بقلم: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا
كتب الشاعر والمسرحي اليوناني سوفوكليس المتوفي في عام (405) قبل الميلاد (لا شيء في العالم يفسد الأخلاق كالمال). كتب هذه العبارة في وقت لم تكن هنالك عملات كالموجودة حاليا من دولار ويورو وأسترليني ودينار وغيرها من العملات ولم يكن هنالك جميع ما يمكن ان يمتلكه الانسان من قصور فخمة وسيارات فارهة واسواق مركزية ومولات كبيرة وشركات وفنادق ضخمة ومستشفيات خاصة ومدارس وجامعات اهلية ومصارف ومكاتب لتهريب الاموال وامكانية السفر والسياحة الى اقصى بقاع الارض واستثمار الاموال فيها بعيدا عن أعين الوطن.
فكل هذه المشاريع لم تخطر على بال سوفوكليس ولم يحلم بها ولا كان بأمكانه ان يتصورها ويتخيلها في عصره. فالمال اذن يفسد الاخلاق حتى وان لم يكن هنالك مجال لانفاقه والتمتع بامتيازاته فكيف يكون الحال ومجالات الانفاق متوفرة حاليا لا حدود لها.
هل هذا يعني ان استحواذ القلة القليلة من سكان العراق على خيرات الوطن وعلى أموال وقوت الكثرة الكثيرة من أبناء الشعب وتركهم فريسة الجوع والفقر والمرض أنهم فاسدي الاخلاق ولا يتمتعون بأبسط سجايا المروءة والنبل ولا تحكمهم مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني القويم ولايعتقدون بدين ولا يؤمنون بيوم الحساب.
فالاخلاق هي مجموعة القيم النبيلة والاحاسيس الانسانية الرهيفة والصفات الحميدة التي من المفترض ان يتمتع بها الانسان لكونه انسان فقد وجدت الاخلاق منذ القديم وهي تحكم السلوك الانساني حتى وان لم يعتنق الانسان دين أو يؤمن بخالق.
ان الاطلاع على أحوال هذه القلة القليلة يرى أنهم لا يشبعون من سرقة ولا يمتنعون عن المشاريع الوهمية ولا تهز مشاعرهم النكبات ولا تذكرهم النذر ولا يتعضون بالعبرات ولا يحترمون الاحياء ولا يخشون القوانين ولا حتى عدالة السماء.
انهم سادرون في غيهم, متمسكون بباطلهم, يلهثون وراء المال الحرام في كل حين وعند حدوث أي أزمة, يعتقدون ان بأمكانهم تجنب العدالة البشرية بسطوتهم وأموالهم.
فأن كان ذلك صحيحا وليس هذا مؤكدا في الوقت الحاضر فانهم سوف ينتبهون من غفلتهم عندما تنشر صحائف أعمالهم ماثلة أمام أعينهم يوم لا ينفع مال ولا بنون ليجزيهم الله ما كانوا يفعلون. أنهم المشمولون بقول الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم (لَوْ كان لِابنِ آدمَ وادِيانِ لابْتَغَى وادِيًا ثَالِثً، ولا يَمْلَأُ عين ابنِ آدمَ إِلَّا التُّرَابُ).
أقرأ ايضاً
- أهمية التحقيق المالي الموازي في الجرائم المالية
- العملة الرقمية في ميزان الإعتبار المالي
- لاتشتموني بعد سرقة "المالات" !