- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإساءة لنبينا الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وماذا يستوجب الرد على تلك الإساءات؟ / الجزء الرابع والأخير
حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
وفي جزئنا هذا سوف نستكمل ما بدأنا به ونقول وبعد استعراض كل مديات هذه الحملة الشرسة وإبعادها الخطيرة والتي تضافرت بها كل قوى الشر والتي تريد النيل من ديننا الحنيف ممثلة برسولنا الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وهي التي قمة الهجمة والتي ابتدأت منذ ميلاد الدعوة المحمدية لتصبح في قمتها وأوجها مايحدث الآن من اتحاد كل هذه القوى الشريرة ومن مختلف الاتجاهات والمذاهب في سبيل محو هذا الدين والذي جاء وبنبيه الأكرم محمد روحي له الفداء رحمة للإنسانية وللعالم أجمع وعكس مايروج له المعادين له وليكون الدين الناسخ لكل الأديان والخاتم به الرسالات.
وبدورنا نتساءل هل كنا نحن ومن جميع المذاهب والملل بحجم هذا التحدي والمواجهة الشرسة لديننا الحنيف؟ وبالتأكيد ومن خلال استقرائنا لمجريات الأحداث سوف تكون أجابتنا كلا لأنه لو لاحظنا حالنا ووضعنا فهو بائس ويبعث على الشفقة والسخط في آن واحد وقد أشرت إلى ذلك في ختام مقالي في الجزء الثالث من موضوعي هذا والذي ذكرت فيه حديث النبي الأعظم (ص) عن تداعي الأمم علينا وتكالبها والذي أخبر به صحابته ومنذ ذلك الزمان وماقاله يتحقق الآن وبمنتهى الدقة والتفاصيل وهذه هي عظمة رسولنا الحبيب والتي حباه الله سبحانه وتعالى في أنه أخبره بكل شيء وهذا الوحي الآلهي والتي اختص بها سيدنا وحبيبنا محمد(ص) وهو التميز الذي تميز به عن باقي الرسل والأنبياء حيث أعطاه علم الأولين والآخرين وعلم الساعة.
فلو نظرنا إلى حالنا لوجدنا أن ديننا الإسلامي قد تفرق إلى طوائف وملل والتي بعضها مخالف لديننا الحنيف وللرسالة المحمدية والتي ما انزل الله بها من سلطان وهذا مصداق لحديث الرسول الأعظم محمد(ص) في قوله ((ستفترق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"، قيل: ومن هم؟ قال: "الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي))(1)
والتي لم يصرح من هي الحبيب أبي الزهراء روحي له الفداء ومن خلال النظرة الموضوعية لكل المذاهب والتي يجب أن يقر بها كل منصف أن يعرف من هي الفرقة الناجية ولكن نحن نقول ذلك لأن الله سوف يحكم في ذلك وهو خير الحاكمين.
وقد ظهرت مذاهب تكفر المذاهب الأخرى لتصبح شعاراتها قائم على القتل والعنف في الذي يخالف منهجها وهي فرق ومذاهب وجدت لتشويه ديننا الإسلامي وعملت أيادي خفية وراء خلق تلك الفرق الدموية والغاية منها تشويه ديننا الحنيف وهي الوهابية والسلفية والقاعدة والتي هي معروف من خلقها حيث تم أنشاؤها من قبل المخابرات الأمريكية والسعودية والدولة القزم قطر وتم الدعوة بحجة الجهاد ضد السوفيات في أفغانستان وفي الشيشان ولتصبح بعد من اشد أعداء أمريكا والعالم بعد إن تم تدريب إفرادها من قبل(CIA)والدول السائرة في ركابها ولتصبح من اشد المنظمات إرهابية ودموية ولترفع هذه المنظمات شعارات الإسلام وديننا ولتقتل كل من يخالفها باسم الدين والإسلام والتي عندما عرض الفيلم المسيء للحضرة النبوية الشريفة تخرج من جماعاتهم من السلفيين والأصوليين ومن إذنابهم في مظاهرات غوغائية حيث شاهد العالم مدى تخلفها وجهلها والتي لم تجلب إلينا إلا المزيد من التشويه والتحريف في ديننا الحنيف ولتزيد مزيد من الإساءات الى نبينا الأكرم محمد(ص) والتي كانت هذه غاية الصهاينة والمسيحيين التبشيريين وكل من يسير معهم وتبعهم الكثير من الناس الغوغاء والتي قد وصفها سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) في حديثه عندما قال ((يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها.. فأحفظ عني ما أقوله لك: الناس ثلاثة: فعالم رباني.. ومتعلم على سبيل نجاة.. وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لا يستضيئون بنور العلم؛ فيهتدوا، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق؛ فينجو)) فكان ماحصل .
ولنأتي إلى الجهات مثل الليبراليين والعلمانيين من المثقفين فكانوا هم الآخرين في الصف المضاد لديننا ونبينا الأكرم محمد(ص) فعندما بدأت المظاهرات والاحتجاجات ومن مظاهر غير حضارية أخذوا ينشرون إلى كل ماهو يسيء إلى هذه الاحتجاجات وهذا مالاحظته من خلال مانشر في الفيس بوك والنت وذلك من خلال ماقام به السلفيين من أمور تم ذكرها في أجزائنا السابقة من قتل وسلب ونهب وحرق ولم يحاولوا نشر الجانب الحضاري الأخر من احتجاجات سلمية والتي حدثت في الكثير من عالمنا العربي والإسلامي ودحض محاولات الصهاينة ومن لف لفهم في تشويه ديننا الحنيف بل كانوا ومن حيث لايدرون أحدى العوامل المساعدة في مخططات الجهات المعادية لنبينا الأعظم روحي له الفداء وديننا الحنيف ولم يعوا مخططاتهم الخبيثة التي تحاك ضد ديننا ممثلة بنبينا محمد(ص).
ورب قائل منهم سوف يقول هذا ماقمتم به وهو شأنكم وهو نتاج أيديكم!! ولكن نرد ونقول أليس انتم كنتم من العوامل المساعدة في هذه الهجمة الشرسة ثم إلا يمثل النبي محمد(ص)هو نبيكم وهو رمز لأمتكم التي تنسبون إليها والتي لو تعرض أي أحد من مفكريكم لسارعتم بالرد عليه أو أي شخص من شخوص الحضارات القديمة من الوثنيين وتعتبرونها ذلك مس بالحضارة والثقافة الإنسانية سواء في امتنا أو في العالم.
ونحن بدورنا نتساءل إلا يمثل النبي محمد(ص) رمز إنساني وحضاري عظيم جاهد وناضل في سبيل تغيير المجتمع المتخلف والجاهل وبأبشع صوره ونقله إلى مجتمع حضاري قائم على العدل والمساواة وبأبهى صوره الحضارية الإنسانية وهذا باعتراف الغرب والمنظمات العالمية والمفكرين والذين أقروا بأنه من إحدى الشخصيات العالمية والتي ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية وعملوا من اجل تغيير المجتمعات المتخلفة إلى مجتمع حضاري وإنساني.
والتي لو نقلنا ماذا قال كبار المفكرون والكتاب والفلاسفة لاحتجنا إلى مجلدات من اجل ذلك ولكن نورد البعض منها .
فهذا الأديب الكبير والروائي الروسي والفيلسوف الكبير تولستوي الذي أعجب بالإسلام وتعاليمه في الزهد والأخلاق والتصوف، فقد انبهر بشخصية النبي(صلى الله عليه وسلم) وظهر ذلك واضحا علي أعماله، فيقول في مقالة له بعنوان (من هو محمد؟): "إن محمدا هو مؤسس ورسول، كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد ومنعما من سفك الدماء و تقديم الضحايا البشرية ، وفتح لها طريق الرقي و المدنية ,و هو عمل عظيم لا يقدم عليه الا شخص أوتي قوة ، ورجل مثله جدير بالإحترام والإجلال".
ليختم ويقول " أن شريعة محمد ستسود العالم لأنسجامها مع العقل الحكمة".
وهذا الفيلسوف والشاعر الفرنسي لا مارتين يقول:" إن ثبات محمد وبقاءه ثلات عشر عاما يدعو دعوته في وسط أعدائه في قلب مكة ونواحيها، ومجامع أهلها، وإن شهامته وجرأته وصبره فيما لقيه من عبدة الأوثان، وإن حميته في نشر رسالته، وإن حروبه التي كان جيشه فيما أقل من جيش عدوه، وإن تطلعه في إعلاء الكلمة، وتأسيس العقيدة الصحيحة لا إلى فتح الدول وإنشاء الإمبراطورية، كل ذلك أدلة على أن محمدا كان وراءه يقين في قلبه وعقيدة صادقة تحرر الإنسانية من الظلم والهوان، وإن هذا اليقين الذي ملأ روحه هو الذي وهبه القوة على أن يرد إلى الحياة فكرة عظيمة وحجة قائمة حطمت ألهة كاذبة، ونكست معبودات باطلة، وفتحت طريقا جديدا للفكر في أحوال الناس، ومهدت سبيلا للنظر في شؤونهم، فهو فاتح أقطار الفكر، ورائد الإنسان إلى العقل، وناشر العقائد المحررة للإنسان ومؤسس دين لا وثنية فيه".
اما فضل النبي محمد(ص) على الإنسانية والعالم فيقول الفيلسوف والكاتب الإنجليزي المعروف برناند شو:" إن أوروبا الآن ابتدأت تحس بحكمة محمد، وبدأت تعيش دينه، كما أنها ستبرئ العقيدة الإسلامية مما أتهمها بها من أراجيف رجال أوروبا في العصور الوسطى"، ويضيف قائلا: "ولذلك يمكنني أن أؤكد نبوءتي فأقول :إن بوادر العصر الإسلامي الأوروبي قريبة لا محالة، وإني أعتقد أن رجلا كمحمد لو تسلم زمام الحكم المطلق في العالم بأجمعه اليوم، لتم له النجاح في حكمه، ولقاد العالم إلى الخير، وحل مشاكله على وجه يحقق للعالم كله السلام والسعادة المنشودة".
وبعد أن اطلعنا على بعض المقولات والتي هي نزر بسيط من هذه الإشادات بنبينا الأكرم محمد(ص) لايسعنا إلى أن نثبت ماذا يمكننا العمل تجاه هذه الهجمة الشرسة على الرسول الأعظم محمد(ص) والتي سوف نجملها بعدد من النقاط والتي هي كالآتي :
1 ـ المطالبة بإصدار قانون دولي ممثلة بالأمم المتحدة تتضمن عدم الإساءة إلى الأديان ورموزهم الدينية وهذا مادعا إليه المرجع الأعلى سماحة آية الله السيد علي السيستاني (دام الله ظله الشريف) والدعوة إليها في كل تجمع ومحفل محي أو دولي.
2 ـ تضافر كل الجهود من قبل كافة الكتاب والأدباء والفنانين للرد على هذه الإساءات وبغض النظر عن الفكر الذي ينتمون إليه وعدم التشهير بما فعله الغوغاء من مظاهرات وتدمير وسلب من قبل العلمانيين وهذا مالاحظته من خلال صفحات النت والفيس بوك والتويتر من خلال عرض كل هذه الأمور في صور وتعليقات بل على العكس يجب التوحد ومن خلال عقد الاجتماعات والتنسيق في هذا الأمر لأن سيدي ومولاي نبي الرحمة محمد روحي له الفداء ليس نبي المسلمين ولارمز حضاري وإنساني لهم فقط بل هو رمز لكل العالم وبالأخص في عالمنا العربي والإسلامي والدفاع عنه بكل ما أوتينا من قوة وبشكل حضاري بعيد عن كل المظاهر المسيئة لديننا .
3 ـ وهذا يستلزم الاستعانة بكل الشرائح المثقفة والتي ذكرنا قسم منها في النقطة السابقة من خلال إبراز الشخصية الإنسانية والحضارية لنبينا الأكرم محمد(ص) وهي تحتاج إلى جهد كبير وبحث دقيق ورفع الإساءات عنه والتي في مقدمتها ماعملناه نحن من إساءات تجاه الرسول محمد روحي الفداء واثبات عدم حقيقتها وإنها كتبت الغرض التشويه لهذه الشخصية العظيمة والخالدة عبر كل مراحل التاريخ.
4 ـ وقد لاحظنا أن الغرب قد أشاد بهذه الشخصية من خلال شخصيات مثقفة وفكرية اطلعت على شخصية الرسول(ص)والتي أوردنا جزء من أقوال هذه الشخصيات فحري بكل مثقفينا الدفاع عن هذه الشخصية لأنه يمثل نبيهم ورمز تاريخي لهم وعدم الانكفاء والسخرية من ماقام به جماعة هوجاء بل إبراز الكثير من الاحتجاجات السلمية والحضارية والتي قامت بها الكثير من الدول ومنها العراق وكذلك في دول الغرب لتوضيح مدى سلمية ديننا الحنيف وحضاريته وعدم تصديق كل مايقال عنه من تزوير وتشويه وإبراز السياسة الغربية التي تكيل بميكالين تجاه ديننا وتجاه اللقيطة إسرائيل والتي أوضحنا ماهية هذه السياسة في أجزائنا السابقة وكيف أنها تتبجح بحرية التعبير وعدم كتم الحريات وكبت الآراء بينما تمارسه مع المسلمين من خلال منع المظاهرات والاحتجاجات والتجمعات بحجة عدم إثارة المشاعر وإنها تعطي الحرية الكاملة لطفلتها المدللة إسرائيل.
5 ـ قيام المثقفين والأوساط الفكرية وحتى العلمية ومن مختلف الاتجاهات سواء الدينية والعلمية بتنظيم وقفات احتجاجية سلمية وتعريف العالم بمدى سلمية ديننا وأمتنا والذين تعلمتاها كلها من الرسول الأعظم محمد(ص) على أن يصاحب هذه الاحتجاجات دعوة كل الأوساط المثقفة الغربية والتي تتعاطف مع ديننا وتعرف ماهية ديننا الحنيف وشخصية الرسول روحي له الفداء لتوضيح هذه الأمور وتبيان موقفنا من هذه الإساءات والتي بدورهم سوف يتم نقلها إلى الراي العام الغربي والذي لديه الكثير من الغشاوة في هذه المسألة نتيجة التعتيم والتحريف والذي يمارس من قبل كل الدوائر المعادية لنبينا وحبيبنا محمد(ص) والدين الإسلامي .
6 ـ أن تكون هذه النخب المثقفة هي القائدة لهذه التجمعات والاحتجاجات وأن هي التي تقود الجماهير وتنظيم هذه الفعاليات والقول الفصل في كل هذه الأمور وأن لا تترك لكل من هب من أشباه المثقفين أو المتطفلين وأن يتم تنظيمها بشكل علمي مدروس وأن تأخذ فيها كل الموافقات الأصولية.
كما يجب أن يرافق هذه الفعاليات توزيع المنشورات والتي تبين عظمة نبينا الأكرم محمد(ص)
وسيرته العطرة من خلال عرض سيرته الإنسانية وكيف تم بعثه رحمة للعالمين من خلال تبيان كل مواقفه الإنسانية والرحيمة لكل البشرية وكيف انه خاتم الأنبياء والرسل وأنه حبيب الله وأنه أبو هذه الأمة وكل البشر اليس هو من يقول ((أنا وعلي أبوا هذه الأمة))(2) وإعطاء صفة الأبوة للدلالة على الرحمة والمحبة لهذه الأمة والرفق بالبشر وبيان دور الرسالة المحمدية في بناء الحضارة البشرية وأنه مساهم فعال في بناء هذه اللبنات والاستشهاد بما قاله المفكرين والفلاسفة تجاه نبينا والتي أوردنا جزءً منها والتي يوجد الكثير منها كما يرافقها مطالبة الأمم المتحدة بإصدار قانون يتضمن عدم الإساءة للأديان والتي تم ذكره في النقطة الأولى.
7 ـ وعلى ضوء النقطة السابقة إقامة الفعاليات من تنظيم الندوات والتجمعات الفكرية والتي تتخللها المحاضرات الثقافية حول دور النبي محمد(ص) في بناء الحضارة الإنسانية وماقام به من دور فعال في هذا المجال وأن جل رسالته كانت كلها رحمة ومحبة وتآخي بين البشر ونشر المبدأ التسامح والسلام في رسالته المحمدية و أليس الذي قول في حديثة الشريف
(( جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء))(3)هذا كله تقوم به النخب المثقفة الفكرية ومن كل القطاعات ويكون تلاحم وإسناد من قبل الجميع من أجل إنجاح هذه الفعاليات.
8ـ عمل المسلسلات والتمثيليات ولأفلام التي تركز على الجوانب الخالدة والعظيمة في شخصية الرسول الأعظم محمد روحي له الفداء وهذا يكون بجهود مشتركة من الفنانين والذين يكثر فيهم الأوساط العلمانية ومع الجهات التاريخية والفقهية لكي يتم أنتاج إعمال فنية رصينة يشار لهم لها بالبنان وتسجل كظاهرة فنية في أعادة كتابة السيرة العطرة لنبينا الأكرم محمد(ص)وتثبيت الأطر الصحيحة لهذه السيرة وعدم التركيز وعلى الأغلب في كل الأعمال الفنية السابقة والتي شاهدناها على إن الرسول كان قائد حربي مميز وتسجيل غزواته الحربية بل العمل على توضيح الملامح الإنسانية وهذا يتأتى من خلال إشراك الجهود الفنية والفقهية والتاريخية في جهد واحد ليخرج لنا عمال ذات قيمة فنية تعود بالفائدة لإخواننا الفنانين في حضور المهرجانات والحصول على الجوائز المهمة والقيمة في نظر الجميع وكذلك نفس الشيء تحصل الفائدة لبقية الجهات.
ومن هنا يجب العمل وبجد من أجل نصرة نبينا وحبيبنا أبي الزهراء روحي له الفداء ورب قائل يقول انه شخصية الرسول قد اقتصرت على سرد تاريخي لمعاركه وغزواته، ونقول إن هذا غير صحيح لأنه يوجد الكثير من شخصية الرسول والتي فيها من السفر الخالد لمواقفه الإنسانية والرحيمة بحق أمته والبشر والتي سنذكر نزر يسير منها.
لقد كان أحب شيء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) الصلاة، ومناجاة الله، ولكن يا للعجب حين ترى النبي (صلى الله عليه وسلم) يقصر من صلاة كان يصليها بالناس، وإذا به بعد الانتهاء منها، يبين لهم لماذا قصر من صلاته، فقال: ( إني لأدخل في الصلاة أريد أن أطوِّل فيها، فاسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه).
عندما بلغه أن أحد أصحابه يصلي في جماعة من الناس، ويطيل في صلاته، عتب عليه كثيراً وقال: (أيها الناس، إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف، فإن منهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة). (4)
يدل على هذا ما روي من أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرَّ بيت ابنته فاطمة الزهراء، فسمع الحسين يبكي، فقال لفاطمة: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني(5) ،إنه درس عملي في الرحمة، يحرص النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يعايشه أصحابه.
لقد قالها لهم صراحة، لتطرق أسماعهم، ( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد) (6)، والوالد يرحم أولاده، ويحنو عليهم، ولا يسلمهم إلى المشاق، وبين من لا يلقي لهم بالاً ولا يرقب لهم حالاً، ويمضي في طريقه وحيداً، ليحقق لنفسه العظمة، والخلود، بهذا التميز، كما يتوهم، ولسان حاله يقول، من كان به قوة فليلحق، ومن كانت لديه همة فليصبر.
أما مواقفه في الرفق بالحيوان فلا تعد ولاتحصى والتي أورد منها أمثلة على سبيل المثال لا الحصر منها :
دخل حائطاً ( أي بستانا ) لرجل من الأنصار، فإِذا جَمَلٌ، فلما رأى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- حَنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فمسح سراته إلى سنامه و ذِفْرَاهُ فسكن.
فقال: "لمن هذا الجمل؟
فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول اللّه.
فقال: صلى الله عليه وسلم "أفلا نتَّقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإِنه شكى إليَّ أنك تجيعه وتدئبه". (7)
عن ابن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : لعن الله من مثل بالحيوان ) رواه النسائي وأحمد .
والتمثيل من المثلة وهي تشويه الخلقة بقطع بعض الأعضاء.
وعن امير المؤمنين قال((سمعت عن رسول الله(ص)لايجوز المثلى وحتى بالكلب العقور)).(8)
ونهى الإسلام حتى عن سبّ الحيوان والطير، فقد روى أبو داود وابن حبان عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة).
كما أن هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تكرّم بعض الحيوانات، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة).
والكثير من سور القرآن جاءت على اسم الحيوانات (البقرة، الأنعام، الفيل، العنكبوت، النمل، النحل) وفي قرآننا العظيم تم ضرب الأمثال في القرآن كغراب قابيل وطير إبراهيم وهدهد سليمان وحوت يونس وناقة صالح والذباب والنحل كلها تؤكد على عظمة الخالق واحترام هذه المخلوقات والرفق بها.
وحتى الرسول محمد(ص) انه لم يضرب ناقته القصواء طوال حياته بل كان يؤشر لها بعصاه فتمشي أو تقف أو تبرك لم يعاملها بالضرب قط فهل يوجد مثل هذا الرفق في العالم كله وهل يوجد في الغرب الذي يتباهى بالرفق بالحيوان مثل هذه المعاملة وحتى الأمام علي زين العابدين(ع) كان نفس الشيء يفعل في راحلته والتي لم يضربها طوال حياته.
والحديث عن رسول الله(ص) :
عن امرأة عذبت هرة ولم تطعمها فدخلت النار .
وبغي قامت بأسقاء كلب من البئر فدخلت الجنة دلالة على عظمة الرفق بالحيوان عن نبينا الأكرم محمد(ص) وديننا الحنيف.
"أما عفوه وسماحته فكثيرة منها عفوه عن قريش وعن رأس الشرك أبا سفيان الذي قال لهم أذهبوا فانتم الطلقاء وعفوه حتى عن هند أكلة الأكباد والتي قتلت عمه الحمزة(رض)وحتى أسرى بدر لم يوثقهم بل نهى عن ذلك وإطلاق سراحهم مقابل تعليمهم القراءة والكتابة لعشرة من المسلمين دلالة على محبته للعلم وحتى قتلى بدر من المشركين أمر بدفنهم ولم يتركهم في الصحراء وقصة جاره اليهودي الذي كان يشتمه ويضايقه كل يوم ويرمي بالقاذورات عليه وعندما لم يره في احد الأيام افتقده فسأل عنه فقال له الصحابة أنه مرض فأمر بزيارته فقال له الصحابة انه اليهودي الذي يؤذيك فقال : وان يكن فزاره وعاوده واسلم اليهودي بعد هذه الحادثة والمواقف كثرة حتى عفوه عن قاتله .فأي سماحة وعفو عند نبينا نبي الرحمة.
أما حقوق الإنسان فهي تستوضح في رسالة الحقوق للأمام علي زين العابدين(ع) وتشمل خمسين حقاً على الإنسان ، ابتداءً من حقوق الله تعالى إلى حق نفسه ومحيطه ومجتمعه ودولته ، وحقوق أهل الأديان الأخرى . وتبدأ بإجمال كالفهرس، ثم تفصل الحقوق واحداً واحداً وهي من أعظم الدساتير العالمية لحقوق الإنسان والتي كلها تنهل من الرسالة المحمدية ومن الرسول العظم محمد(ص)."
والشرح يطول في هذا الموضوع ولهذا اطلب من الجميع الالتفات والتكاتف للدفاع عن شخصية نبي الرحمة والإنسانية محمد(ص) ضد الإساءات التي يتعرض والتي الغاية منها تدمير الإسلام وتشويهه وبالتالي تحطيم امتنا العربية والإسلامية في برامج مدروسة ومخططة والتي يجب إن يعي لها كل مثقفينا ومفكرينا للتصدي لهذه الهجمة الظالمة والغادرة وأني اطلب لكل من يقرا مقالي وفي كل المواقع بعمل استطلاع لتوضيح مدى المساندة لهذه الفكرة والتصدي لهذه الحملة مع السهام بعمل إضافات لما ينبغي عمله في تنظيم هذه الحملة من أجل إن تشمل الجميع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ راجع تخريج (السنة) لابن أبي عاصم (63) فما بعده، و(شرح أصول الاعتقاد) لأبي القاسم اللالكائي (1/99- 104) و(الصحيحة) (203)، (204).
2 ـ تفسير العياشين أمالي الصدوق ص213ن معاني الأخبار ص118
3 ـ الكافي 5:494 باب "كراهية الرهبانيّة وترك الباه" الحديث الأوّل، وفيه "بعثني بالحنيفية السهلة السمحة".
ومسند أحمد بن حنبل 5:266، تفسير القرطبي 19:39، الطبقات الكبرى 1:140 وفيها "بُعثتُ بالحنيفية السمحة".
4 ـ البخاري، كتاب الأذان، باب من أخفَّ الصلاة عند بكاء الصبي، ح 1707
5 ـ من أخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم)، ص 210
6 ـ رواه أبو داود 8 [1 /49]،و النسائي 40 (1 / 38).
7 ـ رواه أبو داود وأحمد وهو في السلسلة الصحيحة رقم 20.
8 ـ من وصيته لولديه الحسن والحسين(عليهما السلام) قبل استشهاده وعند إحضار قاتله عبد الرحمن بن ملجم(لعنه الله) أمامه.