بقلم: خليل الطيار
أنقل هنا رسالة الأخ رئيس مجلس أمناء هيئة الإعلام والإتصالات، كما هي دونما تعديل في صياغتها بعد إجتماعه بدولة رئيس وزراء العراق بحضور رئيس الجهاز التنفيذي، نشرها على مدونة "كروب أعضاء مجلس الأمناء" وكان الهدف من الإجتماع مناقشة قطاع الإعلام الإتصالات!
النص كما هو:
( س ع اخوان)
"انقل لكم تحيات رئيس الوزراء واخبرني بأنه علي وعلى جميع اعضاء المجلس الابتعاد عن السياسة ارائها عبر وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي فأننا موظفي دولة وابلاغ جميع الامناء بذلك"
(تحياتي).
شكرا دولة رئيس الوزراء، فقد وصلتنا رسالة سيادتكم ، آملا أن تكون بأمانة .
ونحن، وأنا شخصياً في الوقت الذي نحيي فيه مساعيك وحرصك على عملية بناء الدولة وتصحيح مساراتها الخاطئة، وفق أسس سليمة، أجد من واجب مسؤولياتي القول، أننا كرجال دولة ان نكون شركاء معك في هذا الحرص، لذا نتمنى ان يصلك رأينا فيه كموظفين حكوميين آمنّا معك بما كفله الدستور لجميع الافراد في حدود حرية التعبير .
في البدء كنا نأمل ان نتشرف بلقائك نحن أعضاء مجلس الأمناء مجتمعين لنضع بين يديك صورة وافية عن كيفية ادارة سياسة هيئة حكومية مستقلة تدير اهم واخطر قطاعين هما "الاعلام" و"الإتصالات" وكل منهما، وكلاهما يشكلان عصبا اساسيا لبناء اية دولة حضارية تسعى للنهوض والتطور والازدهار وتحقق مستقبل ناجع وناجح لشعبها .
وكنا نأمل بهذا اللقاء ان نستعرض لسيادتكم مساحة تحديات عملنا وما يدار حوله من لغط و ما شوهته حبائل (السياسة) ونبين اسباب تعثر نمو الهيئة التي كانت "التدخلات السياسية" احد ابرز عوامل هدر مكتسباتها التي تطورت خلالها اقتصاديا بشكل هائل معظم دول العالم، وسعت بقوة ونجحت في منع تدخل "السياسة" و"السياسيين" في شؤون الهيئات المستقلة التي تدير هذه القطاعات الهامة والخطيرة، الا بمقدار ما تبديه الدول والحكومات من رؤى في رسم منهاجها العام تجاه اهداف وابعاد عمل هذه الهيئات وما تسعى اليه في تحسين جودة نتائج عملها للمحافظة على إستقلاليتها التنظيمية ودعم اجراءاتها المهنية، ولا تسمح "للسياسة والسياسين" كما هو الحاصل عندنا للاسف، التدخل بمسار عمل هيئة دستورية مستقلة حيث اخذت عوامل الضغوطات داخليا وخارجيا مداها في التأثير على عوامل تراجع عملها لدوافع نفعية بحتة ،وتسعى بقوة لتغيير تنفيذ ما تتخذه من اجراءات وفق صلاحياتها المنصوص عليه دستوريا وقانونا !
عوضا عن ذلك ودون ان نطلع على فحوى ما دار بهذا الاجتماع الذي نثني على اهمية انعقاده وضروراته، فوجئنا بسطور مقتضبة ما يوحي بكونه الهدف الرئيس من الإجتماع، مؤملين معرفة التفاصيل في وقت لاحق.
إنصافا، فإن مثل هذا التوجيه كان في محله وبتوقيته السليم حين إستهدف المؤسسة العسكرية والأمنية الذي كنا اول المباركين لتوجهات مضمون كتابكم الذي تم تداوله اعلاميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما ساعد على نشره، وسوى ذلك كان شأنه شان العديد من القرارات المماثلة التي اصدرتها الحكومات السابقة، والتي أرسلت رسميا لمختلف الوزارات وبقيت حبيسة ادراجها دون ان يعمل بها ،الا ان كتابكم الاخير في هذا التوقيت الذي تمر به البلاد، ومساهمة تعليقات الاعلامين والناشطين والنخب أضفى الأهمية على تطبيقة والاشادة بفحواه، ونحن شخصيا ساهمنا في التعليق على ايجابياته لاننا نؤمن ان مهام (العسكر) تنصرف لشؤون مهنية بحته محايدة لا دخل لها بالمواقف السياسية ولا شان لهم بمساراتها.
الا ان ذلك لا نراه ينسجم مع ما تقتضيه مسؤولية رجال الاعلام مع كونهم موظفين حكومين.
سيادتكم هو اول من يؤيد ويؤمن بذلك، كونك مارست هذه الصفة وامتهنتها وكتبت في اخطر مفاصلها. وتعلم جيدا ان ما يؤشره الاعلاميون والصحفيون عن قضايا وشؤون السياسة لا تعبر عن انتماءات ومواقف شخصية منهم، انما تمليه وتقتضيه غريزة وواجب ومسؤولية مهنيتهم، فهم بشر قبل عناوينهم الوظيفية، يكونون خارج اطار عملهم احرارا ولهم حق التعبير عن الرأي كما لغيرهم دستوريا وقانونيا بما لا يخالف الضوابط....
(ابتعدوا عن السياسة) جملة ليست مناسبة بحق رجال الدولة العاملين في مجالات الاعلام ومؤسساتها، مهما كانت مواقعهم، فهم ضمير الامة والعين الواعية لمسار الدولة وحكومتها، ومصدر صناعة توجهات الرأي العام، لان الاعلامي وهو يمارس دوره في عملية النقد البناء وتسليط الضوء على كل ما هو صحيح وما هو خطأ في المواقف السياسية للبلاد تصب لمصلحة صاحب القرار حين يستهدف سعادة الشعب وحماية الوطن، فهم عيونه المؤجلة والمنشغلة عن مخاضات الواقع بحكم جسامة مسؤوليته وهم يلتقطون ويستقرأون نيابة عنه كل ما يخفى وما لم يستطع رصده، وبدون ذلك لن يستطع صاحب القرار ان يرى كنه الحقيقة ويمارس دوره ليتخذ قرارا صائبا على ضوء ما يؤشره الاعلامي المهني والوطني الحريص على بناء وطنه ومؤسسته ودولته. دون ان يقع في شرك صناعة التضليل الذي يحاول البعض ايقاع صاحب القرار وايهامه فيه.
كنا نأمل من سيادتك لقاءنا مجتمعين بهذا الاتجاه لنناقش بؤس قطاع الاعلام والاتصالات الذي سحقته "السياسة" وسماسرتها ومفسديها وعطلوا منافعه للدولة بفعل تدخلاتهم في صلب مسؤوليتنا، وبنائهم لإمبراطوريات اعلامية وشركات ومافيات مالية ساهمت بتهديم مقًومات الدولة ورصانتها من خلال اعلام متأزم مؤدلج مارس كل انواع التشويه ضدها وضد الحكومات المتعاقبة، ولطالما لعب رأس المال "السياسي" عاملا مؤثرا في صناعة فرضياتها، وكذلك مساهمة هذا المال "السياسي" وتدخله في تدهور قطاع الاتصالات ومنع عجلة تقدمه بفعل الضغط السياسي خارجيا وداخليا بعد ان هيمن اصحاب الرساميل على مفاصل وموارد البنى التحتية للقطاع وشكل تحديا اقتصاديا وامنيا وساهم في الحد من نموه وازدهاره لصالح الدولة ليبقى رهين منفعة الفاسدين التي نضطر احيانا، وبسبب عدم قدرتنا على التواصل المباشر مع صاحب القرار، الاشارة لها عبر كتابات غايتها البناء والتصحيح.
هذا ما كنا نتأمله من هذا اللقاء الذي لم يحصل كما ينبغي وهو أمر مؤسف حقا. ولا شك عندنا انك ابلغت الاخوة هذا التوجه على ضوء ما تلمسناه من توجهاتك لتطوير القطاع الذي اشرت اليه في منهاجك الحكومي وتفاءلنا به، لكن ان تقتصر فحوى مادار بهذا الاجتماع إيصال رسالة سيادتك الشفوية، بدعوتنا لعدم الخوض والحديث بالسياسية، فهذه جزئية نشكك ان يكون سياقها قد صدر مباشرة منكم بهذا الاتجاه، ، سيما وسيادتك تشاطرنا الرأي بان محتوى الترابط البنوي بين محتوى الاعلام والسياسة ما عادت ادبيات وفقه المقاربات المعرفية تفصل بينهما، فلا سياسة دون اعلام ولا اعلام دون رؤية ومناخ سياسي مستقر وفاعل، ولا يمكن فصلهما في حدود عملنا كموظفين اعلاميين حكوميين نتحمل مسؤولية تنظيم قطاعه، وقد يساء فهم توجهات رسالتك الشفوية، ويصطاد بها في الماء العكر من قبل ضعاف النفوس ومشعلي الازمات. و قد تكون صورة ما نقل من فحواها قد ضيع مغزاها الحقيقي مما يجعل من الواجب والمسؤولية ان ناخذ دورنا ونسهم وسيادتكم في انارة الرأي العام ونصحح توجساتها المقلقة.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!