بقلم: رعد العراقي
من المؤسف أن نقول بثقة، أنّ الكرة العراقية سقطتْ في غياهب اللامبالاة! ولا يبدو أنها ستخرج بعد أن تلاعب بها البعض طوال سنوات مضت أرادوا منها أن تكون شعاراً تسويقياً مزيفاً للوصول إلى المناصب، تحصد بها مشاعر الجماهير بعد أن تحلّق بهم باحلام وهمية تكاد تلامس الكؤوس العالمية، قبل أن يستفيقوا فجأة على واقع مؤلم عنوانه (صدمة التراجع والأخفاق المزمن)!
مراجعة بسيطة للأجواء المتوترة بعد الخروج المرير لمنتخبنا الوطني من تصفيات كأس العالم قطر ٢٠٢٢ وفشله في أن يكون حتى منافساً شرساً وما تلاه من فورة تصريحات ووعود بتصحيح المسار وشدّ أحزمة الإنقاذ من خلال البحث عن مدرب عالمي قادر على إعادة أمجاد الكرة العراقية والعبور بها نحو شواطىء الانجاز للاستحقاقات القادمة.
رحلة البحث عن المدرب الموعود انطلقت وتوالت السير الذاتية لأشهَر المدرّبين ومعها تزاحمت القنوات الفضائية بتصريحات أغلب أعضاء اتحاد الكرة والعديد من خبراء اللجنة الفنية كانت جميعها تصبُّ في بودقة (التخدير) العقلي لإخماد فورة الجماهير الغاضبة التي استسلمت أخيراً شيئاً.. فشيئاً لسيناريو مسرحية المدرب العالمي، أملاً أن تكون الوعود هذه المرّة صادقة!
كيف نُريد أن نمسك بطريق الإصلاح والتطوير في حين أن اتحاد الكرة أغفل بعمدٍ أو بجهلٍ شرطين أساسيّين هُما المال والوقت، قبل أي خطوة حقيقية لهم نحو بناء منتخب جديد وفقاً لأسس متينة يمكن أن تتحقّق فيها الخطط والمشاريع التي قيل أنها أعدَّت للنهوض بالكرة العراقية علمياً وعملياً.
لنتحدث أوّلاً عن المال وصدمة الجماهير الكروية تجاه اعتراف اتحاد الكرة بخواء الخزينة من الموارد المالية التي يمكن أن تغطّي تكاليف استقدام أي مدرب إلا من خلال اللجوء إلى خزينة الدولة وبتخصيصات طارئة من أجل إنقاذ الموقف والمضي بالتعاقد مع الملاك التدريبي.
لا نعلم أين الاحترافية والشفافية بالتصرّف والتصريح المتسارع بهذا الملف الذي أخذ مساحة من الإثارة والتشويق ليتبيّن فيما بعد أن القصة لم تكن أكثر من زوبعة في فنجان أثيرت لتهدئة الشارع الكروي من جهة، وبنفس الوقت رمي الكرة بحركة فنية في ملعب الحكومة أملاً لاستحصال موافقتها بتخصيص الأموال تحت ضغط المطلب الجماهيري!
لكن السؤال المهمّ هنا: لماذا لم يصارح الاتحاد الجماهير والإعلام منذ البداية بعدم قدرته على التعاقد مع ملاك تدريبي أجنبي إلاّ بتوفّر أموال من الحكومة، وانتظرَ إلى حين انقضاء مُدّة الأزمة الانفعالية؟!
أما الوقت فيبدو أنه سيبقى مسألة هامشية في نظر المعنيين، ولا يدخل في خططهم واهتماماتهم، فتهرَب الشهور التي من المفترض أن تكون محطّة التجديد والتهيئة، وتتيح لهم والملاك التدريبي المُرتقب الرؤية الصحيحة في تطبيق مناهج الإعداد والاختيار الدقيق للعناصر الجديدة والدخول في مرحلة الإعداد التدريجي من خلال خوض المباريات التجريبية واستغلال حاجة المنتخبات العالمية المتأهّلة إلى كأس العالم لمباريات استعدادية ليكون المنتخب مهيّئاً للاشتراك في أوّل بطولة ودية من المفترض أن تقام في الأردن خلال شهر أيلول للعام الحالي 2022، ومن ثم الدخول في معترك خليجي ٢٥ وصولاً إلى المنافسة في نهائيات كأس آسيا ٢٠٢٣ بدلاً من خسارة الزمن والعودة إلى ذريعة ضيق الوقت وضُعف الجاهزة البدنية وعدم قدرة الملاك التدريبي الجديد على تنفيذ خططه الفنية بسبب محدودية معرفته باللاعبين!
بأختصار.. على اتحاد كرة القدم أن يضع المال والوقت في سلّة اهتمامه أوّلاً ويمسك بها بقوّة قبل أن يُجاهر بخططه ومشاريعه المستقبلية كي لا يميل ميزان عمله نحو كفّة الفشل وغياب الشفافية التي طالما كانت تمثلان إحدى التُهم التي أنهت مسيرة من سبقهم!
أقرأ ايضاً
- أسطورة الشعب المختار والوطن الموعود
- لا عزاء للأصوات المأجورة.. تحية لأسود الرافدين ومدربهم
- أكاديميّة الأسود