حجم النص
أيام كان الرئيس محمد سياد بري يبسط سيطرته على مقديشو كانت الصومال المستقرة على ساحل الأطلسي تعيش بعض الهدوء ،وتعرف وجهتها ،وكان يسافر ويحضر المؤتمرات، وكان لبلاده سفارات في بلدان عدة ،وكان يباهي إنه على علاقة ودية بصدام حسين .
مطلع تسعينيات القرن الماضي غادر بري قصر الرئاسة ومن يومها تحولت الصومال الى أرض يحكمها أمراء الحرب ويتقاتل فيها الجميع بهدف وبغيره ،إسلاميون على قيوميين مع شوية ليبراليين ،وحاولت واشنطن التدخل لكنها هربت في أول مواجهة حقيقية .
ومن يومها صارت الصومال أرضا للموت ونهاية لأعمار الجياع الصغار منهم والكبار وملاذا آمناً لأصناف من القتلة وأدعياء الجهاد ,ومحطة إختبار لقوى دولية عدة, ولدول جوار طامحة وطامعة وخائفة .ولأجهزة مخابرات متنافسة ثم تحولت الى قاعدة لقراصنة البحار الذين يهاجمون السفن العملاقة ويستولون عليها ثم يطلقونها بعد تلقيهم الفدية .
هل كانت العلاقة الودية بين محمد سياد بري وصدام حسين سببا لأطلاق أسم الصومال على مدرسة إبتدائية تقع شرق بغداد وتفتقد لشروط الحياة الإنسانية في أدنى درجات توفرها ولا أعلم مشاعر الصغار الذين يدخلون صفوفهم وهم يعرفون مسبقا إن مدرستهم تحمل الإسم الذي إرتبط به القتل والجوع والتشرد وفشل الدولة وإقتتال إبناء الوطن الواحد لإسباب في أغلبها تافهة ولا تستحق المناكفة والتلاسن فكيف بالصواريخ والقاذفات والأسلحة الأوتوماتيكية من شتى الأصناف؟.
يمكن للمدرسة تلك أن تدخل جغرافيا, وتاريخ الصومال, وجوع الصومال ,وتشرد أهله, وقتالهم في المنهج الدراسي, وربما تعمد وزارة التربية الموقرة الى طبع كتاب يستلهم التجربة الصومالية في زراعة الموز وتربية البعران لتعليم تلاميذها وإستلهامها لسياسة الزعيم الليبي الهارب معمر القذافي في زراعة الحمص,وكذلك الطريقة التي كانت فيها عبلة كامل تمرر أجوبة أسئلة الإمتحانات لولدها اللمبي، اللهم إلا إذا كان بيع الأسئلة قبيل الإمتحان بساعات قد أغنانا عن اللمبي ووالدته.
لا أدري إن كانت وزارة التربية عندنا ما تزال غافلة عن التسميات غير الصحيحة لعديد مدارسها في البلاد ؟ فليس من المعقول أن تسمى المدارس بأسماء يستحضر من يتعامل بها مشاعر التشاؤم والخوف خاصة كتسمية أحدى المدارس بإسم بلد مظلوم كالصومال حار العالم في الطريقة التي يتم بها معالجة كارثته التاريخية ..
البرلمان العراقي مطالب بتشكيل لجنة تضم عددا من النواب تنسق مع وزير التربية لإعادة تسمية المدارس والمعاهد التابعة لهذه الوزارة بإسماء ذات صلة بالعلم والتربية والتسامح والأخوة وحب الآخر والتعايش السلمي.
أخشى أن تكشف مدارس أخرى تحمل أسماء ذات دلالات لا تبشر بخير عميم يصيب البلاد والعباد, وربما عكر المزاج العام وعطل مشاعر السعادة وقوض فرص التفكير بحياة أفضل ومستقبل تعمده الإنجازات على صعد شتى ..
وفق كل هذه المصائب فان هذا البلد تم تقسيمه عدا عن إمارات ومدن وقرى الى دولتين (الصومال وعاصمتها مقديشو) وأرض الصومال وهي أكثر إستقرار وهدوءاً ولذا أقترح إعادة تسمية المدرسة الإبتدائية تلك, لتسمى (مدرسة أرض الصومال الإبتدائية للبنين).
[email protected]