- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خير الأصحاب ..!!....لماذا ..؟؟
حجم النص
محمد مكي آل عيسى
لقد ورد عندنا في الأخبار أن الحسين صلوات الله وسلامه عليه قد إمتدح أصحابه في قوله (( اللّهم إنك تعلم أني لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي، فجزاكم الله خيراً، فقد .....))
وورد بلفظ آخر ((أما بعد؛ فإنى لا أعلم أصحاباً ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أصحابي وأهل بيتي، فجزاكم الله عنى خير الجزاء، ألا وإني......)) , وبروايات أخرى .
ولسنا بصدد بيان الروايات والإختلاف في ألفاظها , فهدفنا هو الوصول إلى السبب الذي جعل الحسين صلوات الله وسلامه عليه ينعتهم بأنهم خير أو أبر أو أوصل أصحاب .
فهل تعاطف الحسين ع مع الذين وقفوا معه بشدته فأراد أن يقدم لهم شيئا معنويا فإمتدحهم ؟؟
أم أن الحسين ع قال ذلك لزرع الرعب في قلوب أعدائه كون أن الذين يقاتل معهم هم خير الأصحاب ويكون هذا القول مجرد خدعة حرب ؟؟
أم أراد الحسين ع أن يزرع في قلوب أصحابه رباطة الجأش بأن يصفهم بهذا الوصف حتى يضمن وفاءهم ؟؟؟
إن الوصف الذي وصف به الحسين ع أصحابه قد رفعهم إلى ما فوق مستوى أصحاب الأنبياء فوق أصحاب الرسول الأكرم محمد(ص) , فوق أصحاب بدر وأهل بيعة الرضوان .
وكلنا يعلم أن الحسين صلوات الله عليه إمام معصوم لا ينطق بأهوائه ولا يتملق لأصحابه ولا يقول جزافا .
فلا بد من سبب حقيقي يجعل الحسين ع يصف أصحابه بهذا الوصف والذي لا بد أن ينطبق عليهم فعلا .
ولو قارنّا معركة الطف بغيرها من المعارك لوجدنا أن المقاتل الذي يدخل الحرب أي حرب فإنه يواجه إحتمالين أما أن يموت مقتولا أو أن ينجو بحياته , فكل من يدخل المعركة يكون لديه إحتمال وإن كان ضعيفا بالنصر والفوز , وذلك أما بالنشوة المعنوية التي يغرسها الإنتصار بالنفوس وأما المنافع الآنية المادية كالغنائم أو الثأر وأما المنافع المؤجلة كالأجر والثواب , ويتردد المقاتل بين هذا الإحتمال وذاك .
ولكنّ الحب الفطري للحياة وللبقاء المجبول عليه الإنسان بشكل عام يدفع الإنسان للأمل الطويل بأن له نصيب في الحياة وأنه سيعيش بعد الحرب متنعما بالنصر مهما بلغت ضراوة الحرب وشدتها .
فكل مقاتل دخل حربا وإن كان يقاتل بجانب الأنبياء دخل وهو يأمل الحياة والنصر بذلك الدافع الفطري .
إلّا أصحاب الحسين ع , حيث أنهم دخلوا معركة قد حسم أمرها إبتداءا وختمت قبل أن تبدأ على لسان معصوم لا ينطق عن الهوى , فالحسين صلوات الله عليه أخبر أصحابه وأهل بيته أنهم سيرزقون الشهادة ولن يروا نصرا عسكريا أبدا.
القوم يسيرون والمنايا تسير بهم ...........
يا دهر أف لك من خليل كم لك بالإشراق والأصيل
من طالب بحقه قتيـــــل والموت لا يقنع بالقــليـــل ...........
شــــاء الله أن يراني قتـــــيلا .........
أما بعد فمن لحق بنا إستشهد ..........
وغيرها مما أنصف التاريخ ونقله لنا من النصوص
فقتل فيهم الحسين ع ذلك الأمل وذلك الدافع الفطري بحب الحياة والبقاء الدنيويين .
فأصحاب الحسين ع لم يكن فيهم من يفكر بالحياة بعد معركة الطف بل لم يفكر فيهم أحد بالبقاء بعد الحسين ع لذا نراهم تقدموا قبله واحدا تلو الآخر إلى أن بقي وحده صلوات الله عليه .
أصحاب الحسين لم يخرج أحدهم طلبا لثأر أو طمعا بجاه أومال أو نشوة نصر لقد خرج أصحاب الحسين ع وهم يحملون أرواحهم على راحاتهم وقد طلقت الدنيا نفوسهم وإستشعرت الآخرة أرواحهم فهم إلى الجنة مقبلون برفقة سيدهم وإمامهم الحسين ع يجاوروه ويحاوروه نورهم يسعى بين أيديهم تستقبلهم الملائكة أن سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار .
فما كان نصب أعينهم سوى الموت والإنتقال من دار الفناء لدار البقاء .
وكل من يتوجه للقتال يقلّب الأمر في ذهنه ماهي أوجه الربح والخسارة ؟ وأيهما أولى ؟ أي الوجهين يعطي أفضل النتائج وأقل الخسائر .
لكن أصحاب الحسين ع رأوا خسارة الدنيا بكل مافيها ربحا حقيقيا ورأوا الربح الحقيقي هو في أن يُـقَتــَّلوا وتــُقطّع أوصالهم وتترك جثثهم على رمضاء كربلاء وترفع رؤوسهم على الأسنة والرماح .
لذلك إستحقوا أن يكونوا خير الأصحاب وأبر الأصحاب وأوفى الأصحاب وأوصل الأصحاب .
بل حتى أنهم أفضل من أصحاب الإمام المنتظر الحجة بن الحسن عجل الله فرجه وكيف لا والذي يقاتل تحت لواء الحجة بن الحسن ع موقن بالنصر مستبشر به يتأمل قيام دولة الحق التي تحكم الدنيا ويتأمل أن يعيش فيها منعما بظل ولي الله صاحب العصر وإمام الزمان وليست الشهادة فقط هي التي بين عينيه.
فأصحاب الحسين خير الأصحاب ونعم الأصحاب والسلام عليهم طابوا وطابت الأرض التي فيها دفنوا وفازوا فوزا عظيما .
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- المقاومة اللبنانية والفلسطينية بخير والدليل ما نرى لا ما نسمع