بقلم: حسين الذكر
منذ قرون يعيش العراقيون – وفقا لما دون ببطون التاريخ ما كان في الكتب او المنقول شفاهيا – اسوء حال جراء فشل سياسات وحكومات تحكمت طويلا ، لم يكسبوا منها الا الفساد وهدر الخير وتعزيز الخلاف والفرقة .. وان تركنا خلفنا واستثنينا تلك القرون البعيدة وارتضينا حكما على سنوات وعقود عشناها سنجد ان الدكتاتورية بعقودها الأربعة والديمقراطية بسنواتها الأخيرة لم تحقق لنا غير ما نحن به من سوء حال يصعب تصوره وفهمه من قبل القريب قبل البعيد ..
بما اننا نعيش مرحلة انتقالية جديدة تمثلت باستقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي وتسنم حكومة الأستاذ الكاظمي بما نحمل من مطامح وامنيات قد تكن كبيرة وربما لا يستوعبها عمر الحكومة الحالية فضلا عما تنوء باثقال واحمال ورثتها فضلا عن ظروف اقتصادية وصحية وامنية عالمية وإقليمية تحيط بنا من كل جانب ومكان ..
لنتفاءل قليلا ولا نقف عند عتبت التشاؤم مهما استحكم ... ودعونا نقلب الامر من زاوية ووجهة نظر أخرى .. فقبل سنوات من خلال سحور رمضاني باحدى البرامج التلفازية صرح الدكتور عدنان الباججي - رحمه الله - السياسي العراقي المخضرم صاحب الباع الطويل في العمل المؤسساتي : - ( من المعيب ان يحاصر العراقيين اما بدكتاتورية قاتلة تصادر الحريات وتعصف بالحروب ويرتع بها الخراب والحراب ويكن مصدر القرار حكرا على مجموعة معينة تتحكم بالبلاد والعباد .. كذا لا يجوز ان يكون العراق بؤرة للفوضى والفساد والتخلف والهدم ويدار من قبل احزاب بعينها تتحكم بثرواته وخيراته وتديره بعقلية الغنيمة الحزبية او الطائفية او القومية .. ) . وما زال الكلام للمتحدث : ( ان بلدننا فيه ما يكفي من ارث حضاري وموارد بشرية وخيرات نفطية وثروات زراعية ومعدنية وتاريخ وعقول جديرة بالعمل والحكم تجعل من البلاد بصورة افضل .. شريطة ان يدار بعقلية سياسية تؤمن بقدرتها وتعمل على استقرار البلاد وسلامة اهله وتطمين قواه واطلاق حرياته الخلاقة واشاعة السلام والانفتاح على دول العالم بلا استثناء وادارة موارد الدولة وامكاناتها وفقا لعقل استراتيجي يكن فيه الرجل المناسب في المكان المناسب ..) .
هكذا رسم الباججي شكل الدولة والحكومة لصنع الرفاهية والاستقرار والتحضر .. واذا آمنا بما ذكر ولا نتعقد انه ينفرد بذلك الراي فجميع الدول المتحضرة بلغت ما هي عليه من خلال هذه الرؤية غير الاعجازية .. فالظروف مهيئة لانجاز ذاك شريطة ان تعمل القيادة بعيدا عن تبعية الاجندات الخارجية وذاك لا يعني قطع التواصل الدولي بل تعزيزه على اسس الاستقلال والتعاون والايمان بحوار الحضارات ... فضلا عن بيئة داخلية تكون مؤسسات الدولة هي الحاكمة الفعلية بمساعدة المنظمات المدنية السلمية الحضارية مع فرض سلطة الدولة واجهزتها وفقا للقانون واطلاق الحريات دون الإساءة لحرية الاخرين او الحاق الضرر بالسلامة الوطنية .. كذلك يجب إحساس الاخر مواطنا كان او أي تكتل مدني باطلاق اليد للابداع والمساهمة الإيجابية لبناء الوطن كل الوطن وليس جزء او مدينة او إقليم او محافظة منه .. اذا ما تحققت تلك الخطوات المنشودة فعليا وليس شعاراتيا عند ذاك لا يهم المواطن المسالم .. من هو اسم الحاكم ولأي مذهب وحزب وقومية ينتمي فالميدان هو الحكم والانسان هو الاول والاخير .. فان فقد حقوقه او امتهنت كرامته لم يبق معنى وقيمة لشعار او اسم او عنوان ... والله ولي التوفيق ..