بقلم أياد السماوي
لا شّك أنّ النفط في العراق يمّثل عصب الحياة بالنسبة لحياة الناس والاقتصاد الوطني , والمصدر المهم والأهم في توليد الدخل القومي , وهو المصدر الأساس في توفير العملة الصعبة الضرورية لتمويل الاستيرادات وتحقيق التوازن في سعر الدينار العراقي ومنعه من الانهيار .. إضافة إلى أنّ النفط يلعب دورا مهما في بناء البلد وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي .. وبما أنّ الاقتصاد العراقي هو اقتصاد وحيد الجانب ويعتمد بنسبة 95 % منه على إيرادات النفط , فإنّ أي انخفاض لأسعار النفط ستكون له آثارا سلبية مباشرة على الاستهلاك والاستثمار والبطالة والنمو الاقتصادي بشكل عام .. وتهاوي أسعار النفط المفاجئة خلال الايام الماضية ينذر بكارثة اقتصادية باتت على الأبواب , والمصيبة أنّ الحكومة العراقية لا زالت حتى اللحظة غير مدركة لهذه الكارثة التي ستحل بالبلد بسبب هذا الانخفاض المفاجئ بأسعار النفط , واعتماد العراق كلّيا على واردات النفط سيضعه وجها لوجه أمام هذه الكارثة القادمة لا محالة .. فغياب الرؤية الاقتصادية والمالية , واستمرار الفساد المحاصصاتي والنهب المنّظم للمال العام , وضعف سيطرة الدولة على مؤسساتها ووزاراتها , وعدم وجود شريف يحافظ ويصون المال العام من النهب والضياع والتبذير اللا مبرر .. كلّها عوامل ستقود البلد للكارثة القادمة .. فلعن الله هذه الحكومة ومن جاء بها ومن دعمها.
فإذا كان الأمر بهذا السوء وهذه الخطورة .. ما العمل لمواجهة هذه الكارثة المحدقة بنا ؟ وكيف نستخدم مواردنا في ظل هذا الوضع ؟ والحل ببساطة أن نوّلي المال رجلا شريفا ونزيها وشجاعا ولا يخاف الموت وملّم بالسياستين المالية والنقدية ويقوم بالإجراءات السريعة التالية.
أولا – إلغاء موازنة 2020 المقترحة من قبل الحكومة الحالية , وتقديم موازنة جديدة واقعية تأخذ بعين الاعتبار المستّجدات المفاجئة لأسعار النفط , واعتماد سعر واقعي للنفط لا يتجاوز 30 دولار للبرميل الواحد وبطاقة تصديرية تصل إلى أربعة ملايين برميل يوميا من ضمنها كلّ النفط المنتج في كركوك وشمال العراق .
ثانيا – اعتماد الموازنة الجديدة بالكامل على الإيرادات المتوّقعة في عموم العراق ومنها شمال العراق في تغطية النفقات العامة للبلد , وعدم اللجوء إطلاقا للاقتراض من المؤسسات المالية الدولية .
ثالثا – إعادة النظر بالكامل بالموازنة التشغيلية من رواتب ونفقات تشغيلية , وحصرها بالنفات الضرورية جدا , وإلغاء كافة مظاهر الإنفاق غير الضرورية.
رابعا – تحديد قوائم جديدة لكلّ موظفي الدولة الفعليين سواء كانوا في مؤسساتها المدنية أو العسكرية وشطب قوائم الفضائيين منها.
خامسا – تكون الأولوية في الإنفاق للصحة والتعليم والخدمات الضرورية والأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب .
سادسا – تتوّلى الحكومة بشكل أساس رعاية ذوي الدخول المحدودة من المتقاعدين والمشمولين بالحماية الاجتماعية والعاطلين عن العمل وحمايتهم من التسوّل والضياع والانخراط في الأعمال الإجرامية.
سابعا – إيقاف استيراد الفواكه والخضروات بشكل كامل والاعتماد على الناتج المحلي منها من خلال تطبيق شعار ( نأكل ما نزرع ) , وإيقاف استيراد كلّ أنواع البضائع غير الضرورية أو تلك التي يوجد مماثل لها من المنتوج المحلّي.
ثامنا – وضع سياسات اقتصادية بعيدة المدى لتحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي وحيد الجانب إلى اقتصاد يعتمد على الزراعة والصناعة والسياحة موردا أساسيا للدخل.
وفي حالة امتناع حكومة إقليم شمال العراق عن تسليم كافة النفط والغاز المنتج وتسليم موارد المنافذ الحدودية والضرائب والرسوم المجباة في الإقليم , فإنّ الموازنة ستشمل في هذه الحالة فقط المحافظات الخمسة عشر غير المنتظمة بإقليم .. فمن غير تنفيذ هذه الإجراءات السريعة ,فإنّ البلد ماض نحو الإنهيار.
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- انخفاض اسعار النفط وهدهد سليمان القادم من الصين
- النفط.. مخالب في نوفمبر وعيون على الرئيس القادم لأمريكا