أكد رئيس البرلمان العراقي د. إياد السامرائي رغبة الحكومتين والبرلمانين والشعبين الكويتي والعراقي في احتواء المشاكل وإيجاد أدوار تساعد على حلها في ظل الروح الإيجابية التي ساهمت في احتواء التصريحات الاستفزازية التي حصلت بين بعض النواب في البلدين.
وقال السامرائي في لقاء مع «القبس» إن التحفظ الكويتي على إخراج العراق من البند السابع لم يكن على عموم القضايا بقدر ما هو متعلق بمصالحها، مثمناً الرغبة الكويتية في دعم العراق للخروج من الأعباء المترتبة عليها بموجب الفصل السابع.
وأضاف السامرائي: أما قضية ترسيم الحدود فقد تم تحديدها وفقاً للقانون الدولي ولا توجد أي مصلحة للحديث عن شرعيتها على الرغم من تغييرها وتأثر بعض العراقيين من هذا الإجراء، مشيراً إلى أن العراق يمر حالياً بمرحلة حساسة بعد تجاوز مرحلة الاحتلال والبدء في عملية الإعمار. وفي ما يلي نص اللقاء:
• ما رأيك بالتراشق الذي حصل بين بعض النواب في مجلسي الأمة الكويتي والعراقي؟
ــــ الكويت والعراق يعيشان حالة ديموقراطية، ونحن لا نستطيع منع أي نائب من الطرفين التصريح بتصريحات استفزازية ولا تستطيع الكويت حكومة أو برلمانا أن تمنع مواطنيها من التصريح.
وعلينا عدم الوقوف على مثل هذه التصريحات بقدر السرعة التي تمت لاحتوائها، وما أسعدني هو الروح الإيجابية بين العراقيين والكويتيين لتطويق هذه التصريحات وهو دليل على الرغبة في إطار البلدين ممثلين بالحكومتين والبرلمانين والشعبين في احتواء المشاكل وإيجاد أدوار تساعد على حلها.
• هل ستطرحون خلال محادثاتكم خروج العراق من البند السابع؟
ــــ وردت أخبار ان الكويت كانت متحفظة على هذا الموضوع لشعورها بأن هناك التزامات عراقية لم يجر تحقيقها، ونعلم ان تحفظ الكويت لم يكن على العموم بقدر ما هو متعلق بمصالحها.
وسنحاول تفهم هذا الأمر وكيفية التعامل معه مستقبلا، وفي تصورنا ينبغي الا تكون العلاقة بين البلدين محكومة بإرادة الامم المتحدة وانما محكومة بارادة الشعبين والحكومتين، ومن خلال التعاون والتفاهم، مما يعوض عن القرارات الصادرة عن الامم المتحدة.
وهناك تصريحات ورغبة كويتية في دعم العراق بالخروج من الاعباء المترتبة عليها بموجب الفصل السابع، وهو ما صرح به رئيس مجلس الامة الكويتي الذي يعبر عن التوجه الكويتي بهذا المجال.
• هناك مشاكل عديدة مازالت عالقة بين البلدين مثل الحدود والتعويضات والديون؟
ــــ المشاكل الموجودة بين البلدين متعددة ولقد اطلعت على هذه الملفات من قبل وزارة الخارجية العراقية، والعقبات الموجودة فيها، وبالنظر اليها تبين انها مشاكل قابلة للحل ولكن لم تكن هناك مثابرة ومتابعة مستمرة بحلها، حيث ان اللجان المشكلة يتعثر عملها.
وطالما نحن في بلدين ديموقراطيين فلا بد للبرلمان ان يأخذ دوره في متابعة الحكومتين لتسريع إنجاز كل المتعلقات بهذه الملفات. واذا كانت ممكنة الحل فان الأمر قد يقتضي اتفاقية او توقيع وثيقة تفاهم او بروتوكول للمعالجة فان ذلك يحتاج الى الضغط والزخم البرلماني للتعجيل بانجاز هذه الملفات.
ترسيم الحدود
• هل تعتبرون ان ترسيم الحدود اصبح محسوما بموجب القرار 833؟
ــــ اذا تحدثنا باطار القانون الدولي فانه حدد هذه المسألة، ولا توجد مصلحة حاليا للحديث عن شرعيتها، والكثير من الوقائع التي ثبتها مجلس الامن قد تتكيف معها وفق الواقع الذي نحن فيه ونعمل بمقتضاه ونتجاوز ما ترتب على هذا الامر من سلبيات.
والحدود تم تغييرها وتأثر بعض العراقيين في هذا الامر وكذلك الملاحة العراقية تأثرت، وكلها امور تحتاج إلى إجراءات وعلاجات، بحيث لا يشعر العراق بانه قد تضرر وكذلك الكويت. وعليهما التعامل مع الواقع من خلال ما يقومان ببنائه من علاقات لمعالجة الاشكالات التي ترتبت على هذا الواقع.
• هل لديكم مطالب معينة ستتقدمون بها خلال زيارتكم؟
ــــــــ لدينا مسألتان احداهما خاصة بمجلس الامة وهي العمل على تكوين لجنة عراقية كويتية تتابع الملفات وتطلع على جميع التطورات وتحيط المجلسين بتطورات هذه الملفات، لسرعة الانجاز.
والمسألة الاخرى هي ان العراق يمر حاليا بمرحلة حساسة، حيث كان يمر بمرحلة احتلال وتجاوزها وحاليا ديموقراطية واعمار، وهناك حديث في وسط الشارع العراقي عن الدور العربي في العراق بشكل عام وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية والزيارات واجراءات الفيزا وهو ما نطمح الى تحقيقه.
آثار سلبية
• هل لديكم مقترحات لاعادة ترسيم العلامات الحدودية؟
ــــــــ هذه موضوعات مثارة، ومجلس الامن حدد الحدود الجديدة بين البلدين وهناك لجنة تتابع الموضوع، ونحن نتعامل اليوم مع الواقع الموجود وننظر الى المستقبل بكيفية جعل الواقع الذي تكون لا يؤثر سلبا في العلاقات والتسهيلات الموجودة امام البلدين.
وترسيم الحدود بالشكل الموجود ولد اثارا سلبية على العراق والامر يحتاج الى معالجة من خلال اللجنتين.
المزارع الحدودية
• وما نظرتكم الى مشكلة المزارع الحدودية التي ما زالت موجودة في الاراضي الكويتية؟
ــــــــ نحن لن ندخل بالتفاصيل المتعلقة بهذا الامر وهي مهمة اللجنة العراقية الكويتية المشتركة، وسنبحث دور البرلمانيين لتسهيل معالجة المشاكل وكيف نبني العلاقات بما يجعل حالة الثقة بين البلدين اقوى ويترتب عليه استعدادات افضل للمعالجات الاخرى.
ولدينا رؤية اخرى بما يخص معالجة المشاكل، فإذا كان الطرفان معترفين بصعوبة المعالجة فإنه لا يتعين التوقف عند هذه النقاط المختلف عليها، فتكون عقبة في تطوير العلاقات رغم انه يتعين علينا بناء مصلحة جديدة مشتركة بين البلدين، بحيث تكون اكبر بكثير من الكيفية التي تحل بها المشكلة.
واذا لم تطور الكويت والعراق علاقاتهما في مجالات متعددة فستبقى هذه النقاط الخلافية من دون حل، ولكن اذا تطورت هذه العلاقات في افاق اخرى بديلة ونظرة جديدة للمشاكل وكيفية التعامل معها فإن ذلك سيساعد على حل المشاكل، واكبر خطأ في التفاوض هو في قضية التنازل.
والتفاوض الناجح يكون في طرح أفكار ووسائل جديدة ويرضى بها الجميع وتحقق النجاح.
التزام الكويت
• تعتبر قضية الترسيم الحدودية من أصعب القضايا والكويت ملتزمة بالقرارات الدولية بهذا الشأن؟
ــــ لم يقل أحد من العراقيين أن الكويت لم تلتزم بالقرارات الدولية، وكذلك العراق لم يقل انه لا يلتزم بالقرارات الدولية ولكن التطبيق الحرفي والنصي للمسائل فيه مقدار كبير من الصعوبات.
• ما مقترحاتك التي ستحملها للقيادة السياسية لحل المشاكل؟
ــــ لا نريد أن تكون مقترحاتنا إعلامية وهي ليست حلولا جاهزة بل هي أفكار للنقاش، ولذلك فان احد حلول المشاكل هو بناء مصلحة أكبر من المصلحة المتحققة.
ونحن لسنا بدلاء عن الحكومة العراقية وهناك لجان مشتركة تعمل لكن مهمتنا أن نجعل الأجواء العامة وبناء المصالح والعلاقات، مما يجعل الأجواء سهلة أمام الحكومتين. ولذلك سنسعى إلى تشكيل لجنة برلمانية كويتية عراقية معنية بمتابعة جميع ملفات العلاقات بين البلدين، وجزء من مهمتها النظر بالملفات العالقة وكيف تستطيع المساعدة في حلها.
الانسحاب الأميركي
• الانسحاب الأميركي من المدن العراقية ترافق مع نصائح وتحذيرات أميركية حول ضرورة المصالحة الوطنية العراقية، وحكومة المالكي اعتبرت حديث نائب الرئيس الأميركي بايدن أنه تدخل في شؤونها الداخلية، فهل هذا يعني أن هناك إرباكات ومشاكل سياسية وأمنية ستحصل بعد الانسحاب الاميركي؟
ــــ مشروع المصالحة الوطنية لابد منه، والخلاف الموجود هو البعد النهائي لهذا المشروع وهو هل تشمل المصالحة البعثيين أم هم غير مشمولين، ونحن في كل الحالات لا نحسم القضايا من خلال التخندق ولذلك لابد من الحوار، ونحن في حاجة إلى مصالحة.
والحكومة العراقية مارست أوجها من المصالحة رغم أنها لم تمارس ببعدها الكامل والمطلوب، لأننا لم نحدد مفهوم هذه المصالحة، وكذلك نحتاج إلى جهد عراقي مع التأييد الخارجي له من خلال ممارسة عوامل الضغط على الفئات والجماعات التي استقرت بالبلد وجعلته منطلقا لها.
وعندما تشرف الدول المعنية والمجاورة للعراق على هذا الموضوع وتتفهم الموقف والإجراءات العراقية فإنهم سيكونون عنصر ضغط على هذه المجاميع التي تشكل معارضة.
• من هي الدول التي تقصدها؟
ــــ المعارضون لنظام الحكم الحالي بالعراق موجودون في سوريا والأردن ومصر، وبعضهم موجود في تركيا وإيران، ونحن ندعو إلى مصالحة عامة يترتب عليها أن يتعاون الجميع على إيقاف العنف ويشاركوا في بناء الدولة ولا يكون هناك مانع سوى مانع دستوري.
• هل يعني ان العلاقة بين العراق ودول الجوار مرشحة للتحسن ام ان ذلك يتوقف على مواقف ايران وسوريا وتركيا؟
ــــ علاقة العراق بمعظم الدول المجاورة جيدة، سواء مع تركيا أو سوريا والاردن ومصر والكويت، ويمكن مازالت هناك شائبة مع السعودية ونأمل حلها في ظل تعيين سفير للعراق في المملكة، وهو احد افضل السفراء الموجودين، وكذلك لا توجد تصريحات سلبية من السعودية تجاه العراق.
دفع التعويضات
• كان هناك حديث عن وقف العراق دفع التعويضات للكويت وغيرها من الدول باعتبار عدم وجود مبالغ مالية ولأن الديون ناجمة عن مشاريع وجيش النظام البائد،وفي الوقت نفسه تشير التقارير الى وجود هدر بالأموال داخل العراق؟
ــــ العراق لا يستطيع التوقف عن دفع التعويضات وهي تستقطع بشكل مباشر بمقتضى القرارات الدولية.
• ولكن هناك مطالبات بوقف دفع هذه التعويضات؟
ــــ الديون سنتركها، خصوصا ان الكويت لا تطالب بها، والموقف الكويتي طلب بحث هذا الموضوع في وقت لاحق وهي ليست ملحة في مطالبة العراق بتسديدها لطبيعة العلاقة بين البلدين.
وفي ما يخص التعويضات فهي صادرة بقرارات من الأمم المتحدة، وبالتالي فان العراق ملزم بتسديدها من خلال استقطاعها ورصدها بصندوق التعويضات للصرف منها للكويت والسعودية واقطار اخرى.
والموقف الشعبي العراقي له وجهة نظر في انه لم يكن يسعى الى الحرب واعتراف المجتمع الدولي بان النظام السابق لا يمثل ارادة العراقيين، فتم اتخاذ القرار باسقاط النظام عسكريا من قبل الامم المتحدة، وهي تفرض على الشعب العراقي الذي يعتبر ضحية تفرض التعويضات على ما قام به النظام، فيشعر الشعب بازدواجية في التعامل مع هذا الملف.
والعراق يسعى الى تخفيف آثار قرار دفع التعويضات ونعلم بوجود رغبة دولية بالاضافة الى رغبة كويتية لمناقشة هذا الموضوع وايجاد وسائل لتخفيف الآثار المترتبة على العراق نتيجة هذه القرارات.
المؤتمر الصحافي
وأعلن رئيس البرلمان العراقي د.اياد السامرائي عن تشكيل لجنة بين البرلمانين العراقي والكويتي، فيما اشاد بالحفاوة البالغة التي قوبل بها من سمو امير البلاد وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الامة.
وقال السامرائي في مؤتمر صحفي عقده امس في مجلس الامة عقب اجتماعه بالرئيس الخرافي: «بالامس بدأت المباحثات الرسمية، والتقينا سمو الامير، وسمو ولي العهد، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح {مبينا} ان المباحثات ركزت على الوشائج الكويتية العراقية وسبل تطويرها».
وافاد السامرائي ان سمو الامير عبر عن رغبته العميقة في تحسن العلاقات بين البلدين على الصعد كافة، ونوقشت افكار اولية تصب في هذا القالب، واضاف: «وبالامس ايضاً قابلنا في مجلس الامة رئيس البرلمان جاسم الخرافي، وعدداً من النواب، ودخلنا في حديث تفصيلي عن بعض الامور، فضلا عن طرح اوجه التعاون بين الكويت والعراق، ودعم العلاقة بين البلدين، واهمية وجود لجنة مشتركة لتطوير العلاقات، وتبادل الزيارات وازالة أي معوقات او خلاف قد يحدث لاي سبب معين».
واعلن السامرائي «انه وجه دعوة للرئيس الخرافي لزيارة العراق، وبدوره وجه الدعوة الى النواب العراقيين، وفتح باب التباحث حول اي موضوع».
وذكر السامرائي «ان لجنة الصداقة التي ستنبثق عن المجلسين الكويتي والعراقي، نأمل ألا تنحصر في ملف معين، وانما تتمدد لتشمل العلاقة بشكل اوسع واشمل، والحمد لله ان التجاوب مع وجود اللجنة كان واضحاً من قبل النواب الكويتيين»، مشددا على «اننا لسنا بدلاء للجهات الرسمية، فهناك لجان بين البلدين، وهذه اللجان تعمل برعاية الامم المتحدة، وتجتمع وتقوم بدورها، وانما نعمل جميعا من اجل استمرار جدية العمل، وعدم تأخيره، وايجاد المناخ الشعبي المناسب لانجاح اللجان».
وبين السامرائي «ان الموقف الكويتي واضح بخصوص معاونة العراق، والوقوف الى جانبه، ومع عدم الاغفال ان هناك استحقاقات، وبعض القرارات الدولية التي لا تعتبر شأنا كويتياً، ونحن نعمل معاً ضمن القرارات الدولية، وسنعمل من اجل انجاز الملفات العالقة، لكي يخرج العراق من كل استحقاقات البند السابع، الذي بمقتضاه جرى فرض عدد من القرارات على العراق»، لافتاً الى ان هناك قرارات نفذت، وبعضا منها يحتاج الى الوقت كي ينفذ، ولاريب ان التجاوب الكويتي العراقي من شأنه ان يعالج مثل هذه القرارات. أكد مقرر لجنة الشؤون الخارجية النائب مسلم البراك ان احداً في الكويت لا يملك حق تشكيل لجان مشتركة بين العراق والكويت من اجل بحث الاوضاع العالقة بين البلدين كالتعويضات والديون والاسرى، خصوصاً ان مثل هذه القضايا محكومة بقرارات دولية صادرة عن مجلس الامن.
أقرأ ايضاً
- مليون مسافر على متن الطائر الأخضر
- الحكومة العراقية تعدّل قراراً خاصاً بالتبرع من رواتب موظفيها الى لبنان وغزة
- السوداني يؤكد رغبة العراق بوضع آلية لتطوير العلاقة مع روسيا