بقلم:حيدر عاشور
انَّ اللغةَ والأسلوب يحددان طبيعة الكاتب، باعتبار أن الكتابة هي حريته، إنه يختارها وفق الازمات الكبرى التي تمر على الدين والمجتمع والوطن. ادراكه ان ثقافة القيم الانسانية قد تم استلابها اتجاه القيم المهيمنة للثقافة الاحتلالية. فيطرح من خلالها مساره الابداعي من عدة وجهات نظر مختلفة ودوافع ورؤى متعددة أو ما يتعلق بالجوانب الذاتية للكاتب بما يعيشه من علاقات اجتماعية وتفاعلات سياسية. إذ لا تمثل الكتابة بالنسبة للكاتب اختياراً وحسب بل هي العنصر الحيوي الذي يعيش في داخلهِ، ولأنها ملكية جماعية فهي اجتماعية بالضرورة. أي علاقة يقيمها الكاتب مع المجتمع من خلال ما يبدعه من طروحات مؤثّرة في الشارع والوسط الثقافي والأدبي. فالكتابة وظيفة تنسج بين الأبداع والمجتمع، وهي الطرح المدرك في قصدية الكاتب الإنسانية والمرتبطة بالأزمات ايضاً. الكتابة تجعل الكاتب ملتزماً بنهج اختيار ما لطروحاته الكتابية، مما يجعل سلوكه كشكل وبصمة أسلوبية، مجسّداً من هذا المنظور قدرته على طرح الحقيقة دون رتوش. والكتابة الآنية على أساس أنها تخوض في تجربة التجديد العشوائي، والبحث عن لغة مستحيلة، كتابة بريئة بيضاء، أي في درجة الصفر في بعض الاحيان. فالكاتب هنا لم يؤسس ذاتية وافقا خاصا به لغة وأسلوبا. لان اللغة والأسلوب يمثلان إحداثيات النص الادبي حيث يصوغ الكاتب شكل كتابته بالمضمون، ليحصل على قيمة مزدوجة وفعالة بينه وبين المجتمع، وعليه ان يختار الاختيار الإلزامي لمؤسسة المسماة "الأدب" دون الولوج تحت أغطية مؤسساتية بمسميات مختلفة. والكاتب لا يمكن أن يكون غطاء مؤذيا ومخيّبا للآمال والابتعاد الجوهري عن قضية المجتمع والدين والوطن، وينطبق هذا الأمر على الكثير مهما توجّهوا لخدمة الايديولوجية السائدة وهم يحطّمون بشكل تدريجي لمهنتهم وموهبتهم الكتابية، ليعيشوا منزاحين ومنفصمين عن مبادئهم على المستويين الاجتماعي والثقافي، وتحولا مفاجئاً وحاداً في المفاهيم. لمصلحة ما يقلب الأسود ابيض، والأبيض أسود. قد يبدو الطرح قاسياً في بعض سطور هذه الكلمات، أو غفلة عن حق بعض المهنيين ودورهم في بناء مجتمع مثقف، ولكن هي وجهة نظر محدد عما يحدث في نشر كتابات الكتاب في صفحات المواقع الالكترونية أو الورقية والتأثير على الذائقة والرأي العام بسبب مشكلة اللغة والأسلوب، وأوهام البعض الذين يخوضون في زخم من الكتابات، ربما ليجدوا مكاناً لائقاً او ليصنعوا لهم صنمية حداثوية غامضة. وتجدر الاشارة في النهاية الى وهم آخر الا وهو وهم الشهرة الذي يهيمن في العقول البسيطة، وهي محل صراع حاد ودائم مع الكاتب وذاته. الكتابة: هي مسؤولية تبرز في الاوساط الحياتية الاجتماعية منها والسياسية والجمالية والفنية وبخاصة في الوسط الثقافي. ومن يشار اليه بالكاتب: هو من يتقن فن اللغة والأسلوب والكتابة.