غيث الدباغ

كانت الدراما الرمضانية كما يراها الكثير من المتابعين والنقاد بمثابة المتنفس الوحيد لمناقشة الوضع الذي تمر به المجتمعات وكانت الجودة تعتمد على النوعية لا الكمية. بينما اليوم وفي ظل تزايد اعداد القنوات الفضائية  وكثرة شركات الانتاج الفني زادت المنافسة الكمية مع القليل من النوعية في اختيار السيناريوهات الرصينة والممثلين المحترفين والهدف تحقيق الارباح المادية العالية دون الاكتراث للقيم والمبادئ في الكثير من الاعمال والبرامج التي لا تناسب قدسية الشهر الفضيل  هذه العوامل اصبحت اليوم  حجر عثرة أمام تطوير وتحسين الوضع الراهن حيث لم يعد المشاهد بشكل عام يهتم بما يقدّم له التلفاز من اعمال الدراما في شهر رمضان المبارك وقد تكون هذه الاسباب معروفة لدى الجميع لكننا سنتطرق لبعض منها في هذا الموضوع ولعل اهم اسباب نفور المتلقي وعدم استمتاعه بالمشاهدة؛ لأنها صارت مملة ولا تناقش همومه وقضاياه التي يبحث عنها, وايضاً نرى ان الدراما الرمضانية صارت تستهين بعقل المشاهد من خلال عرض مقاطع تكون احياناً متعمدة وتهدف الى تشويه صورة المجتمع او لا يمكن للعائلة متابعتها سويةً, حيث اصبحت الدراما في هذا الزمان ما هي إلاّ حقيبة اموال متنقلة في كل عام يحرص اصحابها على كبر حجمها وملئها من دون الاهتمام بالمحتوى الذي يتم تقديمه وهذا ما يسبّب خرابا ونقصا في  الوعي الثقافي والفكري في المجتمع.

الكثير منا  ـ نحن المتابعيـن  ـ  نلقي اللوم دائماً وضعف المسؤولية في اداء الدراما الرمضانية على الممثلين والممثلات في الوسط الدرامي -  وهذا خطأ -  والحقيقة ان الذي يتحمّل المسؤولية  قبل كل شيء هو كاتب النص والسيناريو حيث تكون نصوصهم هزيلة ولا تخدم المتلقي العراقي  وبجانب آخر يتعلق في عدم استشارة اصحاب الاختصاص في اي عمل يقدّم على الشاشة وهذا بسبب اختفاء اصحاب الخبرة في مجال الكتابة ومنذ السنوات القليلة الماضية فتركوا الساحة فارغة  ليقتحمها من هب ودب ومن تجار هذه الحقائب.

لذا نرى تصاعد حدة غضب المجتمع ازاء  هذه الاعمال  الدرامية التي تنتشر في شهر رمضان المبارك من كل عام التي هي لا تمثله ولا تعالج مشاكل واقعه وهي كثيرة .

في ظل تكرار هكذا اعمال درامية هابطة وبرامج كوميدية ساخرة خرج وزير الثقافة عبد الأمير الحمداني في بيان لهُ قال فيه :(إيمانًا منا بالدور الهام الذي تلعبه الأعمال الدرامية وخصوصاً المسلسلات التلفزيونية في بناء وترصين ثقافة الأسرة والمجتمع وخصوصاً تلك التي تعرض في أيام شهر رمضان المبارك نعبّر عن رفضنا واستهجاننا لقيام عدد من القنوات الفضائية باتخاذ هذه الأعمال وسيلة للإساءة لقيم وعادات وتقاليد المجتمع وتقديم صورة مشوهة للأسرة العراقية عبر استخدام المقاطع المشينة والألفاظ البذيئة التي لا تتناسب مع قيمنا الأصيلة).

ودعا الحمداني عبر بيانه الجهات المختصة إلى ممارسة دورها الرقابي لمنع عرض هذه الأعمال الهابطة ومحاسبة المسيئين والمخالفين وفق القوانين والأنظمة مشيرا إلى عدم مسؤولية وزارة الثقافة والسياحة والآثار المباشرة عن هذه الأعمال مؤكدا اننا على استعداد تام للتعاون مع المسؤولين عن القنوات الفضائية وهيأة البث والاتصالات لفحص النصوص الدرامية من خلال كوادرنا المتخصصة قبل تنفيذها.

اذن فغياب الدور الرقابي لوزارة  الثقافة ومعها هيئة الاعلام والاتصالات ادى الى ظهور بعض الاعمال الدرامية الساخرة من طبقات المجتمع وتحديداً المجتمع الجنوبي وهذا يترك طابعا لدى المتلقي لأنه يحكم على المجتمع من خلال ما يشاهده بالإضافة الى ان هناك اعمالا تكررت فكرتها على المشاهد والبعض منها يترك اثراً سلبيا بين المجتمعات من خلال التعرّض الى الاحداث والنزاعات التي حصلت فيما سبق.

و لا يسعنا انكار ان هنالك دراما رمضانية او برامج  لها تأثيرات إيجابية حيث تنمّي  الجانب الثقافي والمعرفي وتقدم مضامين هادفة ومفيدة وتعالج آفات المجتمع  اي انها تحمل رسالة  اجتماعية و انسانية و تعمل على تصحيح  الكثير من المفاهيم لدى فئات المجتمع وطرحها ومعالجتها اي انها لا تعتمد فقط على عنصر التسلية والترفيه ، نشاهد ايضاً بعض البرامج تحرص على  المحافظة على فلكلور المجتمع واحياء تراثه  اضافة الى بعض الاعمال التي تركّز على قدسية الشهر الفضيل  حيث تقوم بتقديم برامج ودراما دينية وتاريخية  تتناسب مع شهر رمضان ،  اما برامج الكوميديا نجد في  بعضها انها تحمل رسالة وهدفاً اجتماعياً واضحاً وهنا للأسرة او الشخص المتلقي الدور المهم في اختيار طبيعة المشاهد التي تعرض في التلفاز من اجل بناء ثقافته وتنميتها.

انا كمشاهد للدراما ارتاي ان السيناريو يجب ان يعرض على الاشخاص المختصين من ذوي الخبرة والتجربة والكفاءة لكي يزداد الكاتب خبرة في الكتابة ويكون عمله متطوراً ويمتلك عدة افكار هادفة.