بقلم: قحطان الزيادي
إن التطور الكبير في التكنولوجيا الرقمية ووسائل الاتصال الحديثة افرزت حالة جديدة من التعامل مع افراد المجتمع والتواصل في ما بينهم، ويتفق كثير من الباحثين في علم الاجتماع السياسي على أن وسائل التواصل الاجتماعي أثرت بدرجة كبيرة في التنشئة الاجتماعية والسياسية، خاصة على النشء والشباب الأكثر استخداماً لها، وإن كان ثمة خلاف بينهم حول طبيعة هذا التأثير.
ففي الوقت الذي يصف فيه البعض هذا التأثير بالإيجابي، استناداً إلى أنه يمكن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي بالصورة الايجابية وكأداة لبث القيم الإيجابية كالولاء والانتماء والمشاركة الفاعلة في بناء الأوطان وتنميتها؛ ويعارض آخرون ذلك، انطلاقاً من أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تراجع الدور، الذي تقوم به مؤسسات التنشئة الأصيلة كالأسرة نواة التنشئة السليمة و التي لم تعد مخزن للقيم بعد أن استولت وسائل التواصل الاجتماعي على عقول النشء والشباب إلى درجة الإدمان، وبدأت تهدد كثيرا من القيم التي كانت تحرص عليها الأسرة، بعد أن أصبح الشباب خاضغين لقيم العالم الافتراضي التي تبثها وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الساعة .
ولو اخذنا مثالاً حالة المجتمع العراقي، اذ نرى ان التنشئة الاجتماعية وخاصة لدى الاطفال كيف تأثرو بما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي ونسمعها باستمرار على السنتهم والشواهد لديكم كثيرة، هذا يجعلنا نقوم بأخذ الدور، الذي يساهم برفد مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفاز ببرامج ترفع من مستوى الثقافة لدى الاطفال و عدم سيطرة {التافهين} على عقولهم وإعداد البرامج ومراقبة ما يعرض بالشاشات ويشاهدونه بصورة دقيقة، واعطاء دور مهم لبرامج الاطفال وافلام الكارتون ذات الرسالة الهادفة، بعيداً عن العنف وصور القتل والحرب في اغلب افلام الكارتون مثلاً، هذا بالنسبة للاطفال اما فئة الشباب فهم الاكثر تأثراً بمواقع التواصل الاجتماعي، بل هي الاولى في التنشئة سواء الاجتماعية او السياسية وحتى المعرفية فهي تسيطر على الاهتمام والاولى في ترتيب الاولويات ويقضي اكثر اوقاتهم في تصفحها، هنا يجب ان يكون لوسائل الإعلام والسوشال ميديا دورهم في اعداد التنشئة الاجتماعية السليمة، اعداد البرامج والنشرات والحملات الدعائية التي تحقق اهداف التنشئة الاجتماعية الصحيحة، فضلا عن برامجها التي تحمل الطابع الإرشادي التوعَوي، الذي يسعى إلى ترشيد الاتجاهات وتعديلها، كما وتحرص هذه الوسائل على تقديم مختلف القِيَم الإيجابية البنّاءة لهذا المجتمع، ومُعالجة الِقيَم السلبية السائِدة فيه او القضاء عليها، فهي من خلال برامجها تشارك في مواجهة القضايا ذات البُعد الاجتماعي وعلاجها، والتي يعاني منها الواقع المحلي بصفة خاصة، والمجتمع بصفة عامة، مثل البرامج الخاصة بقضايا البطالة، والإدمان، والتسرّب المدرسي، وعمالة الأطفال، والتفكّك الأسَري، والطلاق وقضايا العنف والإرهاب والتطرّف
وغيرها.
وابراز القيم الاخلاقية النبيلة وعدم السماح للشوائب أن تحتل مكاناً في وسائل التواصل الاجتماعي وتثبيت الايجابيات من علم ومعرفة، كل هذا يجعلنا ان تولي اهتماماً كبيراً في تحديد اولويات المحتوى الاعلامي، خاصة الموجه للشباب والاطفال من اجل تنشئة اجتماعية سلمية، بعيداً عن اللااخلاقيات والتفاهة الكبيرة المنتشرة اليوم في السوشال ميديا.