رئيس البرلمان اسامة النجيفي ونائبه الاول قصي السهيل ينتميان الى التيار الذي كان بحكم المعارض في دورة البرلمان السابقة. هذا تطور مهم دخل على رئاسة مجلس النواب وننتظر منه الكثير كما يفترض.
كان كل منهما يشتكي بصوت عال من تعطيل الدور الرقابي للبرلمان خلال الدورة السابقة، وقد اصبحا اليوم على رأسه، وسنظل طيلة ما تبقى من عمر هذه الهيئة الرقابية العليا، نتذكر ماكانا يقولانه حين كانا نائبين عاديين، ونقارن بما سيقولانه حين اصبحا وجهين لكتل بارزة، وفي موقع مهم.
نقدر طبعا ان المرء حين يصير مسؤولا تتحول رؤيته ويصبح اكثر تحفظا بنسبة ما، لأنه كنائب يتحدث عن موقفه الشخصي، لكنه كرئيس للبرلمان مطالب بأن يتولى التوفيق بين الامزجة والعناصر المعقدة الاخرى التي تتحكم باللعبة السياسية.
غير ان الاختبار الحقيقي لرئاسة البرلمان هو دوره الرقابي.
ايضا لانتفاءل كثيرا، لأننا تعلمنا ان التحولات في بلادنا بطيئة في تحقيق نتائجها حتى لو كانت سريعة في رسم الصور والاشكال. لن نطالب رئاسة البرلمان بتغيير جذري، لكننا نحلم ان نسمع منها خطة واضحة لمعالجة \"البرلمان المعطل\".
امام البرلمان اليوم نحو 8 اعوام من السلطة لم يكن فيها النواب ممارسين لدورهم الرقابي. والقضايا لا تموت بالتقادم رغم ان بعض اهل القانون يرددون ذلك. نحن لا نحلم بأن يعثروا على كل خطأ سابق، لكن المهم نقطتان رئيستان في هذا الاطار. الاولى ان لا يكون الثأر من الخصم هدفا في المحاسبة وان لا يستثنى مسؤول من الحساب، والثانية ان نسن تقليدا بمحاسبة الكبار. في بلادنا كل المسؤولين ارتكبوا الخطأ. ليس المسؤول وحده ملوما في ذلك، بل كل الظروف تجمعت لتنتج هذا المعطى وهو الفوضى الضاربة بأطنابها. وانا انتمي لشريحة واسعة من العراقيين يمكنها ان تصفح عن كل ما جرى خلال اعوام \"الفوضى\" شرط ان نبدأ من جديد ومن نقطة سليمة. الامر يتطلب ان نبدأ بسن تقاليد تؤكد للجميع ان من يخطئ في ملف خطير لن ينجو من فعلته.
كيف السبيل الى ذلك؟ هناك اليوم من يخشى ان نواجه \"تسييسا\" لملفات الفساد التي ادت الى نتائج فظيعة. يحدثني احد حلفاء رئيس الوزراء عن مخاوفه من ان يقوم معارضو المالكي بفتح ملفات الوزراء المتحالفين معه، كي يقوموا \"بالتنكيل\" بشخص يرأس الحكومة. وهذا المحذور سيكون مطروحا ايضا حين يحاسب البرلمان وزيرا او مسؤولا كبيرا يحسب على المعارضة، وقد يقال ان المالكي يحاول ان يقوم بالثأر منه.
تهمة \"تسييس\" ملفات الفساد ستلاحق كل سعي للمحاسبة والمراقبة، سواء اراد النواب محاسبة وزير حليف للحكومة او محسوب على المعارضة. واذا بقينا نخاف تهمة \"التسييس\" فإننا لن نحاسب اي مخطئ، لأنه بالضرورة سيكون محسوبا على احد الفريقين. ولكن لنتخيل ان رئاسة البرلمان كانت جادة في الحساب والرقابة، ولم يكن مهما لديها ان يكون موضوع هذا الفعل، حليفا او خصما، وأن النجيفي والسهيل يحلمان فعلا بتحقيق كل طموحاتهما التي عاشا معها حين كانا مجرد نائبين على مقاعد مجلس النواب، حينئذ يمكن ان نقترح على رئاسة برلماننا ان تبدأ بأخطاء الوزارات غير المحسوبة على المالكي، وتقوم بوضع النقاط على الحروف بشأنها، على نحو جاد. سيتمكن البرلمان من محاسبة الجميع حينها دون تحفظ، دون ان تواجه رئاسة المجلس اي ذريعة تتعلق بـ\"تسييس\" الاداء الرقابي. ماذا يحول دون ان يبدأ برلماننا بوزير او مسؤول كبير كان محسوبا على معارضي المالكي؟ كي يكتمل الامر بالانتقال الى محاسبة بعض الوزراء المحسوبين على رئيس الحكومة؟
سيبقى الامر مجرد افتراضات. وسيظل الملف بحاجة الى \"فعل ثوري\" يغير الصورة القاتمة، والفوضى التي ترفض ان يعترض عليها احد. حسابات الساسة قد تلغي الحلم بأسره. لكن الاحلام تبقى مشروعة، خاصة في مشهد ينقل \"المعارض\" الى رئاسة البرلمان، ويبدد مبرراته السابقة التي فسر عبرها \"تعطيل\" اهم جهة رقابية.
أقرأ ايضاً
- هل ماتت العروبه لديهم !!!
- هل يستحق المحكوم ظلما تعويضًا في القانون العراقي؟
- هل سيكون الردّ إيرانيّاً فقط ؟