- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الكونفيدرالية لا تنفع البارزاني
حجم النص
بقلم /سالم مشكور/.. لا مصلحة لرئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني في أن يهدد بالاستقلال والاتجاه الى اتحاد كونفدرالي مع العراق , مثل هذه الخطوة ستشكل تراجعا الى الوراء وحرمانا من إمتيازات عديدة تتحقق من البقاء على الوضع الحالي الذي لا تنطبق عليه كل الأسماء والمواصفات المعروفة للدول. فالاتحاد الكونفدرالي هو إتحاد أخلاقي طوعي بين دول مستقلة تحتفظ فيه كل دولة باستقلالها الكامل مع إنشاء مجلس تنسيقي أعلى وربما هيئات متعددة تختص كل منها بالتنسيق بين دول الاتحاد في شان من الشؤون. في الاتحاد الكونفدرالي لا تعطي دولةٌ لدولةٍ سبعة عشر بالمئة من ميزانيتها السنوية (أو أية نسبة) كما يحدث الان مع الاقليم، بل تملك كل دولة ثرواتها وتتصرف بها كما تشاء (كما في الاقليم الان) وفق قوانين وآليات تتيح استثمار الثروات لمصلحة البلد ككل، وليس لحساب حزب أو عائلة (كما تدعي المعارضة الكردية حصوله في الاقليم الان). إذن فما هو موجود الان في العراق يتعدى حدود الفيدرالية بكثير. فهو شكل جديد يجمع للاقليم مزايا الاستقلال والفيدرالية في آن.فدرالية تضمن حصة من ميزانية البلاد تواجه إعتراضاً ممن يقولون انها أكبر من نسبة سكان الاقليم مع إمتيازات تأتي من المشاركة في الحكومة الفدرالية لا تقف عند السدود التي موّلها البنك الدولي خلال الحكومة السابقة ليجري توجيهها الى الاقليم، الى جانب المكاسب المتأتية من الصراع الشيعي – السني والتي لم تتوقف عند حدود المواد الدستورية التي تعطي إمتيازات للاقليم وأرجحية لقوانينه على قوانين المركز وتدعيم ذلك بمواد تجعل عملية تعديل الدستور شبه مستحيلة. هذه الحقوق والمكتسبات لم يقابلها حتى الان أداء الكثيرمن المسؤوليات والواجبات التي يرتبها النظام الفدرالي على الاقليم حيال السلطات الفدرالية، بل ان ما حدث هو إستقلال في كل شيئ تقريبا وعدم إلتزام بالصلاحيات الفيدرالية مثل استخراج النفط وتصديره، والهيمنة على الحدود ورفض تواجد الجيش الاتحادي فيها، والهيمنة على النقاط الحدودية والاستحواذ على عائداتها الجمركية ومنح الفيزا للاجانب من سلطات الاقليم وخلافا للضوابط الاتحادية، وإمتلاك سلاح ثقيل لقوات البيشمركة (باعتراف مسؤول يطالب بوزارة البيشمركة لحزبه بحجة انه يمتلك كتيبة دبابات)، ورفض لعمل مؤسسات دستورية إتحادية في الاقليم مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وهيئة الاعلام والاتصالات، وغيرها مما يطول حصره من صلاحيات السلطة الاتحادية التي ترفضها سلطات الاقليم. رفض الالتزام بالمسؤوليات الاتحادية لا يقتصر على إجراءات رسمية بل هو ثقافة تعمل الاحزاب الكردية، سواء عمدا أو جهلا، على ترسيخها في نفوس العامة بدل معالجة ما بقي منها من مرحلة هيمنة المركز السابقة ابان الدكتاتورية. مع وجود تفاوت في بين الاحزاب في موقفها من بغداد وتطلعاتها نحو الاستقلال،أو على الاقل توقيت هذا الاستقلال وجدوى التوتير مع بغداد في ظل عدم توفر ظروف هذا الاستقلال.الاختلاف حول هذا الامر بين الاحزاب الكردية لا يمكن فصله عن سلّة الخلافات التي حالت دون تشكيل حكومة الاقليم حتى الان، رغم مرور شهور عديدة على الانتخابات البرلمانية. وفي هذه الخلافات تفاصيل عديدة بينها مصير عائدات التصديرغير الشرعي للنفط والتي لا تدخل ميزانية الاقليم ولا أحد يعلم جهة إنفاقها. من هنا فان الكونفدرالية التي يهدد بها السيد البارزاني ستشكل عودة (إقتصاديا على الاقل) الى الوراء بالنسبة له، حتى لو ساعده “المستشارون” الاجانب الخبراء في “ضم الاراضي” في إلحاق المناطق التي يطالب بها، بخارطة الاقليم. فالمشاركة في موارد العراق ستنتهي، وسيكون لزاماً الاعتماد على نفط الاقليم الذي لابد ان تكون موارده حينها في دائرة الضوء بالنسبة لابناء الاقليم وأحزابه.