بقلم: علي حسين
في مثل هذه الأيام حيث تم انتخاب مثنى السامرائي ليمثل النزاهة في البرلمان، وفي هذه الساعات التي ينتظر فيها المواطن أن ينتبه له الساسة وينشغلوا بمعاناته بدلاً من معركة الكراسي، خرج علينا السيد نوري المالكي ليخبرنا أن جلسة الأربعاء لن تختلف عن جلسة السبت، لأن تشكيل الحكومة، مثلما أخبرنا، سيضر بالتوازن، ولم ينس أن يحذرنا "مشكوراً" من مخاطر كبيرة تنتظرنا لو تلاعبنا بالتوازن.
وأنا أقرأ حديث السيد المالكي توهمت أن الرجل يتحدث عن بلد آخر تحكمه جهة سياسية واحدة فقط، وليست أحزاباً طائفية.
تكثر التحذيرات في بلاد الرافدين، فمرة يخبرنا جمال الكربولي بأن غيابه عن الساحة السياسية سيجلب للبلاد الكوارث، ومرة يهددنا النائب محمد الصيهود لو فكرنا مجرد تفكير أن نتخلى عنه، وتزداد حيرة الناس التي خرجت للانتخابات، ولا تدري ما ذا سيحدث، صحيح أننا نعيش عصر السخرية التي طالت كثيراً، إلا أن سخرية عن أخرى تفرق، فهناك من يسخر معنا وهناك من يسخر منا، وهناك من يريد أن يجمع السخرية بالتسلية.
في كل يوم نسأل أنفسنا: أين نحن من سباق الأمم نحو المستقبل؟، ومتى نخرج من عصر الوصايا لندخل عصر العمل والانتاج؟.. متى يشعر المواطن العراقي أن لبلاده مكانة في خارطة الدول السعيدة، لا محاولة، كلما حدثت أزمة نعود إلى شعارات الإصلاح وبيانات المواطنة ؟ .. في كل يوم نبتعد عن الاستقرار ونعود إلى عصر البيانات الثورية.
يثرر نوابنا في الفضائيات وكأنهم يذكرونا بثرثرة نجيب محفوظ فوق النيل. يكتب نجيب محفوظ في أصداء السيرة الذاتية: "سألت الشيخ عبدربه التائه: متى يصلح حال البلد؟، فأجاب: عندما يؤمن أهلها بأن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة السلامة".
والمشكلة ياسادة أن الجميع يريد من هذا الشعب أن يرفع شعار: في الخوف السلامة، وفي العجلة الندامة، المهم أن يتحول هذا إلى مجاميع تخاف من خيالها.
مطلوب منا جميعاً أن نصبح جبناء، وأن نمارس فضيلة الخوف، مطلوب منك ومني أن نحمل لقب مواطن "ذليل" بامتياز، مطلوب منا أن نراقب أصحابنا ليل نهار، وأن نتحول في لمحة بصر إلى مخبر سري، مهمته تنظيف البلاد من الذين يرفضون الانصياع لأوامر أصحاب السيارات المظللة والتواثي.
حالنا اليوم لا يختلف عما جرى في رواية نجيب محفوظ "ثرثرة فوق النيل"، حيث لا يزال المواطن يشعر بالخوف على وطنه ومستقبله، فيما السياسي يُهندس حاله وأحوال أقاربه ومعارفه، ويفلسف لنا الفقر بأنه نعمة، والتخلف بأنه هداية.
يكتب نجيب محفوظ على لسان عامر وجدي في رواية ميرامار: "منذ أن ظهرت عندنا الثورة والديمقراطية والناس تصفق وتغني على كل شيء"، ونحن والحمد لله منذ أن ظهر مشعان الجبوري أول مرة في قناته الزوراء ونحن نُغني للنزاهة والوطنية.