- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رياضتنا المدرسية إلى أين ؟؟؟؟!
حجم النص
بقلم / مسلم حميد ألركابي
تشكل العملية التربوية في أي بلد ركناً أساسياً من معالم بناء ذلك البلد أو تلك الدولة ,حيث تستمد العملية التربوية فلسفتها وآليات عملها من خلال الطبيعة الاجتماعية لذلك البلد ,وفي عراقنا الجديد أخذت العملية التربوية على عاتقها مهمة جسيمة وكبيرة وخطيرة بنفس الوقت وهي عملية بناء الإنسان العراقي .ذلك الإنسان الذي عانى الظلم والحرمان والإقصاء والتهميش طيلة عقود طويلة من السنين جراء سياسات الحكومات الجائرة والظالمة والتي جثمت على صدره طيلة تلك الفترة .ونحن اليوم وبعد أن سقط اعتى صنم للديكتاتورية في العالم نعيش مرحلة انتقالية مهمة وهي مرحلة تغيير جديدة وحاسمة ,تغيير بكل مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ,وبديهي القول أن تكون العملية التربوية هي أول من يشهد هذا التغيير والتحول خاصة ونحن نشاهد العالم من حولنا قد قطع مسافات شاسعة في التطور والتقدم والتحضر .ولكي ندخل في صلب الموضوع نود أن نسأل وبكل صدق السؤال التالي ترى ما هو الهدف الأساسي من وجود المدرسة في المجتمع ؟؟؟؟!
ربما يبدو وللوهلة الأولى إن السؤال ساذج إلى حد ما !!! ولكن دعونا نقول هل الهدف الأساس من وجود المدرسة هو لخلق جيل متعلم فقط؟؟؟ , اعتقد ومعي الكثيرون إن الهدف أسمى واكبر من ذلك خاصة إذا ما عرفنا إن المهمة الأساسية للمدرسة هي عملية بناء إنسان متعلم ومثقف ومتحضر ومواطن بمعنى الكلمة .
إذن المدرسة لم تكن بالأساس لكي يدخل فيها الطالب لكي يدرس ومن ثم ينجح ويمضي ,إن مسألة النجاح والفشل في الدراسة مسألة نسبية بحتة لكن يبقى الهدف التربوي هو الهدف الأسمى والأغلى والذي يسعى الجميع لتحقيقه ألا وهو بناء إنسان عراقي وطني متعلم مثقف يرتبط بقيم وطنه وأمته وشعبه بانتماء حقيقي .
ربما نكون قد استطردنا كثيراً ونحن نحاول أن نعالج موضوعاً تربوياً مهماً وهو موضوع الرياضة المدرسية
مما لا يخفى على الجميع إن الرياضة المدرسية تشكل حجر الأساس للرياضة العراقية ومتى ما كانت الرياضة المدرسية بخير كانت الرياضة العراقية بخير وذلك لكون الرياضة المدرسية تمثل المعين الذي لا ينضب من المواهب والطاقات الرياضية الهائلة والتي تزخر بها مدارسنا العراقية .
والذي يتأمل اليوم وبشكل منصف وضع مدارسنا يشهد حجم الدمار الذي أصاب رياضتنا المدرسية والتي تكاد أن تكون قد ماتت في أغلب مدارسنا العراقية ولمختلف مراحلها الدراسية ,فقد تم أطلاق رصاصة الرحمة على درس الرياضة في مدارسنا فلم نعد نشاهد معلم أو مدرس التربية الرياضية بملابسه الزاهية الألوان وصافرته المحببة إلا في يوم الخميس فقط وإثناء مراسيم رفعة العلم هذه حقيقة يدركها الجميع ,بل لقد أسهم الجميع في وصول درس الرياضة إلى هذه الحالة المزرية ,فبعد أن تم اعتماد يوم السبت عطلة رسمية مما جعل إدارات المدارس تقوم بعملية ترشيق وهيكلة للدروس وكان درس التربية الرياضية وكذلك درس التربية الفنية الضحية رقم واحد في عملية الترشيق فإدارات المدارس وأغلبها للأسف تتعامل بنظرة (فوقية) مع الدروس اللا منهجية وبالذات درس الرياضة فقد تم تقليص عدد الحصص بل بعض إدارات المدارس ألغت وشطبت درس التربية الرياضية وكذلك درس التربية الفنية من جدول الدروس اليومي .لأن إدارة المدرسة والسيد المدير يحرص على أن تحقق مدرسته نسبة نجاح عالية فهو يخشى المسائلة ومن ثم العقوبة من قبل المشرفيين والمسؤولين وهذه العقلية للأسف هي اليوم السائدة في اغلب مدارسنا .المهم الطالب يدرس ويدرس كي ينجح أما كيف ينجح؟ ولماذا ينجح؟ ذلك ليس بالأمر المهم ,المهم الإدارة تحقق النسبة وكذلك مدرسو المواد المنهجية والذين يلهثون وراء النسبة والمعيارية فهم يرفعون سياطهم وبطرق مبتكرة بوجه طلابنا وهذه واحدة من أهم أسباب تفشي ظاهرة التدريس الخصوصي .
فإذا كان معلم أو مدرس التربية الرياضية يتعامل مع إدارة تحمل هكذا ثقافة كيف يتسنى له أن يعمل بكفاءة؟؟؟؟!
تلك هي المعضلة الأساسية والتي تعاني منها رياضتنا المدرسية , صحيح كانت هناك معالجات ومتابعات لكنها للأسف كانت معالجات خجولة إضافة إلى إنها كانت تصطدم بطابع الروتين البيروقراطي الذي تعمل به إدارات المدارس ,إن موضوعة الرياضة المدرسية كبيرة ومتشعبة أيضا فقد كانت هناك عدة عوامل ساهمت في تردي واقع رياضتنا المدرسية منها
1 – البنى التحتية المدرسية : حيث نشاهد اغلب المدارس تفتقر إلى ساحة رياضية حتى لو كانت بسيطة ومتواضعة ,وحتى المدارس التي أنشئت حديثاً نراها بنايات عرجاء لأنها بنيت بفكر هندسي أعرج حيث كيف لنا أن نتقبل بناية مدرسة بدون ساحة ؟ألم يفكر السيد المهندس المبجل والذي وضع تصميم بناية المدرسة أين يذهب الطالب أو التلميذ خلال فترة الاستراحة بين الدروس ؟؟؟؟ , لا اعرف كيف يتسنى لهؤلاء أن يعملوا ويصمموا بنايات لأجيالنا تصلح لكل شيء ولا تصلح أن تكون مدرسة !!!!
دعونا نطلع على ما وصل إليه العالم المحيط بنا , متى نتعلم من الآخرين ؟؟؟ ومتى نستفاد من تجارب غيرنا؟؟؟
2 – عدم قبام بعض الكوادر التدريسية الرياضية بمهامها على الوجه الأكمل مما يشكل قصوراً وإهمالا كبيرا لأهمية وجود معلم أو مدرس التربية الرياضية في المدرسة مما يشكل خللاً واضحاً في العملية التربوية بصورة شاملة مما ساعد الآخرين على تهميش درس التربية الرياضية
3 – قلة التجهيزات الرياضية ورداءة المتوفر منها ,للأسف نشاهد إن وزارة التربية تستورد تجهيزات رياضية من منا شيء غير معروفة لكونها رخيصة حيث لا يمكن لهذه التجهيزات أن تلبي الطموح في إخراج درس رياضة بشكل كامل .
4 – طبيعة السباقات الرياضية والتي يقيمها قسم النشاط الرياضي والكشفي والتي تقام للأسف وفق مبدأ (إسقاط فرض) لذلك تكون هذه السباقات عديمة اللون والطعم والرائحة فهي تخلو من المنافسة والندية والتي كنا نشاهدها أيام زمان حينما كانت تقام سباقات ومباريات بين الدارس فالسباقات اليوم عبارة عن روتين ممل لا يغني ولا يسمن من جوع .
5 – آلية السباقات الرياضية المدرسية هي آلية قديمة وعقيمة بنفس الوقت لأنها محكومة بعاملي العمر والتوقيت
حيث تم اعتماد نظام الأعمار في السباقات فأصبح لكل مرحلة دراسية عمر معين يسمح من خلاله للطالب بالمشاركة في السباقات وهذه للأسف بدعة جديدة دخلت عالم الرياضة المدرسية بذريعة باهتة وباطلة وفاشلة بنفس الوقت حيث إن المديرية العامة للتربية الرياضية والبدنية في وزارة التربية تدعي بأنها ومن خلال اعتمادها لأعمار معينة ومحددة في السباقات المدرسية فأنها تساهم بتوسيع القاعدة الرياضية في البلد ناسية أو متناسية إن هناك أندية رياضية ووزارة شباب ورياضة ومراكز شباب وفرق شعبية كل هذه تساهم بتوسيع القاعدة الرياضية وليست وزارة التربية فقط , أما أن تحرم طالب من المشاركة في السباقات المدرسية بذريعة العمر الغير مناسب تلك هي الطامة الكبرى !!!!!
أما بالنسبة للتوقيت فآلية إقامة السباقات المدرسية فاشلة بامتياز لأن هذه السباقات تقام بطريقة خروج المغلوب والتي لا تستغرق وقتاً طويلاً بحيث إن مدرس أو معلم التربية الرياضية حينما يعمل بجد وحرص وإخلاص في إعداد فريق لتلك السباقات يخسر جهده وجهد طلابه إذا تعرض فريقه لخسارة واحدة وهذه بحد ذاتها مشكلة ساهمت في عزوف الكثير من المدارس من المشاركة في السباقات المدرسية رغم تأكيدات وتهديدات قسم النشاط الرياضي والكشفي على ضرورة المشاركة في السباقات المدرسية . ثم إن هذه السباقات أحيانا تجرى في فصل دراسي واحد ولا نعرف الحكمة في ذلك , خاصة واغلب مدارسنا اليوم فيها أكثر من معلم أو مدرس للتربية الرياضية . ترى لماذا لا يتم توزيع المنهاج على مدار السنة الدراسية ؟؟؟؟
6 – غياب المهرجانات الرياضية الشاملة لعموم مدارس المحافظة تلك المهرجانات التي كانت تمثل علامة بارزة ومميزة لمسيرة الرياضة المدرسية .
أن ما ذكرناه غيض من فيض فكما أسلفنا فأن موضوعة الرياضة المدرسية موضوعة كبيرة ومتشعبة فهي تحتاج إلى أكثر من دراسة وأكثر من وقفة خاصة إذا ما علمنا إن الرياضة المدرسية تشكل عصباً مهماً في العملية التربوية الشاملة والتي تهدف إلى بناء إنسان عراقي جديد بكل معنى الكلمة
وليعلم الجميع بأننا نطمح بأن تكون في مدارسنا ملاعب وقاعات رسم وموسيقى وفن مثلما نريد من الطالب أن ينجح ويتفوق فأن الطالب يريد منا أن نوفر له مدرسة يتمكن من خلالها أن يدرس ويتعلم ويلعب ويرسم ويعزف موسيقى ويفعل كل ما يحلم به وفق إطار تربوي صحيح , فالحياة تتسع لكل شيء وتتنوع بكل شيء لذا علينا أن نوفر مدارس جاذبة للطلاب لا مدارس طاردة للطلاب . مدارس فيها الحديقة وساحة اللعب والمرسم وقاعة الموسيقى , لا مدارس عبارة عن كتل إسمنتية صماء ليس فيها روح ولا حياة ,
لأننا شعب يستحق الحياة
أقرأ ايضاً
- أين اختفوا ؟
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة