حجم النص
بقلم:منيب السائح في الوقت الذي لا تسمع في العراق من حديث، هذه الايام، سوى حديث التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، ومتى واين يبدأ الهجوم على مواقعه، وما هي الادوار التي انيطت للدول التي تشارك في هذا التحالف، وكيف سيتم تجسيدها على الارض، يخرج على العالم المرجع الديني الاعلى في العراق سماحة السيد السيستاني، محذرا الحكومة العراقية والنخب السياسية من جعل المساعدة الخارجية لمحاربة "داعش" مدخلاً للمساس باستقلالية القرار العراقي. تحذير السيد السيستاني، الذي جاء في خطبة الجمعة التي أمها الشيخ عبد المهدي الكربلائي في مدينة كربلاء المقدسة، يبدو انه جاء مفاجئا للكثيرين، بسبب طبول الحرب التي تُدق باستمرار في مختلف عواصم العالم، والضجيج الاعلامي الصاخب المرافق لها، الامر الذي هؤلاء القدرة على الرؤية الواضحة لما يجري من حولهم. تحذير السيد السيستاني لم يأت من فراغ، فهناك بعض المؤشرات التي يمكن في حال تحديدها والوقوف عندها، ان تكشف لنا ان هناك امرا ما يدبر بليل للعراقيين، وعليهم ان يأخذوا حذرهم، والا يسمحوا لاي كان ان يعيد عقارب الساعة الى الوراء، او ينسف العملية السياسية برمتها، بهدف صياغتها وفق قياسات لا تتطابق مع مصلحة الغالبية العظمى من الشعب العراقي. ليس هناك من ينكر الدور الخطير الذي لعبته القوى الاقليمية وفي مقدمتها السعودية وقطر والامارات وتركيا في صناعة "داعش"، لتمرير مخططات تم اعدادها بعناية للوصول الى اهداف منها: اسقاط النظام في سوريا، وكذلك نسف العملية السياسية في العراق عبر استخدام "داعش" كحصان طراودة للبعثيين والتكفيريين والطائفيين والحاقدين. المتتبع للتطورات التي شهدها العراق منذ حزيران الماضي بعد دخول "داعش" للموصل وتكريت المناطق الغربية من العراق، يرى ملامح خطة تتوضح يوما بعد يوم، الهدف منها اعادة تأهيل رموز النظام البائد من البعثيين وضباط الجيش الصدامي وفدائيي صدام والحرس الجمهوري وجلاوزة النظام البعثي المقبور، وتسويقهم على اساس انهم اهون شرا من "داعش"، وعلى الحكومة العراقية ان تجد صيغة ما لاحتوائهم ودمجهم بالعملية السياسية ، رغم ان الحقائق اثبتت ان هؤلاء كانوا ومازالوا يمثلون العمود الفقري لهذا التنظيم التكفيري، وانهم من نفذ جريمة سبايكر البشعة. من اهم المؤشرات التي تؤكد على وجود مخطط لاعادة صياغة العملية السياسية في العراق برمتها، لتكون على قياس البعثيين ورموز النظام السابق، وهو مخطط جاء لارضاء قوى اقليمية في مقدمتها السعودية وتركيا: 1- التنسیق الامریکی المریب مع ارباب "داعش" مثل تركيا والسعودية والامارات لمكافحة "داعش"!!. 2- التدخل الامريكي في التشكيلة الوزارية للسيد العبادي وخاصة الوزرات السيادية. 3- الموقف الامريكي السلبي من الحشود الشعبية التي لبت نداء المرجعية وكانت السبب الرئيسي في وقف تقدم "داعش". 4- الحديث عن استراتيجية امريكية لتشكيل قوات نظامية من المعتدلين "السنة" في المحافظات الغربية في العراق. 5- اصرار امريكي على تشكيل "تحالف سني " اقليمي ليكون عونا ل"سنة" العراق. 6- القاءات التي تجريها شخصيات امريكية مع عدد من شيوخ العشائر داخل العراق والاردن وتقديم ضمانات بمكاسب سياسية ورفع "المظالم" عنهم!!. 7- وقف کل الملاحقات القضائية ضد من تورطوا في اعمال خيانية وارهابية من امثال اثيل النجيفي و رافع العيساوي وأحمد العلواني وغیرهم تحت ذريعة المصلحة الوطنية!!. 8- الاصوات التي اخذت تتعالى من الان، محذرة من سقوط مدنيين في المناطق التي تسيطر عليها "داعش"، وهي اصوات تهدف الى وضع عقبات امام اي تحرك عسكري ضد "داعش". لقد بدا واضحا ان امريكا تمارس سياسة في غاية الخطورة في العراق مبنية على وضع العراقيين بين شرّين، شر "داعش" وشر رموز النظام الصدامي، ووسيلة امريكا في تنفيذ هذه السياسية هي "داعش"، وجميعنا يتذكر كيف رفض الرئيس الامريكي باراك اوباما تقديم اية مساعدة للعراق الا بعد تنفذ السلطات العراقية شروط وضعتها الادارة الامريكية، بينما "داعش" تقترب من ابواب بغداد وترتكب الفظائع. الاهداف التي تختفي وراء هذه المساعدات هي التي عناها سماحة السيد السيستاني عندما قال بالنص: "على جميع الدول المشاركة في عملية القضاء على تنظيم "داعش"، لكن هناك عدة أمور يتعين على القيادات السياسية في البلاد أن لا تنساها، اولها أن لا تجعل عملية مساعدة العراق في حربها على تنظيم داعش، بابا للمساس باستقلالية القرار السياسي العراقي، ولا يأخذ هذا الامر مدخلاً للتدخلات في الشأن العراقي، وذريعة لهيمنة القرار الاجنبي في العراق، وبالخصوص القرار الأمني". اخيرا ان على الحكومة العراقية و القيادات السياسية في العراق، ان تضع تحذير السيد السيستاني، نصب اعينها، عندما تتعامل مع التحالف الدولي لمكافحة "داعش" وعلى راس هذا التحالف الولايات المتحدة الامريكية، فالدول ليست جمعيات خيرية جاءت للعراق لمساعدة شعبه انطلاقا من دوافع انسانية، وعلى هذه القيادات ان تعتبر استقلال القرار السياسي والامني خطا احمر، لا يجب تجاوزه تحت اي ظرف كان، مادامت الحكومة تحظى بتاييد الشعب العراقي الذي وقف الى جانبها وجانب نظامه السياسي في احلك الظروف، ومادامت الحكومة تحظى بدعم المرجعية العليا المتمثلة بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني، الذي اثبت وفي اكثر المراحل تعقيدا، بانه بوصلة العراق والعراقيين. *منيب السائح / شفقنا