بقلم:عباس الصباغ
كانت زيارة قداسة البابا الى العراق فاتحة خير للبلد الذي كان ولما يقارب عقدين من الزمن آخر مكان يُنصح بزيارته والايفاد اليه ، وحين انعقدت القمة الثلاثية التي جمعت العراق ومصر والاردن بعد تحضيرات مسبقة جعلت اثنين من كبار القادة العرب (في اول زيارة تاريخية لهما ) يشدّان الرحال اليه وهو الذي زرع الارهاب على اديمه جروحا لاتنُسى ، كما ظلمه الاعلام الاصفر كثيرا بانه بلد اشباح وذو ارض محروقة ومن يسافر يندم .
وهذا الاجتماع الثلاثي وفي بغداد تحديدا بغضّ النظر عن اهدافه ونتائجه فهو يمثّل للعراق اكثر من حاجة قصوى له وردِّ اعتبار متأخّر بعد سنين من النكوص والجحود وقد آن الاوان لتستردَّ بغداد السلام القها وعافيتها ومكانتها المحورية وتلعب دورها المفصلي داخل فضائها الجيوستراتيجي ، فالعراق بإمكاناته البشرية والثرواتية والمادية والحضرية هو قطب الرحى في هذا اللقاء الثلاثي المهم جدا والمؤسس لحلف جديد على غرار الاتحاد الاوربي الذي نشأ بصيغة تكاملية وتعاونية استراتيجية بين اعضائه والاستفادة القصوى من نقاط القوة الموجودة عند كل عضو منه ومن المؤمّل ان يهدف هذا التحالف الى التعاون التكاملي الاستراتيجي على كافة الاصعدة الاقتصادية والتجارية والامنية وتشكيل منظومة إقليمية للدفاع عن الدول الثلاث التي تضررت بسبب الارهاب الذي استهدفها جميعا ولكون دوله قد عانت كثيرا من الإرهاب والتطرف ولها خبرة طويلة في مقارعته ونجحت في وضع الخطط الكفيلة لذلك ، ولم يأتِ هذا اللقاء اعتباطا بل تتويجا للزيارات المتبادلة بين الدول الثلاث، وضمن سياسة الانفتاح المدروس للعراق مع الإطار الاقليمي والعالم الخارجي .
التعاون التكاملي بين الدول الثلاث يقوم على أساس التفاهمات والمصالح المشتركة من خلال الإفادة من الكتلة البشرية الضخمة لدى مصر، والثروة النفطية الضخمة لدى العراق، ناهيك عن الأردن بحكم موقعه الجغرافي الذي يربط العراق بمصر. وهو فرصة ثمينة للعراق بتجاوز ازماته الاقتصادية والمالية وذلك بتعظيم موارده لتكون موردا اضافيا للنفط المورد الريعي الاساسي للاقتصاد العراقي ، لذا جاء هذا التحالف ليشكّل الاقتصاد جوهر الاتفاق الثلاثي بين دوله ومرتكزا اساسيا لتطوير اقتصاداتها (وهو من اهم مرتكزات هذا الحلف ) . فجميع بنود هذا الاتفاق بنيت على اساس التكامل الاستراتيجي في الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والتجارية وغيرها وتفعيل الاتفاقات السابقة في مجال نقل النفط والغاز والربط الكهربائي، ومايهمّ العراق هو التخلّص من ازمة الكهرباء المستديمة ووضع حلّ لها ، فضلا عن إقامة المدن الصناعية المشتركة وتوحيد إجراءات النقل بين الدول الثلاث وجوانب الاتفاقات المشتركة بين هذه الدول كثيرة لايستوعبها مقال واحد .
أقرأ ايضاً
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- الابعاد الاستراتيجية لتطوير تشريعات الاحوال الشخصية
- النجف من الترقيع إلى الاستراتيجية!