بقلم: القاضي عماد عبد الله
الأصل إن الإنسان لا يسأل جنائياً عما يمكن أن يصيب الغير من فعل وذلك استناداً الى قاعدة شخصية العقوبة حيث لا يجوز ان يعاقب إنسان إلا على ما اقترفه شخصياً من الجرائم لذلك فان الطبيب لا يسأل جزائياً عن فعل يقوم به طبيب آخر أو مساعده أو ممرض ضمن الفريق الطبي، إلا إذا أمكن ان ينسب الى الطبيب نفسه خطأ في احدى الصور التي نصت عليها المواد 416 أو 411 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وفي هذه الحالة يسأل الطبيب وحده دون أي متهم، أما اذا كان الخطأ وقع من المساعد أو الممرض وحده بدون أي تدخل من الطبيب فلا تترتب ثمة مسؤولية جنائية عليه.
واذا وقع من كل منهما خطأ في دائرة اختصاصه فإن كل منهما يكون مسؤولاً عن النتيجة وتطبيقاً لذلك يعد الطبيب مسؤولاً عندما يترك للمريض ان يقوم بعمل هو من صميم اختصاصه وذلك لعدم قيامه بما يقضي عليه الواجب من البقاء على مقربة من مريضه إلى أن يعود هذا المريض الى وعيه دون أن يباشر بنفسه في هذه الفترة كل ما يجب عليه من علاج نحو المريض شخصياً أو دون أن يراقب تماماً كل ما يأمر بإجرائه من ذلك بواسطة مساعديه.
وعلى ذلك يسأل الطبيب الذي يهمل التأكد من مطابقة تركيب الدواء للأصول المقررة واذا كان هذا الدواء ساماً، وقد ترك تحضيره للممرضة فترتب على ذلك خطأ في التحضير ان توفى المريض، وقد قضي كذلك بمسؤولية الطبيب الذي تتكرر من ممرضته الإهمال في تعقيم الحقن فلا يشرف عليها في ذلك مما يترتب عليه حصول مضاعفات للمريض تنتهي بوفاته ففي قرار لمحكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية جاء في خلاصة القضية ان طبيبة التخدير قد تراخت عن الحلول محل زميلها الطبيب المخدر حيث جاء في حيثيات القرار (ولكن الأخير قد تراخى بالقيام بما تفرضه عليه واجبات وظيفته ولم يدخل صالة العمليات الا بعد عشر دقائق الى خمس عشرة دقيقة ولم يتمكن من إنقاذ المريضة.
كل ذلك حصل نتيجة إخلال المدانين إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم كأطباء وان محكمة الموضوع كانت قد أدانت المتهمين الأطباء وفق المادة 341 من قانون العقوبات وبدلالة مواد الاشتراك 47 و48 منهولا شك أن قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 اعتبر عمل الطبيب وان كان ماساً بالجسم البشري من أسباب الإباحة إلا انه أوجب القانون في حالة ما إذا سلك الطبيب خطاً طبياً فيسأل عنه حسب ظروف القضية، وقد يعد خطأ الطبيب موجباً للمسؤولية الجنائية إذا وقع الاعتداء على جسم الإنسان بإحداث الإيذاء البدني والإضرار بالصحة حيث يعد فعلاً جرمياً يستحق عليه الفاعل الجزاء الجنائي لأنه يشكل خطأً طبياً يوجب قيام المسؤولية الجنائية.
أقرأ ايضاً
- مسؤولية الأديب في زمن الاحتضار.
- المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
- مسؤولية المجتمع الدولي تجاه العراق