- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رسالة من تحت الماء:الطبقة الوسطى في العراق تغرق…
حجم النص
بقلم:منقذ داغر
في دراسة نشرتُها في مركز الدراسات الستراتيجية بواشنطن في 20 ت1 أشرت الى تآكل حجم الطبقة الوسطى في العراق من 60% تقريباً عام 2007 لتصل الى 30% عام 2020 استناداً الى مصادر علمية عراقية ودولية. في مقابل ذلك تضاعف حجم الطبقة الفقيرة،والتي تضم الأسر التي تعيش تحت خط الفقر او تلك التي اوضاعها هشة ومعرضة للوقوع في براثن الفقر(حسب المعايير الدولية) لتصل الى 60% من سكان العراق تقريباً خلال نفس الفترة.
وعلى الرغم من إيماني الكامل بأن حكومة الكاظمي ورثت تركة ثقيلة من الحكومات السابقة،بخاصة في الجانب الاقتصادي، وبرغم اعترافي التام انا وكل من اعرفهم من الخبراء الموثوقين ،بأن الاقتصاد العراقي كان يعيش على جهاز تنفس اصطناعي حينما تسلمت هذه الحكومة مهامها،الا انني في ذات الوقت اقول ان اسلوب المعالجة المقترح تعتوره الكثير من الاشكالات وكان يمكن اللجوء الى خيارات افضل بكثير واقل قسوة على ليس فقط على الاقتصاد بل على الاجتماع والسياسة العراقيَين. وهنا لا بد لي من الاشادة بشجاعة القرار السياسي الذي كما يبدو كان مدركاً لعدم شعبية القرارات هذه وتأثيرها السلبي على رصيده الجماهيري،لكن مع ذلك فأني كنت افضل استخدام هذه الشجاعة في قرارات لا تقل صعوبة وخطورة لكنها تراعي مصالح الطبقتين الوسطى والفقيرة بشكل افضل.
لقد جاء قرار البنك المركزي العراقي مؤخراً بخفض قيمة العملة العراقية مقابل الدولار ليضيف عبئاً إضافياً على الاقتصاد العراقي(المتهالك اصلاً). ففضلاً عن الموجات التضخمية الكبيرة التي سيسببها والتي يصعب احصاءها فعلاً لنقص البيانات فأن هناك تكلفة مباشرة ستتمثل في تآكل مستوى الدخل في العراق بنسبة 22.5%تقريباً(١).ولأن الاقتصاد العراقي في مجمله هو اقتصاد استهلاكي استيرادي ويكاد الانتاج المحلي (سواء المعد للاستهلاك او للتصدير)لا يشكل نسبة تذكر مقابل حجم الاستيرادات الهائلة فإن النتائج المباشرة وغير المباشرة لقرار تخفيض سعر صرف الدينار العراقي ستكون كارثية بلا شك.ولعل في مقدمة هذه النتائج هو اختفاء الطبقة الوسطى(تقريباً) من المشهد وتحول العراق الى طبقتين غنية وفقيرة فقط. ان هذا الاستنتاج مبني على الافتراضات الآتية:
ان حوالي 75-80% من دخل الاسرة العراقية يتأتى من الرواتب والاجور(٢)لذا سيتم حساب الاثر المباشر لنقص سعر العملة على الدخل وبافتراض ان باقي الدخل للافراد والاسر والمتأتي من مصادر غير الاجور والرواتب سيبقى ثابت(وهو افتراض غير علمي لكن لعدم وجود معطيات رقمية فسيتم اعتماده هنا).
ان متوسط حجم الاسرة في العراق هو 6 اشخاص.(٣)
ان خط الفقر في العراق هو 2 دولار يومياً للفرد وان خط الفئات المعرضة للفقر هو 5 دولار للفرد .ودخل الفرد في الطبقة الوسطى هو 6-10 دولار يومياً بحسب ما مدكور آنفاً.
ان نسب توزيع الافراد حسب مستوى الدخل يستند الى المسح الاجتماعي والاقتصادي الذي اجراه الجهاز المركزي للاحصاء في عامي 2007,2014 (٤)
ان هناك تخفيضات اضافية في رواتب ومخصصات الموظفين العموميين حسب موازنة 2021 المقترحة قد تصل بالتخفيض الى 40%.
بناءً على الافتراضات السابقة وبحساب انخفاض سعر العملة العراقية مقابل الدولار من 120دينار للدولار الواحد الى 147 دولار فيمكن القول :
أ. ان معدل خط الفقر سيرتفع من 432 الف دينار عراقي(بسعر صرف 120 دينار للدولار)الى 530 الف دينار عراقي وبأفتراض ان كل اسرة مكونة من 6 افراد ولها مُعيل واحد فقط.هذا يعني ان من هم دون خط الفقر سيرتفعون الى حوالي 36% آخذين بنظر الاعتبار الزيادة التي قدرها البنك الدولي في تقريره الاخير عن آثار جائحة كورونا الأقتصادية على معدلات الفقر في العراق.(٥)
ب. اما نسبة العراقيين الذين ستُعد اوضاعهم الاقتصادية هشة وسيكونون معرضين للوقوع في براثن الفقر(اقل من 5 دولار يومياً) فحسب سعر الصرف الجديد ستكون نسبته التقديرية حوالي 53% . بمعنى ان محموع نسبة الطبقة الفقيرة حسب المعايير الدولية(اقل 5 دولار يومياً) ستبلغ حوالي 89% من مجموع السكان،وبافتراض ان خط الهشاشة المعرضة للفقر سيكون حوالي 1,323,000 مليون وثلاثمائة وثلاثة وعشرون الف دينار عراقي شهرياً، بعد ان كان يعادل حوالي مليون دينار شهرياً.
ج. ان نسبة الطبقة الوسطى(8 دولار يومياً للفرد في المتوسط) ستكون غير معروفة لان معيار الجهاز المركزي للاحصاء كان يعد كل عائلة دخلها اكثر من مليونين دينار شهرياً غنية، او على الاقل فان حد المليونين دينار كان هو الاعلى في تصنيف وزارة التخطيط. فأذا عرفنا انه وطبقاً لسعر الصرف الجديد في العراق فأن الحد الفاصل لكي يعد الدخل ضمن الطبقة الوسطى هو 2,116,000 مليونين ومائة وستة عشر الاف دينار عراقي فسيكون من الصعب ان نعرف حجم الطبقة الوسطى. لكن وبمعرفة سلّم الرواتب ومعدلاتها في القطاعين الخاص والعام فان افتراض انقراض الطبقة الوسطى سيكون افتراضاً صحيحاً ومعقولاً للاسف.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي