حذر ممثل المرجع السيستاني السيد أحمد الصافي، اليوم السبت، من "تفكك الأسر" بسبب فهم خاطئ للتطور التكنلوجي الذي يمر به العالم.
وقال الصافي في كلمة له بحفل تخرج طالبات جامعيات أقيم في حرم أبي الفضل العباس عليه السلام وتابعتها وكالة نون الخبرية، إننا "نتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى الأسر الكريمة التي سهرت وشجّعت بناتها على الدراسة وعلى التواصل وعدم اليأس، رغم كلّ الظروف التي يمرّ بها البلد".
وحذر "من "الإنجرار وراء التطور التكنلوجي على حساب الأسرة"، مبينا: ان "التطور التكنلوجيّ الذي يمرّ به العالم للأسف أفقدنا الكثير من الروابط الأسريّة، بسبب عدم انتباه بعض الأُسَر أو نوع الرغبة عند الشباب والشابّات إلى أن يلهثوا وراء شيءٍ قد يتصوّرون فيه نفعاً، لكنّه كان على حساب الروابط الأسريّة".
وتابع: "لابدّ أن ندقّ ناقوس الخطر إزاء المشاكل الأسريّة، ولابد أن نحرص دائماً على الروابط الأُسريّة".
ولفت، السيد أحمد الصافي الى أن "الناس تُعاني من أزماتٍ كثيرة وأهل الباطل لا يحبّون أن يكونوا لوحدهم، يحبّون أن يُشرِكوا الآخرين بباطلهم"
وفي ادناه النص الكامل لكلمة السيد الصافي التي القاها خلال الحفل
بدءاً نتوجّه إليكنّ بجمل التبريك والترحيب والسرور في هذا اليوم المبارك وهذه المناسبة العزيزة علينا، الأخوات الكريمات والبنات العزيزات اجتَزْنَ مراحل الدراسة الجامعيّة وسيلجن إن شاء الله تعالى إلى الحياة العمليّة، بما فيه خدمةٌ لهذا البلد الكريم العزيز، وقبل ذلك نسأل الله تعالى أن يقينا وإيّاكم شرّ البلاء، وأن يدفع عنّا وعنكم فتنة هذا الوباء، وأن يرينا فيكم وفي بلدنا كلّ خير دائماً، ونتمنّى أن يتعافى البلد من هذا الجرح بالإضافة إلى جراحاتٍ كثيرة فيه، ونرى فيه وفيكم كلّ خير.
أودّ أن أبيّن مع هذا الوجود المنوّع والمتعدّد من محافظاتنا بعض الأمور على بعض العجالة، أوّلاً مسألة الفرح من المسائل المركوزة فينا فكريّاً، الإنسان يحزن ويفرح، والدنيا هي محطّ كثيرٍ من العوامل، وبطبيعة الإنسان تمرّ به بعض الأمور فيحزن، وأيضاً بعض الأمور يفرح الإنسان أو يُسرّ بها، ولا شكّ أنّنا اليوم مسرورون بهذه الدفعة الثانية من بناتنا، وهنّ يردّدن القسم في بقعةٍ طاهرةٍ ويتعاهدن فيما بينهنّ على أن يكوننّ في مستوى المسؤوليّة، بحسب الاختصاصات التي توفّقت كلّ واحدةٍ منهنّ لها.
الذي أحبّ أن أنوّه له أنّ في حياتنا هناك مساحات كبيرة للسرور والفرح، والإنسان -كما قلت- يمرّ بحالات الابتهاج وحالات السرور، النقطة المركزيّة التي أحبّ أن أنوّه لها هي أنّ الفرح لا يتناسب مع المعصية كما أنّ الحزن كذلك، النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بعد أن توفّي ولده ابراهيم بيّن أنّ القلب يحزن والعين لتدمع، ثم بيّن أنّه لا نقول ما يُسخط الربّ، وكذلك في الفرح الإنسان يفرح ويُسرّ في أكثر من مناسبة، الله تعالى يرزقُهُ بمولودٍ يفرح، يسكن في بيتٍ جديد يفرح، ويُكمل الدّراسات الجامعيّة يفرح، يُكمل الدراسات العُليا يفرح، الإنسان يلتقي بأخٍ عزيز يفرح بلقائه، فإذن الفرح حالةٌ لا يخلو عنها الإنسان والسرور أيضاً، حتّى أنّ بعض الروايات (أنّ الله تعالى ليفرح بتوبة العبد المؤمن)، أو الإمام الصادق يتحدّث مع شخص (لقد سررتني، بل والله لقد سررت رسول الله، بل لقد سررت الله في عرشه)، فاللّه تعالى هو المؤدِّب لنا والمربّي من خلال القرآن والسنّة النبويّة، فاحرصوا أن تفرحوا في مواطن الفرح، لكن احرصوا على أن لا تعصوا الله تعالى، وهذه البركات التي نحن فيها كلّها من الله تعالى، ومن العيب على الإنسان أنّ الله تعالى يرزق والعبد يعصي.
هذا الاحتفال الكريم إن شاء الله تعالى يبقى في ذاكرة الأخوات والبنات العزيزات، لأنّهنّ وقفن في بقعةٍ طاهرةٍ فهنيئاً لهنّ بهذا السرور وهذا الفرح، فأسأل الله تعالى أن يكون هذا الاحتفال قدوةً لاحتفالاتٍ أُخَر، قد يريد الإنسان أن يفرح لكن للأسف لم يتوفّق أن يفرح بالشكل الذي يسرّ الله تعالى، والإنسان عندما يبدأ بهذا الفرح الله تعالى يأخذ بيده لأنّه عبدٌ صالح حرص على طاعة الله تعالى في كلّ الظروف، فاللّه تعالى يأخذ بيده إلى منابع الخير والتوفيق.
الأمر الثاني هو الدعاء لكلّ الأُسر الكريمة وبالأخصّ أُسَر بناتنا الطالبات الموجودات من الآباء والأمّهات، هذه الأسر الكريمة التي سهرت وشجّعت بناتها على الدراسة وعلى التواصل وعدم اليأس، رغم كلّ الظروف التي يمرّ بها البلد، فلهم منّا جزيلُ الشكر والتقدير داعين الله تعالى لهم بكلّ ما يسرّ.
ومن هنا يتحتّم عليّ أن أنبّه بناتنا العزيزات في إرجاع الدَّيْن لهذه الأسر، أنتم تعلمون أنّ الجانب التكنلوجيّ الذي يمرّ به العالم للأسف أفقدنا الكثير من الروابط الأسريّة، بسبب عدم انتباه بعض الأُسَر أو نوع الرغبة عند الشباب والشابّات إلى أن يلهثوا وراء شيءٍ قد يتصوّرون فيه نفعاً، لكنّه كان على حساب الروابط الأسريّة، نحن نعاني من مشاكل وبعض المشاكل تُصلّح لكن لابدّ أن ندقّ ناقوس الخطر إزاء المشاكل الأسريّة، الروابط الأُسريّة لابدّ أن نحرص دائماً عليها، وأنتم في موقعكم الآن وفي المستقبل إن شاء الله تعالى عليكم أن تعزّزوا القيم النبيلة التي عندنا، لا يوجد هناك ربط ما بين التقدّم التكنلوجيّ والتحلّل الأسريّ، هذا ملاكه شيء وهذا ملاكه شيء آخر، إيّاكنّ أن تقعن في خديعة أنّ التطوّر يبدأ بتفسّخ وتحلّل الأسرة، إيّاكنّ ثمّ إيّاكنّ، على العكس اليوم العالم يعاني من هذه المشكلة ويريد أن يرجع إلى الأسرة ولا يستطيع، لأنّ لديه مشاكل حقيقيّة، لأنّ الأسرة تتألّف من زوجٍ وزوجة فقط، لا توجد أسرة تتألّف من رجل ورجل أو امرأة وامرأة، هذه جناية على الفطرة الإنسانيّة، ولا يُمكن لأسرة فقط أن تكون بعلاقةٍ شكليّة، الولد في جهة والبنت في جهة والأب والأمّ في جهة، احرصوا على هذه النزعة الفطريّة، الإنسان يتوفّق إذا افتتَحَ صباحَه بقبلة على يد أبيه أو أمّه، وأيضاً يسعَدُ إذا أوى إلى فراشه والأبوان في منتهى الرضا عنه، الأب قد يقصّر مع نفسه من أجل أن يرى ابنه أو ابنته في مراقي الكمال، وكذلك الأمّ تبذل جهداً كبيراً من أجل ذلك، وقد لا يشعر الابن أو البنت بالوضع الصعب الذي يمرّ به الأبوان جرّاء ذلك الجهد.
احرصوا على إرجاع الجميل إلى أُسَركم الكريمة، أنتِ الآن بنت غداً تكونين زوجة وبعد غدٍ أمّاً، فاحرصي على أن تكوّني أُسرةً متماسكة لها قيمٌ ولها مفاهيمها الخاصّة وأدبيّاتها الخاصّة وضوابطها الخاصّة، التكنلوجيا ليست لها علاقة بهذه القضيّة، أسرةٌ متماسكة ومتقدّمة علميّاً هذا لا يمنع، هناك عملٌ دؤوب على تفكيك الأسرة، والإنسان الذي لديه بلادة في الفهم الاجتماعيّ، وليست له رؤيةٌ واضحة يُخدع وراء أيّ عنوانٍ برّاق، وهذا العنوان يُراد منه أن يحطّم ثقافتنا وأُسَرنا فلابُدّ أن تكوننّ في منتهى الوعي والإدراك، الأسرة هي محطّ الاهتمام سواءً في الشرائع السماويّة أو الوضعيّة.
الناس تُعاني من أزماتٍ كثيرة وأهل الباطل لا يحبّون أن يكونوا لوحدهم، يحبّون أن يُشرِكوا الآخرين بباطلهم.
بناتي احرصنَ دائماً على أن تراقبنَ أنفسكنّ، لابُدّ أن تكوننّ على يقظة.
أخيراً ستدخلون ميدان العمل وهو يختلف عن ميدان العلم، وفيه مشاكل كبرى يواجهها الإنسان، أوّلاً أودّ أن تستنصحوا من يملك النصيحة لكم قبل أن تَلِجوا إلى عالم العمل.
ثانياً لابُدّ أن تكون عندنا مبادئ في العمل احرصوا على أن لا تفقدوها، العمل فيه تقاطعات سترون بعض الصفات التي لم تألفوها، في المقابل سترون صفاتٍ حميدة وإن شاء الله تعالى هي كثيرة لكم، الصفات التي لم تألفوها حاولوا أن لا تتأثّروا فيها سلباً بل أنتم أثّروا فيها إيجاباً، في بعض الحالات الناس تقنّن الباطل وتغلّفه، كما هو في موضوع الرشوة، بعض الناس تحاول أن تغلّفها بعناوين الهديّة وعناوين قضاء الحاجة وأمثال ذلك، والناس لا تجد فيهم حصانة إزاء هذا المرض، جنّبْنَ أنفسكنّ عن هذه الصفات، اعملنَ بجدٍّ على أن تكون الصفحة دائما بيضاء بعيداً عن كلّ التأثيرات، ولا تفكّروا بالكسب المادّي السريع فقد يكون من الموبقات، لأنّه لا يوجد كسبٌ مادّي سريع إلّا فيه إشكالٌ وإشكال، لا تغرّنّكم الحياةُ الدنيا بما فيها من متعٍ ولذائذ لا يُمكنُ الوصولُ إليها إلّا بدفع ثمنٍ باهض.
المال ليس كلّ شيء، فهناك كثيرٌ من لديه مال لكن لا يجد له موطئ قدم في مجموعةٍ طيّبة من الناس، لأنّ ماله لم يأتِ من وجهٍ صحيح، وهناك من لا يملك مالاً والناس تفقده في محافلها لأنّ في محيّاه كلّ الخير.
أوصيكنّ بقضاء حوائج الناس، هذه البصمة التي تترك منكم إزاء الناس، اسعوا إلى قضاء حوائج الناس فإنّ فيها بركاتٍ كبيرة، ما دمتم قادرين على قضائها اسعوا إليها.
أسأل الله تعالى وبصدقٍ أدعوه أن يحفّنا جميعاً ببركاته، ونجعل شفيعتنا إليه البتول الطاهرة(عليها السلام)، وأسأله أن يرينا فيكنّ كلّ خير ويحفظ أسركم الكريمة، ولا يفوتني أن أشكر منظّمي هذا الاحتفال من الأخوات لما بذَلْنَه من جهدٍ كبير.
وهناك دينٌ علينا وهي تلك الدماء العزيزة التي بُذلت في تلك الفترة المظلمة التي مرّت بالبلد، لولا أن دفع الله تعالى عنه بتلك الفتوى لسيّدها المرجع الأعلى سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه الوارف)، نسأل الله تعالى أن يتغمّد شهداءنا الأبطال بواسع رحمته، وأن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.
أقرأ ايضاً
- في السيدة زينب بسوريا :العتبة الحسينية توزع ملابس وعربات ذوي الاحتياجات الخاصة على اللبنانيين
- لبنان :مساعدات السيد السيستاني تدق أبواب دير الأحمر”، وهذه هي المناطق المشمولة
- مكتب السيد السيستاني بلبنان يقدم المساعدات الانسانية لـ90% من مراكز النزوح والخفاف يزور بعض المطابخ في احد مراكز النزوح