- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحماية القانونية لمزارعي الأسماك في العراق
بقلم: القاضي حبيب إبراهيم حمادة
تعد الثروة السمكية من المصادر الأساسية في الاقتصاد الوطني لما لها من اهمية في السلة الغذائية للعائلة العراقية، كونها تحتوي على مواد بروتينية وفيتامينات واملاح ودهون وغيرها من المواد الداخلة في مناعة جسم الانسان والمساعدة في مقاومة الامراض، وهي تعد من اللحوم البيضاء والتي تتميز بمميزات خاصة وايجابية تختلف عما هو عليه الحال بالنسبة للحوم الحمراء كون الاخيرة قد ترتب اثارها السلبية احيانا عند الإكثار منها، ويتم انتاج الاسماك عادة عن طريق الزراعة السمكية والتي تتميز بوفرة الإنتاج وقلة التكاليف من خلال التحكم في كمية المياه اللازمة لزراعتها وكمية الاعلاف الواجب تقديمها للتغذية اضافة الى كونها من المشاريع الناجعة في القطاع الخاص من خلال تشغيل الايدي العاملة فيها وانتاج الاسماك ذات القيمة الغذائية العالية.
ويعرف الاستزراع السمكي من كونه (عبارة عن تربية الاسماك تحت ظروف وشروط معينة بشكل يتيح لها النمو والتكاثر ثم حصادها بعد فترة زمنية بطريقة علمية ومنظمة تحقق اقصى عائد وباقل التكاليف من الوحدة المساحية وتحافظ على استدامة واستمرارية الانتاج موسما بعد اخر) كما تعرف ايضا بانها (تربية الاسماك بانواعها المختلفة سواء اسماك المياه المالحة او العذبة والتي تستخدم كغذاء للانسان تحت ظروف محكمة وتحت سيطرة الانسان، وفي مساحات معينة سواء احواض تربية او اقفاص، بقصد تطوير الانتاج وتثبيت ملكية المزارع للمنتجات).
وقد بادرت الجهات الحكومية مؤخرا الى اتخاذ الإجراءات اللازمة في ردم وتجفيف العديد من البحيرات المعدة لتربية الاسماك في مناطق مختلفة في العراق نتيجة لشحة المياه في نهري دجلة والفرات لاسباب متعددة ومنها قيام دول الجوار كتركيا بتقليل مناسيب المياه فيهما والتغيرات المناخية في المنطقة وبروز ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، وقد نجم عن تلك الاجراءات سخط شعبي لدى مزارعي الاسماك كونها تؤدي الى تقليل الانتاج من الاسماك بالشكل الذي يؤدي الى ارتفاع اسعارها بشكل مغالى فيه واثقال كاهل المواطن والاعتماد على المستورد منها وتسريح العاملين في تلك المشاريع وعدم الاستفادة من الاسماك المزروعة في تلك البحيرات بعد ان تم طرحها في الانهر رغم التكاليف المنفقة على زراعتها، الأمر الذي اثار التساؤل بشان قانونية تلك الاجراءات وفيما اذا كانت هنالك حماية قانونية لمزارعي الاسماك في العراق من عدمه؟.
ان ما تجب الاشارة اليه ابتداء هو ان مزارع تربية الاسماك في العراق انما تخضع للأحكام والقواعد الواردة في التعليمات المرقمة ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ والصادرة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ٩٩٥ لسنة ١٩٨٥ والمعدلة بالتعليمات المرقمة ١ لسنة ٢٠١٢.
وعملا باحكام التعليمات اعلاه فأن انشاء مزرعة الاسماك اما ان تكون على أراضٍ مملوكة للدولة او للأفراد، ووفقا لأحكام المادة (٤) منها فانه يشترط للحصول على اجازة تربية الاسماك ان تكون الأرض غير صالحة للزراعة وعدم تعارضها مع شبكات الري وتوافر الحصة المائية لها وعدم تأثيرها على الأراضي المجاورة وموافقة الجهات ذات العلاقة كالدفاع والاثار والبيئة وغيرها، ومتى ما توافرت تلك الشروط وكانت الأرض مملوكة للدولة وغير مثقلة بحق التصرف فانه يجوز للأفراد او الشركات تقديم طلب لغرض استئجارها بعقد إيجار سنوي قابل للتجديد، ويمكن لوزارة الزراعة فسخ العقد للمصلحة العامة على أن يعوض صاحب المزرعة بتعويض مناسب من قبل لجنة مشكلة لهذا الغرض ويكون له الحق في الاعتراض على قرار اللجنة أمام وزير الزراعة خلال مدة (١٥) يوما من تاريخ تبليغه وذلك وفقا لما ورد عليه النص في المادة (٢/٧) من التعليمات اعلاه ويكون قرار الوزير بهذا الشأن قطعيا، ولكون النص المذكور باعتبار قرار وزير الزراعة قطعيا مخالفا لأحكام المادة (١٠٠) من الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥ والتي منعت من تحصين اي عمل او قرار اداري من الطعن، لذا فانه لا يوجد ما يمنع من الطعن بذلك القرار امام محكمة القضاء الاداري سيما ان مفهوم المصلحة العامة من المفاهيم المرنة والتي قد يساء استخدامها أحياناً.
اما الحصول على اجازة تربية الاسماك في الأراضي المملوكة للأفراد ملكا صرفا، فلابد من تقديم طلب للجهة الادارية المختصة عند توافر الشروط المشار اليها التعليمات والواردة في المادة (٤) منها اذ لا يوجد ما يمنع من اجابة طلبه ومنحه الاجازة لهذا الغرض وتجديدها دوريا كلما اقتضت الحاجة ذلك، وفي حالة مخالفة المزارع للضوابط والإرشادات الصادرة من السلطات الإدارية، فان على الاخيرة توجيه الانذار إليه بغية ازالة تلك المخالفة خلال (٣٠) يوما من تاريخ تبليغه فأن لم يقم بذلك فانه لا يوجد ما يمنع من سحب الاجازة الممنوحة اليه وردم المزرعة على نفقته وللمزارع في هذه الحالة الاعتراض على قرار سحب الاجازة خلال (١٥) يوما من تاريخ التبليغ امام وزير الزراعة، ويكون قرار الوزير قطعيا بهذا الشأن عملا باحكام المادة (١٥) من التعليمات ولمخالفة ذلك النص ايضا لاحكام المادة (١٠٠) من الدستور العراقي، لذا فانه لا يوجد ما يمنع من الطعن بذلك القرار امام محكمة القضاء الاداري عند توافر سبب من اسباب الطعن امانها.
وعملا باحكام المادة (١٠) من التعليمات فانه يمنع منعا باتا انشاء مزارع تربية الاسماك دون اجازة من الجهة الادارية المختصة، وفي حالة القيام بذلك فان على صاحب تلك المزرعة ان يقوم بردمها، فان لم يقم هو بذلك فانه يجوز للسلطات الادارية القيام بردم وتجفيفها وعلى نفقته الخاصة، وليس له في مثل هذه الحالة المطالبة باي تعويض سواء عن الاسماك المزروعة فيها او عن المنشآت المقامة عليها.
ونظرا لاهمية انشاء مزارع الاسماك في العراق واثرها الايجابي في الاقتصاد الوطني وتعلقها بالأمن الغذائي للمواطن فان الامر بحاجة الى حلول مناسبة للوضع الحالي في ظل شحة المياه ومن ذلك الاستفادة من مياه النهر الثالث في زراعة انواع معينة من الاسماك التي يمكن زراعتها في المياه المالحة اضافة للاستفادة من المياه الجوفية لهذا الغرض من جهة، ومن جهة اخرى فان الامر بحاجة الى تشريع قانون متكامل من خلال اشتراك كافة الجهات ذات العلاقة كوزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية ومنظمات المجتمع المدني ومنها الجمعية العراقية لمنتجي الاسماك وغيرها لتحديد حقوق والتزامات مربي الاسماك سواء في الظروف العادية او الاستثنائية والضمانات القانونية والقضائية لهم تحقيقا للصالح العام.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي