بقلم: علي حسين
هذه البلاد تعيش منذ شهور التكهنات وضرب الأخماس في الأسداس، ومحاولة الالتفاف على سؤال يطرحه المواطن البسيط؛ لماذا لا تتشكل الحكومة، دون أن يعرف هذا المواطن المبتلى ما الذي سيحصل؟..
بالأمس خرج علينا السيد نوري المالكي محذراً مما وصفه بمستنقع دم في العراق إن استمرت عمليات الإقصاء والتهميش في التحالفات حسب تعبيره، حديث المالكي استدعى إلى الذاكرة فيلم الراحل أحمد زكي "أرض الخوف"، ففي هذا الفليم المثير أفكار تتأمل في مسألة إثارة الفزع.. والركون إلى حالة من الاستسلام للقدر وتحويل البشر إلى كائنات لا تعرف سوى كلمة "نعم"، أرض الخوف يروي عملية تحويل الإنسان إلى كائن يخاف من المستقبل المجهول، وأنت كمشاهد تسأل هل تغير أحمد زكي، أم أن قوى متسلطة سلبت منه حرية الاختيار، ولم يعد أمامه سوى السير في "الطريق المرسوم" من وجهة نظر "الجهات العليا"؟
إذن مطلوب منك أن تصبح رقماً كما في فيلم أحمد زكي، وأنت تخاف من اليوم الذي لا يحصل فيه الجميع على قطع من الكعكة العراقية .. يريدون منك أن تتحول إلى مواطن خائف بامتياز، فالخائفون يسهل اقتيادهم وتدجينهم، يسهل غمر عقولهم بسيناريوهات المؤامرات، يسهل إقناعهم بالخطر الذي يتهددهم في الشوارع.
تجربة الأعوام الماضية أثبتت حقائق كثيرة أهمها أن مسؤولينا لا يملكون ما يقدمونه لمستقبل البلاد، حتى لو راهنوا على مخاوف الناس واحتياجهم الدائم للأمان، والعدالة التي تحولت الى "فرمانات" لاقصاء من يسأل لماذا كل هذا الخراب ؟.
ما يجري هذه الأيام من تخويف الناس وترويعهم مرة بحجة الخوف على العملية السياسية ومرة بشعارات عن المؤامرات، نظرة سريعة على المشهد الراهن تكشف بجلاء أن البعض يريد أن يكسر شوكة الآخرين من خلال تنفيذ مخطط لترويض الجميع على الإذعان للأمر الواقع، لتبدأ بعدها مرحلة التربص بالجميع من خلال سياسات متعمدة تستهدف الإجهاز على أي مطالب للإصلاح. بما لا يترك مجالاً لأحد كي يفكر في موضوع الخدمات والتنمية والعدالة الاجتماعية، وبمعنى آخر يحاول البعض أن يجعل من الاستقرار ثمنا للحصول على المكاسب والاستفراد في السلطة.
لماذا أصبح الخوف واقعاً يريدون منا أن نعيش في ظله؟ مطلوب منا أن نخاف.. مواطن خائف بامتياز تتلفت حولك، تتوجس من جارك وصديقك.. وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى طائفتك.. لماذا يرددون على أسماعنا جملاً من عينة: عليك أن تتخندق في مواجهة الجميع، عليك أن تخاف من العلماني والشيوعي لأنه كافر، ومن الشيعي لأنه ميليشيا، ومن السني لأنه قاعدة، وعندما يكتمل خوفك وتوجسك، سيدفعك أصحاب نظرية "المؤامرة" إلى الخوف من أقرب الناس إليك. ويصبح مصير البلاد معلقاً برضا مجموعة من السياسيين.
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- في الدستور العراقي.. النفط ملك الشعب و راتب و قطعة أرض لكل عراقي
- من وحي أرض الطفوف / 6 والأخير