حجم النص
بقلم فالح حسون الدراجي أصدرت محكمة الجنايات المركزية يوم أمس الأول الاحد، حكما بإعدام المجرم احمد العلواني، فيما اشارت المحكمة الى أن الحكم قابل للتمييز.. ولعل الأمر اللافت للنظر أن المجرم العلواني كان قد وكل في السابع والعشرين من كانون الثاني من هذا العام محامي المقبور صدام بديع عارف للدفاع عنه لكن دفاعات عارف لم تنفع قيد أنملة، فقد كانت الأدلة والشهود والاعترافات ضد موكله دامغة.. واليوم، وبعد صدور القرار القضائي العادل بحق المجرم العلواني، فقد تنوعت ردود الأفعال، وتباينت المواقف في الشارع العراقي، فثمة فرحة كبيرة، وتأييد غير محدود لهذا القرار، خصوصاً في الأوساط الشعبية الشيعية، تلك الأوساط التي كال لها هذا المجرم أقذع الشتائم، وأقذر التهديدات الطائفية، مثل قطع الرؤوس الشيعية، وشتم الرموز الجهادية والإساءة الى المراجع الدينية وغيرها من القباحات الطائفية الكريهة. لاسيما في أيام الاعتصامات والمنصات الإجرامية.. أما على صعيد الشارع السني، فقد كان البعض يرى أن القرار سياسي وليس قضائيا. ويرى البعض الآخر أن وقت القرار غير مناسب، بينما هناك الكثير من أبناء هذه الطائفة يتفقون على أن العلواني قد أخطأ فعلاً، لكن حكم الإعدام قاس، وكان يجب أن يكون أقل منه بكثير: يعني هو أخطأ بس لو الحكم يصير شهرين.. تلاثة.. سنة، مو مال إعدام!! أما عشيرة العلواني، فقد هددت بالانسحاب من مقاتلة داعش في محافظة الأنبار، في حال تنفيذ حكم الإعدام بحق إبنها العلواني.. في حين أن بعض الطائفيين السنة أطلقوا التهديدات ورفعوا درجة المزايدات إذا ما تم تنفيذ هذا الحكم.. وبالمناسبة فإن هؤلاء لم يعترضوا على حكم الإعدام بحق العلواني فقط، إنما هم إعترضوا ومازالوا يعترضون ويصرخون منددين بالحكم الصادر بحق المجرم طارق الهاشمي أيضاً، فتارة يعزفون على وتر (الحكم سياسي وليس جنائيا) وتارة على وتر إنحياز القضاء. ونفس الشيء قيل عن التهم الموجهة الى المجرم رافع العيساوي، والى المجرم محمد الدايني، والمجرم ناصر الجنابي، وغيرهم من المجرمين.. فهم هكذا يتعاملون مع أية قضية جنائية ترفع ضد أية شخصية سنية. وما هذا التدليس والتكذيب والتباكي إلاَّ من أجل تفريغ التهمة من محتواها الجنائي، وتصويرها وكأنها قضية سياسية كيدية!! وقبل أن أنتقل الى القسم الثاني من ردود الأفعال وجدت من المفيد أن ألفت النظر الى قضية مهمة، وهي أني لم أجد يوماً شخصاً واحداً من أبناء الطائفة الشيعية اعترض على حكم قضائي صدر بحق مواطن شيعي آخر، حتى لو كان هذا القرار ظالماً!! وأظن أن تفسير هذا القبول وعدم الاعتراض يعود أولاً الى ثقة المواطن الشيعي بعدالة القضاء العراقي.. وثانياً لقناعته بعدم جدوى التنديد والتظاهر.. وهي ثقافة يائسة، متأصلة في الذات الشيعية منذ أزمان بعيدة.. والآن..! وبعد أن اطلعنا على الساحة الشعبية بشقيها السني والشيعي، دعونا نمضي الى ردود أفعال الحكومة والبرلمان حول قضية الحكم على العلواني. وأول المتحدثين كانت النائب عالية نصيف التي ردت يوم الأحد على المعلومات المتسربة من بعض الدوائر السياسية حول إمكانية إلغاء هذا الحكم، أو تخفيفه عبر صفقة يلعب فيها رئيس الجمهورية دوراً رئيسياً بعد أن يستخدم الصلاحيات الدستورية الممنوحة له، وقد جاء رد عالية نصيف على شكل مطالبة توجهت بها النائب لرئاسة الجمهورية، بضرورة الإسراع بالمصادقة على قرار إعدام النائب السابق احمد العلواني محذرة من إخضاع قرار الإعدام إلى المساومات والتدخلات السياسية!!. وقالت نصيف في تصريح صحافي، إن "القضاء العراقي كان يتهم بأنه مُسيس وأنه تحت تأثير السلطة التنفيذية الا أن قرارمحكمة الجنايات القاضي بإعدام النائب السابق احمد العلواني أثبت بشكل قاطع أن لاعلاقة للسلطة القضائية بالسلطة التنفيذية قطعاً.. حيث أثبت القضاء أن هناك أدلة وقرائن ومؤشرات وكشف دلالة كافية للإدانة.. وقد طالبت رئاسة الجمهورية بالإسراع بالمصادقة على قرار إعدام المجرم العلواني.. وعدم المماطلة، أوالتهرب من تحمل المسؤولية.. بينما أعلن وزير العدل أن تنفيذ هذا الحكم يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية، لكن هناك الكثير من المسؤولين يعتقدون أن الرئيس لن يوقع على هذا القرار قط، بسبب ظروف الحرب على داعش، وأجواء المصالحة، فضلاً عن التدخل لبعض الشخصيات السياسية والدينية (والمقبولية) الذي سيكون لصالح الغاء الحكم، أو التخفيف منه.. أو قد يأتي الرفض من الرئيس نفسه، بعد أن يتعكز على مبرر مشابه لمبرر مام جلال حول عضويته في الإشتراكية الدولية، التي تحرم عليه الموافقة على تصديق قرارات الإعدام.. ولكن في كل الأحوال، فإن قرار تنفيذ إعدام العلواني سيتحقق لامحال.... ولن تنفع مبررات الإشتراكية الدولية، أو الإشتراكية الجاجيكية.. خاصة وإن المالكي اليوم هو نائب أول لرئيس الجمهورية، والقلم الذي وقع فيه على إعدام صدام جاهز، ومازال في جيبه دستورياً..