- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
النفط العراقي وإقليم كردستان.. الى اين ؟
بقلم: د. بلال الخليفة
الكل يعلم ان العراق يعتمد في اقتصاده وبشكل تام على الإيرادات النفطية والتي تبلغ من حجم الإيرادات العامة بحدود 95 % وبالتالي يجب ان يعطى القطاع النفطي والثروة النفطية بالغ الاهتمام في التشريعات والقوانين وفي القرارات السياسية.
أصدرت المحكمة الاتحادية امر ولائي ببطلان قانون النفط والغاز لإقليم كردستان، وهذا يعني بطلان ما نتج عنه من تعاقدات كبيرة مع شركات عربية وعالمية، والبطلان يعني ان على الحكومة معالجة الاثار الغير قانونية التي نتجت عن قانون غير دستوري.
مضت أكثر من عشر أيام والحكومة لم تنبس ببنت شفه بشيء يخص الموضوع وكيف تحرك وهي لم تتكلم في حقول نفطية تم الاستيلاء عليها من قبل الإقليم، بل تعاقد الإقليم مع شركات لاستثمار تلك العقود، والادهى ان الحكومة تريد شراء بعض منتجات البترول من حقولها التي استولى عليها الإقليم، ومثال على ذلك حقل كورمور.
ان الدستور يمتاز بمبدأ السمو اي أنه القانون الأسمى في الدولة، يعلوا على ما عداه من قوانين. ويجب ان يمنح الدستور الاتحادي ، الحكومــة المركزيــة ســلطات واســعة وعليــا علــى ســلطات الأقــاليم أو الولايــات او المحافظات، ففي حالة تشريع قانون او دستور موازي له ، هذا يعني ان الدولة أصبحت كونفدرالية وليست فدرالية وان صاحبة الدستور (الإقليم) يعتبر دولة أخرى متحالفة او متحدة مع الدولة المركزية لا تابعة لها، هذا من جانب، ومن جانب اخر ، ان لو شرع دستور او قانون يسمو على الدستور الاتحادي فهذا يعني ان الإقليم اصبح في هذه الجزئية على اقل تقدير هو المركز وصاحب السلطة الاتحادية وان الحكومة المركزية أصبحت بحكم الإقليم والتابع.
ففي الدستور النافذ، جاءت المادة ١١١ لتقر ان النفط والغـاز هـو ملـك كـل الشـعب العراقـي لكنهـا تسـارع إلـى إضـافة عبـارة (فـي كـل الأقـاليم والمحافظـات) ممـا يخلـق الالتبـاس وعـدم الفهـم فلـيس واضـحا ان كانـت منـافع هـــذه المــوارد تــوزع توزيعــا متســـاويا فــي عمـــوم الــبلاد أم تقاســمها مــع الوحـــدات الصـــغرى (الأقــاليم والمحافظات). أما المادة ١١٢ نصت على ان:
اولا - تقـوم الحكومـة الاتحاديـة بـإدارة الـنفط والغـاز المسـتخرج مـن الحقـول الحاليـة مـع حكومــات الأقـاليم والمحافظـات المنتجـة، علـى ان تـوزع وارداتهـا بشـكل منصـف يتناسـب مـع التوزيـع السـكاني فـي جميـع أنحـاء الـبلاد، مـع تحديـد حصـة لمـدة محـددة للأقـاليم المتضـررة، والتـي حرمـت منهـا بصـورة مجحفـة مـن قبـل النظـام السـابق، والتـي تضـررت بعـد ذلـك بمـا يـؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون.
ثانيا - تقـــوم الحكومــة الاتحاديــة وحكومــات الأقــاليم والمحافظــات المنتجــة معـــا برســـم السياســـات الإسـتراتيجية اللازمـة لتطـوير ثـروة الـنفط والغـاز، بمـا يحقـق أعلـى منفعـة للشـعب العراقـي، معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار.
الملاحظات على قانون النفط والغاز في الإقليم
1 – ان نوع التعاقد بين الإقليم والشركات الأجنبية هي عقود مشاركة والتي تعني سلطة للشركات الأجنبية في الحقول النفطية، وحيث ان التعاقد كان في الجنوب هو عقود خدمة، وان عقود الشراكة هو تفريط في ملكية النفط لصالح الشركات الأجنبية، والمادة (111) من الدستور العراقي بينت ان النفط والغاز هو ملك لجميع العراقيين، وبما ان حكومة الإقليم لا تمثل سوى (12.7 %) من السكان، اذن هي تصرفت في شي لا يخصها وليس من صلاحياتها.
2 – المادة (112) من الدستور في (أولا) منها اشارت الى ان إدارة النفط للحقول الحالية (أي الغير مكتشفة قبل إقرار الدستور) وهذه النقطة التي ارتكز عليها الإقليم في تشريعاته النفطية ومنها قانون النفط والغاز، لكن فيه عدة ملاحظات:
أ – ان الإدارة للحقول النفطية والاستكشافات الجديدة وكما بينتها المادة أعلاه من الدستور العراقي قد بينت لنا ان الإدارة تتم بالتنسيق بين الحكومة العراقية الاتحادية وممثلها وزارة النفط وبين الإقليم او المحفظات، لكن الإقليم قد وضع الحكومة الاتحادية خلف ظهرة حينما تعاقد مع الشركات بل حتى لم يعلم وزارة النفط ثم لم يطع الحكومة او الوزارة تماما في هذا الامر.
ب – ان كلمة حالية التي يتشدق بها الإقليم ويضعها شماعة له، يفسروها بالحقول التي تم اكتشافها قبل عام 2005 أي إقرار الدستور والتصويت عليه، لكن الإقليم وكعادته لا يحترم او يلتزم بالدستور وجعل من الحقول القديمة التي استولى عليها من الحكومة الاتحادية ومثال على ذلك حقل كورمور الذي تعاقد مع شركة الهلال الإماراتية لاستثماره وهو غازي تابع لكركوك ويقدر إنتاجه بــ 300 مليون قدم مكعب قياسي باليوم، ومثال اخر حقل خورمالة الي يقدر بان إنتاجه هو ثلث انتاج الإقليم وهو حقل تم الاستيلاء علية من الحكومة الاتحادية عام 2008. للعلم ان الحكومة الاتحادية رفعت دعوى ضد الإقليم حول بعض الحقول واخذت جانب الصمت في جميع المواضيع النفطية التي تخص الإقليم وفيها تجاوز على الدستور او على أملاك الشعب العراقي وهو النفط والغاز. ان أكبر سرقة نفطية في تاريخ العراق هو حقل شيخان التابع لقضاء شيخان في محافظة نينوى (الموصل) وان حجم هذا الحقل هو 14 مليار برميل نفطي وان الإقليم تعاقد مع شركة كلف كيستون (بريطانية الجنسية) عام 2007 لاستثماره والتي يبلغ امدها 25 عاما والحكومة المحلية للموصل ساكته والحكومة المركزية ساكته أيضا.
3 – اذا تنازلنا وقلنا بما يقوله الإقليم بأحقيتهم بإدارة الملف النفطي للحقول الجديدة، لان القديمة قطعا وابدا ليس من حقهم، فان الدستور قال (إدارة) ولم يقل بملكيته او حق التصرف فيه، وكما قلنا سابقا، لان الدستور بمادته (111) قال ان النفط والغاز ملك للجميع، بالتالي يعود حق التصرف والملكية للحكومة الاتحادية ووزارة النفط الاتحادية.
4 – بمان الدستور اقر بان ملكية النفط والغاز هي لجميع العراقيين، وهذا يلزم الإقليم او غيرة بإرجاع امرة الى الحكومة الاتحادية وان أي تصرف خارج الموضوع يكون بمثابة سرقة جميع العراق.
5 – ان النفط هو ثروة اتحادية وبغض النظر عن مكان تواجده.
6 – ان الموازنة العامة الاتحادية تعتمد بما نسبته 95 % على الإيرادات النفطية وبيعه يكون بعملة الدولار وبالتالي يشكل الدولار السند والغطاء الوحيد للعملة المحلية وبالتالي أي تفريط فيه او سوء إدارة ينعكس سلبيا على العملة المحلية وبالتالي يتأثر المواطن واحداث رفع قيمة الدولار في نهاية عام 2020 خير دليل على ذلك.
7 – ان العراق قبل عام 2003 كان دولة بسيطة وواحدة لكن بعد ذلك أصبح دولة اتحادية فدرالية وبموجب دستور عام 2005 وفي مثل هذه الحالة يكون والواجب حصر الاختصاصات للإقليم والمحافظة وإطلاق الصلاحيات للسلطة الاتحادية وجعلها مفتوحة وقابلة للتوسع، لان العراق وكما قلنا تحول من بسيط الى فدرالي ولم يتكون من حكومتين وتوحدتا.
8 – ان الإقليم ينحى منحى الانفصال ويتصرف مع الحكومة الاتحادية وبالتالي ان إعطاء صلاحية إدارة النفط، يشجعهم أكثر على الانفصال وهذا ما حدث فعلا بان الإقليم بدا يتصرف كدولة مستقله في كل شيء.
9 – ان تصدير النفط وكذلك التعاقد مع الشركات النفطية دون علم دون إدارة الحكومة الاتحادية يعني كسر سيادة الدولة واضعافها داخليا وكسر هيبتها خارجيا.
10 – أشار النائب عن البصرة عدي عواد وبالوثائق الى ان الإقليم يصدر نفط الى إسرائيل، وان قانون العقوبات الاتحادي ذي الرقم (111) لعام 1969 النافذ في مادته ذي الرقم (201) والتي تنص على أنه: "يعاقب بالإعدام كُل من حَبّذ أو روّج مبادئ صهيونية، بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أيّ من مؤسساتها أو ساعدها ماديا أو أدبيا أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها".
11 – نصت المادة (111) من الدستور، ان النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي، ولم يقل ملك الدولة العراقية ، وهذا تعبير ممتاز بان الحكومات المركزية او حكومة الإقليم لا تملك النفط بل هي مؤتمنه عليه واما ملكيته فهي (كل الشعب العراق) وبالتالي ان نفط الإقليم هو ملك لــ (كل الشعب العراقي) وليس فقط للإقليم.
12 – المادة (112 – ثانيا) والتي نصت على ان الحكومة الاتحادية وحكومات الإقليم والمحافظات المنتجة تقوم معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير النفط، وبالتالي تصرف الإقليم هو مخالف للدستور العراقي.
13 – تم تقديم مسودة قانون النفط والغاز الاتحادي عام 2006 للتصويت والمناقشة لكن ورغم التحفظات عن بعض مواده، لكن عدة كتل وأحزاب وقفت بالضد من إقراره، حيث ان الدستور أوصى بتشريعه، لكن أحزاب كثيرة وقف ضد اقراره ومن كل المكونات الثلاث للعراق.
14 – ان الإقليم ليس فقط الدستور لم يلتزم به، بل عدة قوانين ومنها قانون الموازنة العامة الاتحادية ولكل السنوات السابقة، حيث اقرت ان الإقليم يجب ان يسلم للحكومة الاتحادية جزء من مبيعاته من النفط لكن لم يلتزم الإقليم بذلك.
15 – لم يكتفي الإقليم بمخالفة الدستور وتشريع قانون غير دستوري، وبيع النفط دون إعطاء الخزينة المالية الاتحادية والحكومة الاتحادية أي دينار، بل تعداه الامر الى مطالبة الحكومة الاتحادية بدفع أموال الى الشركات الأجنبية التي تعاقد معها الإقليم بدون علم بغداد ومخالف للدستور.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!