بقلم:عباس الصباغ
حين تشتبك الاجندات المناوئة وتتصارع المطامع وتخفق لغة السلاح عن تحقيق الاهداف المرسومة ، تأتي طاولة والحوار كحلّ معقول يتبعه العقلاء لحل النزاعات اذ تفرض لغة المنطق والعقل ان ينتقل الصراع من بطون الخنادق ودخانها الى آفاق المباحثات لعقد المداولات فهو الطريق الاكثر أمانا ، فالنصر الذي تعجز لغة السلاح عن تحقيقه ليس ربحا ، فلا يوجد رابح في مخرجاته فكل الاطراف خاسرة بعد ان تدفع ثمنا باهظا ليس للأطراف الداخلة في أتونه فيه فقط بل ويكون على حساب الغير ايضا .
بعد اربعة عقود من التوتر لأسباب سيا/ طائفية / مناطقية والمبنية على عُقد تاريخية / جيبولوتيكية تتعلق بمصالح الدولتين ومناطق نفوذهما وبأذرعهما الاقليمية الدائرة في فلكهما، بقيت كل من ايران والسعودية في توتر وتصارع مستمرين ، منذ تاسيس الجمهورية في ايران ( 1979 ) ولحد الان فدخلتا في جحيم اصطراع وتوتر وصل الى درجة حرب الاستنزاف التي لاتختلف في تدميرها عن الحرب الفعلية على الارض ، وبقي مناخ الخليج العربي (وعموم الشرق الاوسط) طيلة هذه العقود ملغوما بمظاهر التوتر والتهديد والتلويح باستخدام القوة مع استمرار التراشق الاعلامي الساخن والصارخ عبر الماكنة الاعلامية لكليهما ، فضلا عن سباق التسلح وعرض العضلات ، وقد عاصر هذا التوتر توترات اخرى افضت الى جملة من حروب الخليج المتتالية والمدمرة والتي دفعت شعوب المنطقة جميعها ثمنا غاليا جراءها .
المفرح في الامر ان كلا القيادتين السعودية والايرانية قد ادركتا اخيرا ان التشنج والتوتر في العلاقات لن يخدم احدا ، فقد وصلت اشارات "ترحيب" شبه مؤكدة انهما يمدان ايديهما من اجل الحوار وفتح باب التهدئة لإزالة التوتر وبث روح التسامح والتفاهم بعيدا عن قعقعة السلاح .
العراق هو اول المستفيدين من إبعاد شبح الحرب الباردة التي استعرت بين جاريه الكبيرين عن اراضيه ، وتستكمل الفائدة اذا نفّذت طهران رغبتها بالعودة الى طاولة المباحثات مع الولايات المتحدة وبشروط معقولة ، خاصة مع المناخ الايجابي الذي اكتنف مسار المباحثات بين طهران وواشنطن بعد تعهد الرئيس بايدن في العودة الى المباحثات التي توقفت فنيا بسبب انسحاب الرئيس السابق ترامب منها .
ايران تسير ببطء بكلا محوري المباحثات (مع السعودية , الولايات المتحدة) وكلاهما يخدم العراق الذي يشغل قلب المنطقة وجوهر الاهميات الجيبولوتيكية فيها اذا ما توصل كل من السعودية وايران الى نتائج مرضية في مباحثاتهما الودية ستكون في مصلحة جميع شعوب المنطقة وينسحب الامر ذاته على الحوار الايراني ـ الامريكي المتعثر .
أقرأ ايضاً
- عندما يصبح التعليم سلاحاً لتجهيل الأجيال
- الاستثمار في العراق سلاح ذو حدين !
- الفساد العلمي بوابة تحول المعرفة إلى سلاح في يد الفاسدين