عد تحليل سياسي نشره "معهد كارنيجي" الأمريكي للأبحاث، أن طريق الإصلاح ما زال "وعراً" وأن العراق يتجه نحو "الفشل بدولة هشة"، وفيما بيّن أن الإصلاحات التي ينادي بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ستواجه تحديات و"معركة شاقة" تتطلب "جهدا هائلاً وعقوداً لتنجز"، أكد افتقاد البلاد لنخبة سياسية مسؤولة مستعدة لتنحية خلافاتها جانباً من أجل المصلحة العامة.
وقال المعهد في تحليل، إن "هناك صورة قاتمة عن الوضع في العراق، وطريق الإصلاح لا يزال وعراً، والبلد يسير على طرق التدهور".
وذكر المعهد الامريكي، أن "العراق لا زال دولة هشة ويتجه نحو الفشل"، مشيراً الى ان "هذا البلد شهد ثلاثة حروب مدمرة خلال ثلاثة عقود بالاضافة الى عقوبات دولية وحرب طائفية ونفوذ أجنبي، ومع سقوط تماثيل صدام حسين، وجد العراق نفسه في وضع أشد صعوبة، حيث راهن البعض على تقسيمه على اسس طائفية وعرقية، حتى وان كان العراق قد خيب هذه التوقعات".
وأشار الى أن "هشاشة العراق ومشكلاته المتفاقمة ليس أمراً جديداً"، مبينا أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تعهد بإدخال تغييرات كبيرة والابتعاد عن الاعراف السياسية في تشكيل حكومات الوحدة الوطنية حيث تتقاسم الغنائم الاحزاب الممثلة للطوائف والاعراق والديانات"، وبحسب المعهد، فإن "هذه التقاليد هي من بين الاسباب الرئيسية للفساد والانقسام الاجتماعي في العراق".
ويوضح التقرير الأمريكي، أن "الصدر يسعى في المقابل إلى تشكيل حكومة اغلبية وطنية بمقدورها البدء في تنفيذ الاصلاحات، بما في ذلك الحد من السيطرة على الميليشيات ومحاربة الفساد، وكبح جماح النفوذ الخارجي، وتحييد العراق ازاء الخلافات الإقليمية".
وتساءل المعهد الأمريكي في قراءته "عما إذا كان الصدر سينجح في مسعاه؟"، موضحاً إنه "سيكون في مواجهة مع تحديات عديدة، حيث انه حتى لو كان بمقدوره تشكيل حكومة أغلبية، إلا أن تحقيق المزيد من التغيير سيتطلب معركة شاقة لان الاصلاح مهمة شديدة الصعوبة تتطلب جهدا هائلا، كما ان بعض جوانب هذا الاصلاح قد تتطلب عقوداً لتنجز".
وعدد التقرير مجموعة من هذه العقبات التي سيواجهها الصدر، من بينها "قدرة الحكومة على الاستمرار، حيث ان خطة التعافي تتطلب موافقة معظم اللاعبين السياسيين في حين ان الاجماع السياسي أمر نادر الحدوث في العراق، ولهذا فان تشكيل الاغلبية والحفاظ عليها مع الاحزاب السياسية الاخرى مسألة تظللها الشكوك".
كما لفت التقرير الى "مشكلة اختيار رئيس جديد للجمهورية حيث ان الصدر غير قادر على حشد الاصوات المطلوبة لانتخابه، فيما من المستبعد ايضاً ان تتخلى ايران عن نفوذها في العراق"، وقد أرسلت طهران في وقت سابق قائد قوة القدس الايراني الجنرال اسماعيل قاآني لكي تضمن مشاركة وكلائها في الحكومة، وهو ما من شأنه ان يخفض من احتمالات تشكيل الصدر لحكومة اغلبية"، على حد وصف التقرير.
واعرب التقرير عن "الشكوك في ان يتمكن الصدر من اقناع خصومه السياسيين بضرورة الإصلاح"، مبيناً أن "العراق سيستمر في الوقت الحالي في مساره التنازلي لأنه يفتقر الى نخبة سياسية مسؤولة مستعدة لتنحية خلافاتها جانباً من اجل المصلحة العامة".
وبيّن "الى جانب هذه العقبات، هناك ايضا مشكلة التضخم في القطاع العام التي سيرثها الصدر حيث اعتمدت الحكومات المتعاقبة على سياسة التوظيف في القطاع العام ما ادى الى تضخم البيروقراطية، حيث تستحوذ الحكومة على 40 % من الوظائف في العراق، وهي نسبة عالية بدرجة كبيرة مقارنة بالدول الأخرى".
وتابع معهد كارنيجي انه "فيما تصل نسبة البطالة بين الشباب أكثر من 25%، ويعتمد العراق على النفط لتحقيق 90% من ايراداته، فان ذلك يعني ان العراق يحتاج الى القيام بعملية تغيير اقتصادي كبير لدعم القطاع الخاص لتأمين المزيد من فرص العمل للشباب واغراء الشركات الدولية للاستثمار في الاستقرار، وهو ما يتطلب تحقيق الاستقرار والعمال المهرة، وهو ما يفتقر اليه العراق".
كما يشكو العراق، وفقا للتقرير "من استمرار تردي مستوى التعليم في البلاد حيث ان العراق في أسفل قائمة دول الشرق الأوسط من حيث الاستثمار في التعليم".
ويسلط التقرير على بعض "الجوانب الإيجابية في عام 2021، من بينها "فوز أصوات مستقلة في العديد من المحافظات وخسارة الاحزاب السياسية التقليدية التي لديها فصائل مسلحة"، لكنه يوضح أيضاً "أن درب الاصلاح ما زال وعراً".
أقرأ ايضاً
- العراق يدعو لإعداد منظومة قانونية وقضائية عربية منسجمة ومتكاملة
- لبنان: نعول على دعم العراق في إعادة الإعمار
- رئيس الوزراء العراقي يلتقي في مدريد نظيره الإسباني بيدرو سانشيز