بقلم: عباس قاسم المرياني
هناك مثل شعبي متدول يقول: (كرصه لا تثلمين، باگه لا تحلين، واكلي لمن تشبعين) يعود هذا المثل لقصة عجوز كانت بخيله جداً تقتر على زوجات ابنائها (الچناين) ان لا يكثرن من الاكل حرصاً وبخلاً منها.
وفي احد الايام اتى ضيفاً اضطرت العمة بسببه ان تضع مختلف اصناف الطعام امامه والزوجات (الچناين) ايضاً، وكان ضمن هؤلاء الزوجات (الچناين) زوجة تسمى (شفلاته) تميزت بالحكمة والدهاء، ولحرص العمة ان لا يأكلن الزوجات (الجناين) من الاكل أشترطت عليهن شرطاً (كرصه لا تثلمين، باگه لا تحلين، واكلي لمن تشبعين)، وبعد ابتعاد العمة قامت شفلاته بأكل رغيف الخبز من الوسط من غير ان تمس حوافه او تثلمه، واخذت تسحب عيدان الخضروات من الباقة دون ان تفك الباقة، فأكلت حتى شبعت.
وحين عادت العمة وجدت الرغيف قد فرغ من وسطه، والباقة لم يبق منها سوى العيدان ولم تفك، فسألتها عن الطعام قالت: عملت بوصيتكِ فما زال الرغيف مدوراً ولم يثلم، والباقة لم تفك، فتعجبت العمة من دهاء شفلاته، وراحت تبحث عن فكرة جديدة.
هذه الحالة كثيراً من نجدها لدى بعض الدول العربية في سياستها، او علاقتها مع العراق، فنجدها تطرح شروطها وبنودها لابتعاد العراق عن علاقاته مع ايران لانهم يعدونها عدوة للعرب، ويطلبون من العراق عودته لعمقهِ العربي الذي صدعوا رؤوسنا به، كأنما هو طفلاً بنظرهم، وبنفس الوقت هذه الدول لا تقدم اي دعم للعراق ولا تلتزم بجميع الاتفاقيات السياسية والاقتصادية المعقودة معهم.
فضلاً عن ذلك هذه الدول او بعضها حالياً تهرول بكل قوتها من اجل ان تُطبع العلاقات مع اسرائيل وبشكل علني، متجاهلةً بذلك كل سياسات اسرائيل ضد الشعوب العربية وسفكها الدم، والاتفاقيات العربية التي تمنع اي تطبيع من الاحتلال الاسرائيلي، وبنفس الوقت تطالب العراق بالعمق العربي المشتت ضاهراً وباطناً.
من هذا بات العراق بين نارين، يُجرم بسبب علاقاته الواسعة مع الجارة ايران الاسلامية ومهما يكون هي افضل من اسرائيل بكثير، وفوضوية سياسات هذه الدول العربية التي تُطبع مع اسرائيل لتكون صديقه، وتُجرم العراق وتخشاه وتعدهُ عدواً لها.
فمن اين نأتي بشفلاته لتسعفنا بدهائها وحكمتها، وتخلصنا من مكر عمتنا العربية ؟.
أقرأ ايضاً
- الصهاينة واسلوب التطبيع الثقافي الشيطاني
- قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل...هل خرج من النافذة ليدخل من الباب ؟!
- التحدي الأول لقانون تجريم التطبيع هو نفط الإقليم المصدر