبد التي كانت عليها الجاهلية، لهذا حاول الاسلام تنظيم اقل ما يمكن العلاقة الجنسية بحيث انه جعل الامة التي يملكها رجل لا يجوز ان يملكها ابنه اذا ما كانت فيما بينهما علاقة جنسية، وفي نفس الوقت شرع قوانين يحث بها المسلمين على عتق العبيد وله من الاجر الكبير عند الله من يقدم على ذلك اضافة الى ان بعض الكفارات لبعض الذنوب منها مثلا الافطار المتعمد او الحلف الكاذب يكون كفارتها عتق رقبة، ومن جانب اخر يحكي لنا التاريخ كم من عبد او جارية جعلهم ائمة اهل البيت عليهم السلام احرار، اضافة الى ان بعض الائمة بل اغلبهم امهاتهم جواري. وفي الوقت ذاته هل نظر العلماني الى تاريخ امريكا وما كانت عليه من معاملة العبيد فيها بعد ما تطور العالم وواد مسالة الرق الا ان امريكا هي من اعادت هذه الظاهرة في بلدها اضافة الى بريطانيا والتفرقة العنصرية معلومة للجميع لاسيما جنوب افريقا التي كانت تنظر الى العنصر الاسود بانه لاحق له بالكرامة وتاريخ امريكا الدولة العلمانية باممارسة الرق تاريخ اسود ومن يفخر بان لنكولن حرر العبيد فعليه دراسة سبب التحرير وعن لسان لنكولن نفسه، ففي الوقت الذي كانت فيه الحرب الأهلية مستعرة في امريكا، كتب لنكولن إلى هوريس غريلي، محرر جريدة نيويورك تريبيون، المتنفذ قائلا "إن أهم هدف لي في هذا الصراع هو إنقاذ الاتحاد، وليس إنقاذ الرق أو القضاء عليه. وإذا كان باستطاعتي أن أنقذ الاتحاد دون أن أحرر أي أرقاء فإنني سأفعل، وإذا كان باستطاعتي أن أنقذه بتحرير كل العبيد فإنني سأفعل ذلك أيضا." ولتحقيق هذا الهدف سمح لنكولن للولايات الحدودية التي كانت تقر سياسة الرق وانحازت إلى الاتحاد بالاحتفاظ بالرقيق حتى نهاية الحرب. فعندما قرر أحد جنرالات الاتحاد أن يعلن من تلقاء نفسه إلغاء الرق في بعض مناطق الجنوب، بادر الرئيس بسرعة إلى إلغاء الأمر محتفظا لنفسه بسلطة اتخاذ مثل هذا الإجراء. فغايته من التحرير ليس الانسان بل مصالح اخرى، اما الاسلام فكانت غايته من التحرير هو الانسان، واما لماذا وجدت هذه الايات في القران ؟ فان سبب ذلك هو لتاكيد حقبة زمنية من التاريخ الجاهلي كيف كانوا يتعاملون مع العبيد وكيف عالج الاسلام هذه الظاهرة، وكان كثير من العبيد يملكهم يهود ولنا مثلا في رواية تحرير سلمان المحمدي من مالكه اليهودي عثمان بن الاشهل اليهودي ثم القرظي، حيث طلب ثمن تحرير سلمان هو ان يغرس له ثلاثمائة نخلة، وأربعين أوقية ذهب، وقد دفع ذلك رسول الله وحرر سلمان، وحتى نثبت عدالة ومدنية الاسلام ففي الوقت الذي كان محمد هو النبي والحاكم للاسلام لم يضطهد اليهودي ولم يرغمه على تحرير سلمان بل تعامل معه معاملة حسنة. اما موقف اليهود من الرقيق فانهم يدعون ان البشر ينقسم الى قسمين بنو اسرائيل قسم وسائر البشر القسم الاخر، أما بنو إسرائيل فيجوز استرقاق بعضهم حسب تعاليم معينة نص عليها العهد القديم. وأما غيرهم، فهم أجناس منحطة عند اليهود، يمكن استعبادها عن طريق التسلط والقهر، لأنهم سلالات كتبت عليها الذلة باسم السماء من قديم، جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر الخروج (2- 12) ما نصه: (إذا اشتريت عبداً عبرانياً فست سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حراً مجاناً، إن دخل وحده، فوحده يخرج، إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه , إن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين وبنات فالمرأة وأولادها يكونون للسيد، وهو يخرج وحده، ولكن إذا قال العبد: أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً، يقدمه سيده إلى الله، ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة، ويثقب سيده أذنه بالمثقب يخدمه إلى الأبد). اما النصارى فان لهم راي بالرقيق فاقرته فليس في الانجيل نص يحرمه، أمر بولس العبيد بطاعة سادتهم كما يطيعون المسيح، فقال في رسالته إلى أهل إفسس الإصحاح السادس (5-9): (أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح، لا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح، عاملين مشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس، عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أو حرا). فعلى العلمانيين ان يقراوا تاريخ من يعتبرونه قدوة لهم قبل توجيه سهامهم للاسلام
أقرأ ايضاً
- العملة الرقمية في ميزان الإعتبار المالي
- معارضة مذهب التشيع.. نافذة على التاريخ
- التاريخ ليس شريفاً للغاية ..