منذ بداية شهر حزيران الماضي والحديث مستمر عن التقارب السوري التركي ووساطة العراق الذي تشترك حدوده مع البلدين في استضافة الاجتماع الذي يجمع هذين البلدين فيه، في حين تتصاعد التساؤلات حول ماذا كان هذا التقارب سيصب في مصلحة العراق أم لا؟.
ومع تصاعد التوغل التركي في شمال العراق، أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، اليوم السبت، عن قرب عقد اجتماع في بغداد يضم مسؤولين سوريين وأتراك لبحث الأزمة السورية، فيما اعتبر النائب عن كتلة تحالف الفتح النيابية محمد البلداوي، ان الدعوة العراقية لعقد هذا الاجتماع ستساهم باستقرار المنطقة، ويصب بمصلحة العراق.
إذ قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في تصريح تلفزيوني من واشنطن، إن “هناك مبادرة من العراق للتوسط بين أنقرة ودمشق والتواصل مستمر في هذا المجال”، لافتاً الى أنه “التقى وزير الخارجية التركي حقان فيدان في واشنطن من أجل ترتيب لقاء في بغداد مع الجانب السوري”.
وتابع، أن “هناك أيضا تواصل مستمر من قبل العراق مع الجانب السوري، وسيتم تحديد موعد لعقد هذا اللقاء في بغداد”، مبيناً أن “العراق لا يأخذ الضوء الأخضر من الآخرين، ولكن نتباحث مع الأصدقاء والحلفاء بشأن الخطوات التي نتخذها وخاصة ما يتعلق منها بأمن واستقرار المنطقة”.
وأشار الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، مؤخرا إلى رغبتهما في استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ أكثر من عقد، فصرح إردوغان بأنه سيوجه قريبا دعوة للاجتماع بالأسد للمرة الأولى منذ قطعت أنقرة ودمشق علاقاتهما الدبلوماسية عام 2011، بعد تحول الاحتجاجات ضد الحكومة السورية والحملة الوحشية التي شنتها قوات الأمن هناك، إلى حرب أهلية.
وفي السياق ذاته، أكد النائب عن كتلة تحالف الفتح النيابية محمد البلداوي في تصريح صحافي، إن “الاجتماع له تأثير مباشر على العراق خاصة من الناحية الامنية حيث ان القوات الامنية لازالت غير قادرة لوحدها على ضبط الحدود مع تركيا وسوريا، وما زال الإرهابيين يتدفقون من البلدين”.
وأضاف، ان “تركيا تجاهلت الكثير من الاتفاقيات مع العراق، وتوغلت بشكل كبير داخل الأراضي العراقية واقامت العديد من الثكنات والمعسكرات في الشريط الحدودي بأعماق وصلت إلى أكثر من 50كم”.
وكان وفدا رفيع المستوى برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وصل إلى أربيل، أول امس الخميس، لبحث التوغل التركي داخل الأراضي العراقية مع قيادات الإقليم.
ويتصاعد التوغل التركي خلال الإسبوعين الماضيين، حيث أغلق أهالي قرية كوهرزي، الطريق العام بين قضاء العمادية وناحية ديرلوك في محافظة دهوك، احتجاجا على سقوط إحدى قذائف المدفعية التركية على قريتهم، فيما تم إخلاء 7 قرى مسيحية في “برواري بالا” بالمحافظة أيضا.
يشار إلى أن 208 قرية تم إخلاؤها في قضاء العمادية من السكان منذ بدء العمليات البرية للجيش التركي في القضاء، حيث أن أكثر القرى التي نزح السكان منها في مناطق باليتي وكاني مآسي وقرى جبل متين، بحسب مصادر مطلعة.
ورصدت منظمة “فرق صناع السلام” الأميركية (CPT)، في نهاية شهر حزيران الماضي، دخول الجيش التركي صوب اقليم كردستان العراق بـ300 دبابة ومدرعة واقامة حاجز امني ضمن حدود منطقة بادينان، خلال الأيام العشرة الماضية.
وتصدر هاشتاغ “تركيا_تحتل_دهوك”، في 30 حزيران يونيو الماضي، الترند في العراق على منصة X، بعد استمرار القصف والتوغل التركي في المحافظة، وسط صمت حكومي مطبق.
ورجّحت مصادر عسكرية تركية في 7 حزيران الماضي، القيام بعملية عسكرية تستهدف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خلال الصيف الحالي، بهدف منع إجراء الانتخابات المحلية التي تعتزم قسد إجراءها في آب المقبل، بعد أن أجّلت الانتخابات التي كانت مقررة في حزيران الجاري.
وتضغط روسيا، أحد أقوى داعمي حكومة الأسد التي لها في الوقت نفسه علاقات وثيقة مع تركيا، من أجل استئناف العلاقات الدبلوماسية.
ففي كانون الاول 2022 أجرى وزراء الدفاع التركي والسوري والروسي محادثات في موسكو، في أول اجتماع وزاري بين تركيا وسوريا منذ عام 2011، كما توسطت روسيا في اجتماعات بين مسؤولين سوريين وأتراك العام الماضي.
إلا أن المحادثات لم يكتب لها النجاح، وواصل مسؤولون سوريون انتقادهم علنا للوجود التركي في شمال غرب البلاد، وصرح الأسد في حينها بأن الهدف من محاولات التقارب من جانب إردوغان هو “إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي في سوريا”.
وأعلنت تركيا وقوفها في صف المعارضة السورية الساعية للإطاحة بالأسد، وما زالت تحتفظ بقوات في شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة، وليست هذه المرة الأولى التي تجرى فيها محاولات لتطبيع العلاقات بين البلدين، لكن المحاولات السابقة باءت بالفشل.
أقرأ ايضاً
- تحدث عن تلاعب من قبل الكرد.. تركيا تحذر من "العبث" بالتركيبة الديموغرافية في كركوك
- هل يؤثّر التعداد السكّاني على نسبة الـ "17%" الكردية؟
- أنقرة تنفي نقل المكتب السياسي لحماس إلى تركيا