- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
علــى اطلال مســـرح الرشيـــــــد
حجم النص
بقلم :لطيف عبد سالم العكيلي
يشار إلى المسرح الذي كان الوسيلة الوحيـــــــدة للتعبير الفني منــذ عهد الإغريق ، بوصفه أبو الفنون ؛ لقدرته على الموالفة بين عناصر فنية متعددة .ولفاعلية المسرح في التأثير بالوسط الاجتماعي اعتمدته القيادات الإدارية الألمانية بعد انهيار النازية لتفعيل التحولات الاجتماعية صوب الدولة المدنية الحديثة .وبعد أعوام طويلة من صولات وجولات عمالقة المسرح في العراق الذين خرجت من معاطفهم أعمال مسرحية عملاقة أثرت المشهد الثقافي العراقي بانجازات إبداعية لافتة واحتضنت هذه الاعمال مسارح ألعاصمة بغداد السلام ألتي شكلت مع القاعات التشكيلية وقاعات ألسينما المنتشرة في شوارع بغداد وازقتها ،ولاسيما جانب الرصافة أجمل لوحة فنية ومن هذه المسارح يقفز الى الذهن مسرح الرشيد المعانق أبدا دجلة الخير والخلود والذي شهدت خشبته أروع ألعروض المسرحية العراقية والعربية بل وحتى العالمية ،ولكن أضحى مسرح الرشيد اليوم تشكيلا من الطوب والخرسانة تعلوه الأتربة والأوساخ تعطر ثنايا أروقته بأحاسيس تشعرك بالوحدة والقلق ، ويخيم عليه سكون لا يقوى على بعثرة مجسات هدوئه سوى أصوات القطط الجائعة . هذا الهيكل الفارغ من كل ما يمت للحياة بصلة يخفي في أقبية ذاكرته معالم تجربة مسرحية ارتكزت دعائمها على العلمية والمنهجية ، ما أفضى إلى إسهامها بخلق أجيال من الفنانين والباحثين في مجال المسرح الذين غطت شهرة بعضهم الآفاق. أن اختزال بناية مسرح الرشيد وغيره من دعائم البناء المسرحي من برامج البناء والأعمار يعد إهمالا لأحد صروحنا الثقافيـــــة التي ما يزال وسطنـــــا المسرحي بحاجة إلى تعزيز وتطوير قدراتها ؛ للإسهام بإعداد جيل مسرحي بمقدوره العمل على إشاعة مضامين حضارات وادي الرافدين وتجربة عراق اليوم الناهض إلى مختلف شعوب العالم. ولا أخطئ القول أن سعي الجهات المعنية لتبني مهمة أعادة الروح إلى مسرح الرشيد يفرض عليها انتخاب ما متاح من الحلول الموضوعية في حال تعثر إمكانية إعادة أعماره وتأهيله ، ربما لأسباب تتعلق بملكية البناية آو غير ذلك . ولعل من انجح هذه الحلول وأفضلها هو ما يتجسد بإمكانية استثمار البنايات الحكومية التراثية التي تعاني حاليا من الإهمال ، إضافة إلى تعرضها لأعمال الإزالة على خلفية عرض كثير منها إلى البيع ، بغية تحويلها إلى مشروعات تجارية .
ويمكن القول ، ان تأهيل هذه الدرر المعمارية المتخمة بحوادث ووقائع تعد شاهدا على تاريخ العـــــــراق وعزة مدنيته ، وتوظيفها لمختلف النشاطات الفنيـــــة والفعاليات الثقافيـــة ، ومنها مسرح الرشيد سيفضي إلى الحفاظ على كثير من وثائقنا المادية المهددة بالضياع ، إضافة إلى تفعيل الحركة المسرحية وغيرها من المشروعات الثقافية والفنية .وبصورة عامة ، فإن تراثنا المعماري والثقافي والفني بحاجة إلى جهود تعيد أليه بريقه . تـــــرى هل سيظهر في أفق القـــــــادم من الأيام ما يعكس المقولة الشهيرة : (أعطني خبزا و مسرحا ، أعطيك شعبا مثقفا).
[email protected]