- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كيف تتَحَوّل بثلاث خطوات من إرهابي إلى بريء ؟
بقلم: عمر الناصر
يقول محمد الماغوط "كل طبخة سياسية في الشرق الأوسط تقوم بإعدادها أميركا، وروسيا توقد تحتها وأوروبا تبردها وإسرائيل تأكلها والعرب يغسلون الصحون"، من يطلع ويمعن النظر بعروش الأنظمة السياسية في الشرق الأوسط سيجد أن لديها كروشا تتناسب إلى حد كبير مع كمية سعرات التخادم الداخلة إليها، رغم إخضاع معدة الحكومات لعملية قص وتكميم، ولإن اتجاه مساراتها عادة ما تكون لها ألوان متشابهة مع وجود اختلاف طفيف في ارتفاع وانخفاض منسوب تأثير بعض القواسم المشتركة ومنها اختلاف أساليب التمجيد والتسقيط، وربما يقول البعض إنه لا يوجد أي اختلاف بين الأنظمة العربية والغربية الا بتلك النقطة الموجودة فوق حرف العين وهذا هو التهكم بعينه، على اعتبار أصبحت لدينا خبرة واسعة تتمتع بمقومات وحرفية عالية في مصانع إنتاج الأنظمة الشمولية، بالرغم من وجود العنصر الديموقراطي والبراغماتي الذي تستند إليه بعض تلك الحكومات.
الوضع السياسي في العراق مختلف للغاية عن وضع أي دولة ثانية، سواء كانت من دول العالم الثالث او المتحضر، لكونه يخضع لمبدأ اللامنطق الذي أصبح اليوم هو الوضع الطبيعي للحياة العامة، والذي بدأنا نتقبله ونتعايش معه كما تعايشت الدول مع فيروس كورونا، لأن حبر أجهزة استنساخ القيم السامية والمُثُل العليا الخاضعة لمعايير الأخلاق السياسية، أصبحت على وشك النفاذ، وربما سنتعرض للإحراج في اي لحظ وسنحتاج إلى تهيئة خراطيش إضافية جديدة تهيئ لاقترابنا من مرحلة لا نستطيع فيها حتى طباعة ما تبقى لنا من مبادئ الإصلاح السياسي والتصحيح.
لا شكَّ بأن فردريك نيتشه قد سعى إلى تبيان أخطار القيم السائدة وربطها بالفلسفة والسياسة، إلا أنني أرى بأن الكثير مما سعى إلى تحقيق هذا المبدأ لا يتطابق مع المنطق، وعلى ما يبدو أن السياسة لدينا تعتمد على ثلاث خطوات تتحول فيها بقدرة قادر من إرهابي خطير إلى مواطن بريء، هي ارتفاع دخان روائح طبخة سياسية دسمة، وإرادة دولية ناعمة، وبروبوغاندا إعلامية تشق عصا الرأي العام لمعسكرين بدعم كبير من الجيوش الكترونية القادرة على التوجيه والقيادة.
من يطلع على جودة أوراق اللعبة السياسية وينظر بعين الموضوعية إلى رقعة الشطرنج، سيعرف قطعاً أسرار وفن إدارة دفة الحكم، وسيكتشف حينها بأن من كان يحمل شعار قادمون يا بغداد، ها قد وصل إليها اليوم ولا ينقصه الا مراسيم عزف السلام الوطني "سالماً منعماً وغانما مكرماً" وسط تساؤلات كثيرة لمعرفة من يقف خلف كل ذلك وكيف ولماذا في هذا الوقت بالتحديد، وأين صناع القرار والقائمون على هذا المفصل من تنفيذ أوامر القبض تلك، بل إن أصوات الشارع بدأت تتعالى كلما زاد التخبط السياسي، الذي أفقد الرأي العام ثقته تماما بالعملية السياسية وبالقائمين عليها، على اعتبار أن مثل هذا الحدث ربما لن يسيء فقط إلى الموجودين في هرم السلطة فحسب، بل على كل من تسنم منصبا قياديا في الدولة منذ التغيير وليومنا هذا، في ظل وجود بعض الأصوات التي بدأت تتعالى وتنشط في الشارع، التي بدأت توجه أصابع اتهامها إلى سلك القضاء الذي يعد هو الدعامة الساندة الوحيدة، التي ترتكز عليها مقومات الدولة العراقية، لمحاولة إيجاد شرخ بينه وبين الرأي العام بطريقة خسيسة، من خلال بروباغاندا إعلامية صفراء تسعى لضرب هذا السلك الحيوي والحساس عن طريق التشكيك بجودة تنفيذ الأحكام القضائية.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!