- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
في الغرب.. التنكيل بالمسلمين يجسد العنصرية والفاشية والنازية وانتهاك ميثاق حقوق الإنسان
بقلم: د.رعدهادي جبارة
مافتئ الغرب يتهم المسلمين بانتهاك حقوق الانسان، ودأبت الحكومات الأوربية والأمريكية تلصق وصمة الإرهاب بدولنا وتتهم بلداننا في الشرق الأوسط باضطهاد اليهود والمسيحيين!.
لقد استوقفني ولفت نظري أمس تقريرٌ رسمي لوسائل الإعلام الألمانية حول قيام الشرطة الألمانية بتنفيذ حملة أمنية في ولايات براندنبورغ، ومكلنبورغ فوربومرن، وسكسونيا أنهالت، لإحباط مخططات لتنظيم نازي جديد يسمى "القوى الحرة بريغنيتس"، كان ينوي منتسبوه الهجوم على أحد المساجد في البلاد، حيث أشار المتحدث باسم رئاسة شرطة براندنبورغ، إلى أن "الشرطة الألمانية تلقت معلومات تفيد بتخطيط 7 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 32 و 40 عاما، لهجوم بعبوات متفجرة على مسجد في بلدة [فيتنبرغ] في مقاطعة بريغنيتس" و عثرت الشرطة خلال حملة التفتيش على ذخائر وأسلحة بيضاء.
ان ظاهرة العنصرية والتمييز الديني والعرقي لها جذور عميقة في الغرب. والعنصرية في الغرب ليست تصرفات فردية ولا ممارسات محدودة فحسب، بل هي ظاهرة واسعة النطاق، ومنتشرة بوضوح حتى على المستوى الرسمي، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وقبلها ايضا، ورغم تبجُّح الغرب بحقوق الانسان، لكننا نجد هذه الحقوق مجرد حبرٍ على ورق، و غير مطبَّقة عملياً.
وتعود العنصرية في الغرب الى التكبُّر و الغطرسة، وسوء التربية الاسرية، والمناهج الدراسية ذات المفاهيم المشوهة عن الإسلام والمسلمين، وكذلك في ضوء الاعلام الموجَّه ضد بقية الشعوب.
ومازال الغرب يمارس النهج العنصري تجاه السود والمسلمين والعرب والايرانيين وتعد جريمة مقتل جورج فلويد خنقاً وعمداً تحت ضغط ركبة الشرطي الأمريكي المجرم؛ أوضح مثال.
وفي اوروبا لو اخذنا ألمانيا مثلا ؛ يقدر عدد المسلمين في ألمانيا بخمسة ملايين شخص اي حوالي 6% من عدد السكان العام، غالبيتهم من الاتراك او من اصول تركية، و يزيد عدد العرب عن مليون شخص، غالبيتهم من السوريين الذين يبلغ عددهم حوالي 750 الف في نهاية عام 2018.
وتستوقفنا احصائية نشرتها قناة DW الألمانية تقول: هنالك حاليا 50 بالمئة من الألمان يَعتَبرون الاسلام (تهديداً)، وهذه الدراسة نُشِرت في الحادي عشر من تموز - يوليو 2019 عن مؤسسة بيرتسلمان الألمانية.
وفي استطلاع للرأي أُجريَ في مطلع عام 2019 اعرب نحو ربع الشباب في المانيا عن انزعاجهم واستيائهم من بناء المساجد في بلدهم !!
وأظهر الاستطلاع ان نحو نصف المراهقين والشباب البالغين يرون انه لا يمكن في ألمانيا ان يتبنى أحد -على نحو صريح- آراء ً محددة في موضوعات مثل الهجرة او الإسلام بدون أن يتم تصنيفه على أنه يميني متطرف، وغالبا ما نجد ان الاعلام الرسمي وشبه الرسمي يعزو جذور الكثير من المشاكل المتعلقة بالمسلمين الى الدين وحده، بينما الحقيقة ان هنالك اسباباً اجتماعية وثقافية وسياسية وحتى تاريخية.
وهناك من يعزو الصورة السلبية عن الاسلام والمسلمين الى الهجرة والمهاجرين وليس العكس. وثمة من يربط الصراعات العالمية في الشرق الاوسط بالاسلام.
على سبيل المثال زعيم حزب البديل اليميني الشعبوي في المانيا الكسندر غولاند وصف الاسلام بأنه (جسم غريب !) في ألمانيا وانه لا يتوافق مع القانون الاساسي اي (الدستور) !.
لقد ازداد عدد الهجمات على المسلمين والمساجد والمراكز الإسلامية في ألمانيا في السنوات الاخيرة حسب بيانات وزارة الداخلية الالمانية، بحيث إن الاحصاءات تقول بأن المساجد والمراكز الإسلامية في المانيا تتعرض بما معدله هجوم واحد كل يومين خلال العام الماضي!!
ويبلغ عدد المساجد في المانيا حوالي 2500 مسجد كبير وصغير، وهنالك ظاهرة امتعاض الألمان من شراء الكنائس المسيحية القديمة والمهدمة وتحويلها الى مساجد إسلامية.
إن ظهور منظمات ارهابية وحركات عنصرية متطرفة في المانيا لم يكن وليد اللحظة وليس مفاجئاً، وبعضها منظمات شبه رسمية NGO ، ولذلك فإنه طالما طالب مسلمو ألمانيا بتوفير الحماية للمساجد خلال صلاة الجمعة والأنشطة والمناسبات الإسلامية. كما طالبوا بتشكيل لجنة برلمانية لتقصّي الحقائق حول العنصرية ومعاداة المسلمين.
وبالأمس؛ مرت الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد شهيدة الحجاب المظلومة مروة علي الشربيني، وهي مواطنة مصرية وُلدت في عام 1977 وتخرجت في كلية الصيدلة من جامعة الإسكندرية في عام 2000 ثم هاجرت في عام 2005 مع زوجها الى المانيا واستقرت في مدينة دريسدن في الشرق حيث عملت صيدلانية في مستشفى الجامعة وفي صيدلية بالمدينة، مع محافظتها على حجابها وزوجها عكاظ طالب دكتوراه ومعيد في الجامعة.
وفي الاول من تموز- يوليو عام 2009 قام المواطن الالماني من اصل روسي اليكس وينز بطعنها في وسط المحكمة ثمانية عشر مرة خلال ثلاثة دقائق!!
وكانت مروة عند الهجوم عليها حاملاً في شهرها الثالث، ولديها طفل صغير يراها اثناء الهجوم، حيث هاجمها [وينز] العنصري وطعنها في صدرها و بطنها بسكين كبير أخرجه من حقيبة كان يحملها معه عند دخوله المحكمة، وعندما شاهدها زوجها تتعرض للهجوم والطعن نهض وركض بسرعة ليدافع عنها، وكانت المفاجأة ان الشرطة الالمانية -وبدلا من ان تحمي الشهيدة مروة الشربيني- أطلقت الرصاص على زوجها المدافع عنها بينما كان يحاول الامساك بيد المجرم الذي يطعنها ودماؤها تنزف!!.
وهذه الجريمة وغيرها من آلاف الجرائم المقيتة تعكس الاسلاموفوبيا والزينوفوبيا والعنصرية العمياء في المجتمع الأوربي والغربي عموماً.
وهنالك تطرف وكراهية مستترة أحياناً وظاهرة أحياناً أخرى -من المواطنين الالمان والاوربيين عموماً- نحو المسلمين.
ولا شك ان أحد أهم أسباب العنصرية الغربية هو نمط الخطاب الغربي ومنهج الاعلام الغربي المعادي للاسلام والمسلمين. وهناك ترسبات كثيرة تعود الى العداء بين الدولة العثمانية وبلدان أوروبا والحروب الدموية التي قامت بينهما في القرون الماضية، فضلا عن ترسبات الحروب الصليبية، كما ان هنالك دورا للتربية المنحرفة في الأسر الغربية لأبنائها كره العرب والمسلمين، وخاصة بعد ظهور التطرف الوهابي والارهاب الداعشي برعاية ودعم امريكي وغربي، وباعتراف ترامب نفسه وقبله أوباما وهيلاري كلينتون، ونعلم بأن آلاف الدواعش قد جاءوا من بلدان أوروبية وشاركوا في ذبح العراقيين والسوريين وغيرهم، فهل يبرر ذلك للمسلمين ان يقتلوا كل اوروبي من الأبرياء يرونه في بلدانهم، رجلاً كان او امرأة؟! بينما القرآن الكريم يقول {ولا تَزِرُ وازِرةٌ وِزرَ أُخرى} و{إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
لقد كان لمقتل الشهيدة مروة الشربيني بهذه القسوة والوحشية؛ أصداء كبيرة في ألمانيا والبلدان العربية والاسلامية، ولا شك بأن مضايقة المحجبات عملٌ يتناقض حتى مع مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان المعتمد في الغرب (حسب الظاهر!).
ولا شك بأن منع الحجاب ومهاجمة المساجد وتوجيه الأذى الى المسلمات والتنكيل بالمسلمين والسود يجسد العنصرية والفاشية والنازية ويمثل انتهاكاً صارخاً لكل بنود القانون الدولي وميثاق حقوق الإنسان والمشاعر الإنسانية، و يجسّد العنصرية المقيتة والحقد الأعمى و الكراهية لدى الغرب وكثير من الغربيين ضد الاسلام والمسلمين.
أقرأ ايضاً
- اكذوبة سردية حقوق الانسان
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- قوانين أبى الإنسان حملها فحملتها الرفوف