- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الموازنة المرتقبة واختبار الضمائر..
د. ولي علي
على الرغم من أن معظم الشعب لديه ذاكرة سيئة تتعلق بالكثير من الموازنات السابقة لما يسمعه من طبيعة الارقام المسطرة امام الكثير من الفقرات المتصلة بحياتها، والتي في غالب الاحيان ذهبت الى جيوب الفاسدين وأكرشة المنتفعين إلا انها مع ذلك كله اصبحت محل ترقب واهتمام كبير لارتباطها بأكثر من شأن حيوي ومصيري للكثيرين. دأبت الموازنات السابقة ان تدخل في تفاصيل الكثير من الامور، فهي التي تحدد سياسية التوظيف والفرص الممنوحة للتعينات الجديدة، والتي تتحدث عن العلاوات والترفيعات، ونقل الخدمات والاضافة، والتنسيب والتكليف، وعن الكثير من الامور التي تلامس حياة عدد كبير من المواطنين وفي مقدمتهم الموظفين، ومع انها في كل المرات السابقة تتكفل بتحديد الموازنتين التشغيلية والاستثمارية، وتعنى الاولى بالرواتب والانفاقات الحكومية إلا ان الاوضاع الاقتصادية لم تقرن استمرار دفع الرواتب بوجودها بل حتى في المرات التي لم تقر فيها الموازنة، استمر انطلاق الرواتب نتيجة لوجود مدخولات كافية تسمح بذلك، إلا ان الوضع يختلف في هذه الموازنة بشكل كبير، فالاوضاع الاقتصادية في حالة حرجة وحساسة، وقد اضطرت الحكومة للاقتراض لتسديد رواتب اخر ثلاثة اشهر من السنة الجارية، وبينت حجم العجز الذي يرافق موازنة العام 202 1 كما اشارت الى ان رواتب السنة القادمة ستكون مرهونة باقرار الموازنة وامضائها. في كل الموازنات السابقة كان الجدل السياسي، وصراع المصالح والمنافع الحزبية والجهتية حاضراً بقوة في النقاشات، ولطالما تقدمت النقاشات السياسية على نظيرتها الفنية والتخصصية، والتي تسببت في الكثير من الازمات، وانعكست سلباً على حياة المجتمع، وظهر ذلك جلياً في الموازنات التي اقترنت او كانت بوقت قريب من المواسم الانتخابية. مر قانون الاقتراض بصعوبة بعد جدل كبير لا تزال ذيوله باقية في ما يتصل بحصة الاقليم، ويتعبأ الكثير من الاطراف البرلمانية استحضاراً للموازنة المرتقبة. مما لا شك فيه، بل من الضروري، ان يقوم البرلمان بنقاشات فنية ومالية تتعلق بالموازنة وما تحويه ولكن لا بد ان يتذكر الجميع وبضمير حي، ان ظروف الموازنة الحالية، فتعطيلها يعني، ان رواتب الموظفين امام نفق مظلم، وكذلك التبعات المالية الضرورية، كما ان الاهم، اطلاق الاموال الضرورية للانتخابات المرتقبة، فلا يمكن الوفاء بالموعد دون ان تكون هناك اموالاً كافية لاجرائها. اننا نرتقب جولة من الاستعراض السياسي الذي سوف يوظف نقاش الموازنة لصالح موقفه الانتخابي او حتى لمنع قيام الانتخابات بالنسبة لغير الراغبين بإجرائها، كما اننا سنسمع الكثير من الخطابات الحماسية إلا ان المهم ان يتذكر الجميع، انهم امام اختبار حساس يتعلق بأقوات الناس وحقوقهم، واذا كان البعض قادراً على تمشية امورهم بعيداً عن المرتب الشهري فإن معظم الموظفين كما يعبرون عينهم على الله وعلى الراتب.
أقرأ ايضاً
- الاستثمار القَطَري والموازنة الثلاثيّة وطريق التنمية في العراق
- خرافة الموازنة
- ملاحظات حول الموازنة العامة – الجزء السابع