- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حصان ابليس .. يلجمه رجال دولة حقيقيون
بقلم: بركات علي حمودي
الفساد .. هذا المصطلح الذي طالما ارق مضاجع العراقيين لما سبّب لهم من خسائر لا تُحصى من اموال ومشاريع وموارد على مدى 17 عاماً بعد التغيير، وربع قرناً قبلها من ادارة البعث الصدامي الذي اهدر هذه الموارد على الحروب العبثية، لتكون قرابة اربعون عاماً الاخيرة من عمر العراق، ثقافة الفساد المالي فيه مستساغة من (فراش اقل دائرة حكومية وحتى الوزير في اهم وزارة) حتى اصبحت مفردة الرشوة غير مُعيبة وتتداول بشكل علني بأسماء وعناوين وطرق شتى، والمال العام اصبح سائباً بسبب عدم وجود الرقيب (الحكومي والشعبي) !
كلنا مُتيقن ان الحلال والحرام لا يحتاج لفتوى او مسائل شرعية، فسرقة المال العام حرام لا يقبل الشك، بيد انه يحتاج (لزيادة حماس) من اجل محاربته شعبياً وسلطوياً كي لا يعود هذا الفساد مرةً اخرى ان انتهت الحملة الحالية ضد الفساد، او انتهت دورة هذه الحكومة الانتقالية واتت حكومة جديدة ربما لا تملك ذات حماس هذه الحكومة !
كلنا يتذكر فتوى الجهاد الكفائي التي الهبت مشاعر العراقيين وكيف خرجوا بمختلف طوائفهم واختلافاتهم للدفاع عن حياض البلد، و هنا يتبادر الى الذهن سؤال:
لو لم تكن هناك فتوى، هل كان الشعب سيظل صامتاً بوجه الارهاب ولا ينتفض مدافعاً عن ارضه و عرضه ؟؟
الجواب: الشعب كان سينتفض بالفتوى او بلا فتوى، فلا يوجد شعب يرضى ان يدنسه الارهاب، لكن الفتوى كانت دافع قوي من اجل شحذ الهمم وشرعنة هذا الجهاد بشكل اكبر وليكون جهاداً مقدس ينتهي بأن يكون اجر القتيل فيه، شهيدا.
ولهذا فأن الحرب ضد الفساد لا تقل ضراوةً عن الحرب ضد الارهاب، هل نسينا كيف انبرت المرجعية بأحدى خطبها و قالت للشعب العراقي حرفياً:
(( ايها العراقيون الكرام، ان امامكم اليوم معركةٌ مصيريةً اخرى، وهي معركة الاصلاح، والعمل على انهاء حُقبةٍ طويلة من الفساد والفشل في ادارة البلد، وان هذه المعركة التي تأخرت طويلا، لا تقل ضراوةً عن معركة الارهاب ان لم تكن اشد و اقسى، والعراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب قادرون ـ بعون الله ـ على خوض غمار معركة الفساد والانتصار فيها أيضاً إن أحسنوا ادارتها بشكل مهني وحازم )).
ومن هنا يتبين ان معركة الاصلاح هي الاهم عند المرجعية من معركة الارهاب وكلنا يعرف ان كلام المرجع هو حجة على المسلمين وليس كلام عابر، او هشيم تذروه الرياح ككلام الساسة او رجال دين لهم مصالح سياسية !
واقولها مرةً ثانية .. من منا نسى كيف خرج العراقيون بعد ساعات من فتوى الجهاد الكفائي ضد الارهاب مسترخصين دماءهم ؟
فما بالكم لو اننا فهمنا (نداء المرجعية) لمرتين او أكثر كي نحارب الفساد كما حاربنا الارهاب، و ذلك في خطبة النصر عام 2017 وكذلك في خُطب المرجعية في اوج تظاهرات تشرين التي دعت الجماهير لادامة زخمها (بشكل سلمي) من اجل انهاء الفساد !
وقد يقول قائل .. هل ان محاربة الفساد ستكون كما كانت في محاربة الارهاب بالسلاح او كما في ثورة تشرين التي ارقت الفاسدين و فتحت الباب كبيراً للبدء بمحاربة الفساد و الفاسدين ؟
والجواب هنا: كلا
محاربة الفساد تكون بأن يكون دافعك لمحاربته كما كان دافعك حين حاربت الارهاب بعد 2014، و ذلك حينما تكون انت المواطن العادي محارباً للرشوة في الدوائر، و مُبلغاً عن اي حالة فساد مالي او اداري في اي دائرة حكومية، وان لا تبخل بأي معلومة قد تطيح بفاسد هنا او هناك !
محاربة الفساد تكون أيضاً عبر صناديق الاقتراع وقت الانتخابات ،، بأن لا انتخب السياسي الفاسد لمجرد انه ابن طائفتي او مدينتي او عشيرتي ،، بل ان اعمل على عدم التصويت له بتثقيف الناس بأن الفساد السياسي (المُجرب) سابقاً يستحيل ان يستقيم بتقادم الايام او بأعطاء الفرص من الناخبين على (وهم) ان يتوبوا و يعودوا عن فسادهم و قيادة البلد كما في البلدان المتقدمة او المجاورة على الاقل !
محاربة الفساد تحتاج لثورة حقيقية .. شبيهةً بثورة العراقيين ضد الارهاب عام 2014، بيد ان سلاح المجاهد فيه ليس كلاشنكوف او ار بي جي كما حصل في الحرب ضد الارهاب، بل ضمير حي يكون فيه الموظف رقيباً على مديره في العمل كي لا يستغل منصبه للاستغلال و العكس أيضاً، وكذلك المراجع ان لا يسمح باعطاء الرشوة اذا طالبهُ الموظف بذلك، وان يقوم بفضحه علانيةً وهنا يكون الاشهار فيه (مُشرعناً) ضمن الحملة الشرعية في الحرب ضد الفساد.
حربنا طويلة، وحصان الفساد فيه قادرون على لجمه لو كنا فرسان دولة حقيقيين، كي ننتصر في الحرب على الفساد بوجود ادوات صحيحة للاصلاح عمادها هو حب الوطن و صون المال العام واعتباره امانةً بيدنا يجب ان نُنميه من اجل رفاهية اجيالنا القادمة !
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً