بقلم: إياد الصالحي
مع تسارع الخطوات العملية للاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية في تهيئة كل مستلزمات تنظيم بطولة كأس العالم التي سيقام حفل قرعتها النهائية بعد غد الجمعة الأول من نيسان، فإن تعزيز الإجراءات الصحية في بيئة مجتمعية آمنة وخالية من الأمراض هي الركيزة الأولى للمراهنة على نجاح البطولة رسمياً وشعبياً.
وعلى هذا الاساس تتوالى الندوات التثقيفية والدورات التدريبية حول الأمن الصحي كإحدى سُبل تأمين السلامة الصحية في دولة قطر التي ستستقبل في منتصف شهر تشرين الثاني المقبل حشود المشجّعين لمتابعة مباريات فرقهم في مونديال الدوحة المؤمّل انطلاقه في 21 الشهر ذاته حتى 18 كانون الأول 2022، في ظلّ استعداد الطاقات ذات الخبرات المعنية بالصحة والكفاءات الإدارية لتطويق أيّة أزمة تنجم عن توافد أعداد هائلة من محبّي كرة القدم وبطولتها الأشهر عبر التاريخ، للإقامة قرابة شهر كامل يتجوّلون ويأكلون ويختلطون بين شرائح المجتمع في جميع أماكن العاصمة القطرية، وهي مهمّة صعبة وشاقة لم يسبق لأية دولة عربية أن واجهتها عبر تاريخ المنطقة الرياضي وغيره.
يتوقّع أن يتوافد أكثر من مليون و200 الف زائر على العاصمة القطرية الدوحة خلال فترة المونديال نهاية العام الحالي، وهو نصف عدد زوّار آخر بطولة عام 2018 في روسيا التي فتحت مطاراتها ومنافذها البريّة والبحرية للجماهير من كل أنحاء العالم من دون تأشيرة مُسبقة!
وبحسب لجنة الإرث والمشاريع القطرية فإن "وصول الناقل الرسمي الطيران القطري إلى 190 وجهة مباشرة، سيفتح للاتحاد الدولي لكرة القدم أسواقاً جماهيرية جديدة"، وبقدر إيجابية التدفّق الجماهيري العالمي للاطلاع على معالم الحضارة العربية وقيم مجتمعنا في نسخة استثنائية من بطولات كأس العالم، فإن التحصينات القطرية بكّرتْ في آلياتها وأطر تعاونها مع منظمة الصحة العالمية في شراكة تمتد ثلاث سنوات وقعتها وزارة الصحة القطرية مع (منظمة الصحة العالمية والفيفا والإرث) لتكون البطولة إنموذجاً فريداً ومتداخلاً في الحرص والاحتراز بين الحدث الرياضي والمشاركين فيه سواء كانوا رياضيين أم إعلاميين أم جماهير.
وتمثل الوقاية من جائحة كورونا وتحوّلاتها الخطيرة، إحدى أهم التحدّيات القطرية التي يتوجّب مسايرة أي تطوّر مفاجىء لها أثناء سريان البطولة، لاسيما التطويق السريع لأي تفشّي غير متوقّع لمرضٍ ما جرّاء التجمّعات الكبيرة لروابط المشجّعين الكبيرة لبعض الدول الأوروبية وأمريكا الجنوبية والأفريقية فربّما تتماهل في أمن أفرادها الصحي وتمارس فعّاليات المؤازرة في الشوارع وخارج أسوار الملاعب بما تترك آثاراً صادمة تسترعي تدخّل المسؤولين عن التنظيم للحراك مع فرق الصحة كلّما استجدّ أمر ما يهدّد سلامة زوّار المونديال، وهو ما طمأن عليه فريق "التجمّعات الجماهيرية".
كل مؤشّرات التأهّب القطري الصحي تبعث على التفاؤل عبر تصريحات مسؤولي القطاع لتأمين بيئة مونديالية خالية من الأمراض طوال 28 يوماً من تواجد المشجعين الذين لا يكتفون بحضور مباريات المونديال فقط بل الاستمتاع بالتعايش مع طبيعة الانسان العربي في الصحراء والبحر والمرافق السياحية الجميلة الأخرى، والتعرّف على العادات العامّة، والاقتراب أكثر من سلوكيّات مختلفة محلية وعربية ودولية، كل ذلك يشترط التحوّط ضد أي خرق صحي يتسبّب به الزائر ويضرّ به الآخرين، ولدينا الثقة الكاملة بأن الفائز بالبطولة سيعود الى بلاده بكأس عالم واحدة، بينما سيعود الشهود من قلب الحدث بكؤوس الصحة والسلامة.