- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
جريمة قتل المدنيين في القانون الدولي
بقلم: د. حميد طارش
منذ عقود والتدخل العسكري مستمر في شمال العراق، وبذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق بموجب القانون الدولي إذ تنص المادة (2/4) من ميثاق الامم المتحدة على “يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة”، الّا أن الجانب التركي يتحجج بالمادة (51) من ميثاق الامم المتحدة لوقف هجمات حزب العمال الكردستاني، إذ تنص تلك المادة على حق الدفاع الشرعي للدول، ويتناسى بأن استعمال ذلك الحق يكون عند مخاطر احتلال الدول واسقاط أنظمتها السياسية، وأن يكون مؤقتاً ومناسباً لدرء الخطر وإيقافه وإبلاغ مجلس الامن لتبني الامر في إعادة السلم والامن الدوليين الى نصابهما، وهذا ما يفنّد الحجة التركية، بل مايزيد الأمر سوءاً وجود عدة قواعد عسكرية تركية وتصريحات رسمية عن كركوك والموصل بأنهما تركية.
أضف الى ذلك، ما يشاع على لسان البعض من انتهاء معاهدة لوزان التي رسمت خارطة المنطقة بعد سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، بمرور قرن كامل، أي في 24 تموز من عام 2023، وهذه الاشاعة ليست لها أي صحة، إذ خلت المعاهدة البالغ عدد موادها (143) مادة من أي نص يشير الى انتهائها، وتبدو تلك الاشاعة مغرضة وتهدف الى تغليب سياسة الامر الواقع والتحرر من الالتزام بالمعاهدة.
لاسياسة الامر الواقع التي بدت واضحة في سوريا والعراق، والتي لا يمكن فصل موضوع المياه عنها في محاولة لإكمال تلك السياسة، الّا أن أبشع صورها هي جريمة قتل المدنيين الابرياء في مصيف راخ في قضاء زاخو، والذي يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الانساني الذي حرّم وجرّم قتل المدنيين في النزاعات المسلحة، وسواء كانت بين الدول أو الجماعات المسلحة أو بين الدول والجماعات المسلحة وألزم أطراف النزاع باتخاذ جميع إجراءات الحيطة والحذر لحماية المدنيين، وهذا في حالة الاشتباكات المسلحة الكثيفة والواسعة الانتشار، فما بالك في نزاع محدود في منطقة تتضح فيها أماكن الاصطياف وخاصة من الجانب التركي أو حزب العمال الكردستاني كما يدعي الاتراك وذلك لتواجدهما منذ عقود في تلك المنطقة.
اذاً ترقى تلك الجريمة الى كونها استهتاراً بقدسية حياة الانسان يترتب عليها إسقاط حصانة الجناة ومعاقبتهم فضلا عن تعويض الضحايا، للأسف حكومات العراق قبل 2003 وبعده لم تتخذ موقفاً صارماً بشأن ذلك الانتهاك بسبب ضعفها نتيجة الحروب فيما سبق، والانقسام والفساد والفوضى فيما بعد، مما يجعلها مسؤولة عن تلك الجريمة بمستوى لايقل عن المجرم الحقيقي.
أقرأ ايضاً
- جغرافية الجريمة
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟