- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
زيارة اوباما للمنطقة مدلولها واهدافها ..!
حجم النص
بقلم :شاكر فريد حسن
من نافلة القول ان الزيارة ، التي سيقوم بها الرئيس الامريكي اوباما للمنطقة اليوم ، وهي الزيارة الاولى بعد انتخابه لولاية جديدة، هي زيارة استطلاعية و"سياحية" ، وكغيرها من الزيارات السابقة لرؤساء واشنطن ، فهي لا تحمل في طياتها اي مبادرة سياسية او مقترحات جديدة بخصوص قضية استمرار الاحتلال للاراضي الفلسطينية ، واحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة بسبب التعنت الاسرائيلي وتمسكه بلاءاته المعروفة . انها زيارة بلا افق سياسي، ولا تعطي اي زخم للعملية السلمية ، وبدون مؤشرات ايجابية تعطي املاً حقيقياً وجدياً بمفاوضات سلمية جادة على اساس قرارات الشرعية الدولية ، التي تضمن حق شعبنا الفلسطيني المشروع بالعودة وتقرير المصير واقامة دولته الحرة المستقلة فوق تراب وطنه ، في حدود العام 1967.
ان مواقف امريكا باتت معروفة للجميع ، والسياسة الامريكية في الشرق الاوسط واضحة تماماً فهي منحازة بشكل كامل ومطلق لحكام اسرائيل وسياستهم العدوانية والتوسعية الاستيطانية الاحتلالية باعتبار اسرائيل الحليف الاستراتيجي لها وحامية مصالحها في المنطقة . ان باراك اوباما في هذه الزيارة ، التي وصفها البعض بـ "التاريخية" ليس في جعبته اي شئء جديد ، ولا يحمل افكاراً تدفع العملية السلمية الى امام ، ولن يفعل شيئاً امام التعنت والرفض الاسرائيلي والتوسع الاستيطاني السرطاني في المناطق الفلسطينية والقدس الشرقية . انه يريد بان تستأنف المفاوضات العبثية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي دون ان يتوقف الاستيطان ، وهذا الموقف كان قد عبر عنه حين اعلن على الملأ بأن وقف الاستيطان مسألة تم تجاوزها ، وهو يخبئ في اعماقه اجندة غير معلن عنها، في صلبها ومركزها الملف السوري والخطر الايراني في المنطقة .
ومن الواضح ان هذه الزيارة تكمن اهدافها في تأكيد الدعم الامريكي لاسرائيل عدا عن تكريس عربدتها وهيمنتها على كامل المنطقة العربية ،وتعميق مصالحها ومصالح ربيبتها الابدية والمدللة "اسرائيل" وحلفائها من العرب المتامركين والمتصهينين ، والضغط على محمود عباس والقيادة الفلسطينية لاجل استئناف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي بدون شروط مسبقة، ودون مطالب المفاوض الفلسطيني بوقف الاستيطان واطلاق سراح الاسرى في المعتقلات الاسرائيلية ، وكذلك بهدف تمرير المشروع الكوليونالي الامبريالي الصهيوني الساعي الى تبديد وتصفية القضية الوطنية الفلسطينية والغاء الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني وحرمانه منها.
باختصار شديد يمكن القول انه من الوهم تعليق الآمال العريضة على زيارة اوباما للمنطقة ، فهي لا تحمل اي بشائر لشعبنا الفلسطيني ، ولا تصب في صالح شعوب المنطقة باسرها ، وانما تصب في خدمة امن ومصالح اسرائيل وسياستها الاحتلالية العدوانية . ولعل افضل رد فلسطيني على هذه الزيارة المشؤومة هو بتصليب الموقف الفلسطيني الموحد لافشال الجهود والضغوطات الامريكية على القيادة الفلسطينية بغية استئناف المفاوضات العبثية المعروفة نتائجها مسبقاً ، علاوة على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتسريع المصالحة الوطنية بين حركتي "حماس" و"فتح" ، وانهاء الانقسام والتشرذم المعيب والمؤلم والمضر في الشارع الفلسطيني ، الذي لا ولن يستفيد منه سوى اعداء شعبنا ، الثالوث الدنس الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية.