- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لم يُخطئ عندما اسماكم بالاحبة ..
بقلم: بركات علي حمودي
بعد ايام من التخريب والحرق والسلب والنهب في اكبر واقوى بلد في العالم (الولايات المتحدة الامريكية) اثبتت لنا الايام مما لا شك فيه ان ( ثورة تشرين ) كانت مثالاً ناصعاً للثورات و الاحتجاجات.
فلو قارناها بما حدث في الربيع العربي لما وجدنا مقارنة تذكر بل ان المقارنة ظالمة بين ثورة تشرين العراقية وثورات الربيع العربي ومايحدث ايضاً في امريكا .. فقد اثبت الشباب العراقي انهم فعلاً احفاد حمورابي الذي كتب (المسلة) التي ارست قوانين بلاد ما بين النهرين قبل آلاف السنين .. فهؤلاء الاحفاد كانت لهم قوانين في هذه الثورة .. اولها شعار (الوعي قائد) فكان النظام يجري في الساحات بطريقة (فطرية) لم يكن هناك موّجه لها مهما حاول من اراد ركوب امواج هذه الثورة.
فكلنا يتذكر التنظيم الرائع لمسيرات (المد الابيض الطلابي) يوم الاحد الذين كانوا عماد الثورة .. وكيف كان الشبان والشابات يزينون الشوارع ويرسمون المستقبل وصور الشهداء على جدران الساحات و المدن، كانت ثورة سيتذكرها احفادنا جيلاً بعد جيل بأنها كانت المعول الكبير لهدم نظام الفساد والمحاصصة و المحسوبية.
من منا لا يعرف ان في ساحة التحرير مثلاً هناك متاجر لمواد التصوير غالية الثمن ومع ذلك فطيلة فترة الثورة لم يشتكي اصحاب المحلات من سرقة متاجرهم .. ومن منا نسى كيف انبرى شباب التحرير للدفاع عن احد المصارف قرب ساحة التحرير لحمايته بعد ان تناهى لمسامعهم ان بعض ضعاف النفوس يريدون سرقته.
احفاد حمورابي هؤلاء مدحهم صمام امان هذا الوطن فوصفهم بالاحبة و وسم قتلاهم بالشهداء .. وكلنا يعلم ان كلام او وصف (المرجع) هو حُجة و ليس كلام عابر او مجامل .. و برغم هذا فأن المرجع قد عاتبهم على بعض السلبيات التي حدثت هنا وهناك والتي كان بعضها (مدسوساً) مِن مَن ضرتهُ هذه الثورة !
ثورة .. تناغمت مع المرجعية والشعب واخذت بنصحها عندما طالبتها بالتريث في اطالة امد الثورة وادامة زخمها بسبب العارض الصحي المتمثل بكورونا .. و لهذا انسحب المتظاهرون و علقوا نشاطهم انتظاراً لامرين :
انتهاء ازمة كورونا .. و انتظار الاداء السياسي و العملي للحكومة الجديدة التي تعهدت بتلبية مطالب المتظاهرين الذين يمثلون بالتالي مطالب ألشعب بأكمله.
و بهذا فأننا امام ثورة بيضاء بكل المقاييس .. ثورةً بيضاء كبياض قمصان طلبتها .. ثورة على كل ثائر في العالم ان يتعلم منها اصول التظاهر السلمي وحب الوطن بعيداً عن رؤية و مصالح الاحزاب.
(( ثورةٌ سنجلس يوماً على رصيف احدى ساحاتها لنروي لاحفادنا عن بطولات شهدائها وعن تسامي ابناءها على جراحهم و لن نروي لاحفادنا عن الذين خونوا الثوار واوصفوهم بأبشع الاوصاف .. بل سنروي لهم كيف ان الشيبة الكبيرة قد وصفهم بالاحبةِ و الشهداء )).