بقلم: دعاء فاضل الربيعي
أمي!
نعم غاليتي.
لا استطيع النوم!
لما يا حلوتي فالأحلام الجميلة تنتظرك، أغمضي جفنيك وأريحيهما هيا وحدثيني بما ترين.
حسنا ها أنا ذا أغمضتهما.
جيد أذن ماذا ترين في أحلامك السعيدة ؟
أمي!
نعم صغيرتي.
أراه يلوح لي بيده من بعيد وقد ارتسمت على شفاه ابتسامة رقيقة.
من ؟
أنه أبي أراه بزيه العسكري وقد حمل بيده ثلاث زهرات.
جميل ما ترين بنيتي.
لكن أمي أرى أمرا حزينا!
ماذا اخبريني.
أحدى تلك الزهرات التي يحملها أبي ذابلة وتتساقط أوراقها واحده تلو الأخرى والغريب أن والدي ينظر لها وهو مبتسم.أمي أرجوك هل ما أراه حُلما أم ماذا!
أنها أحلام اليقظة بنيتي هيا أقري ما تحفظين من سور قصار ,واخلدي إلى النوم فعودت أباك باتت قريبة أن شاء الله وسرعان ما تجدين نفسك بين أحضانه.
أمي ها هو أبي انه يتقدم نحوي شيئا فشيئا ويهمس في أذني قائلا: ما أجملها لقد حظيت بها بنيتي نلت شرفها كوني فخورة بي مادمت حية. هكذا قال أمي يا ترى ماذا يقصد بكلامه!
عزيزتي أخفتني من كلماتك تلك أرجوك نامي وغدا أن شاء الله نتصل به ونتحدث معه.
حاضر أمي سوف اغفوا لكن انظري فقلد ترك لي أبي الوردتين النظرتين وأخذ معه الوردة الذابلة غطىاها بقماش أخضر أخرجه من جيبه و هناك رائحة زكية تفوح من الوردة الذابلة عجبا وهل للورد الذابل رائحة زكية يا أمي ؟
نظرت الأم إلى عيني ابنتها بصمت تتأمل كلماتها ثم تنهدت وقالت ربما يكون له رائحة زكية في ظروف معينة عندما يذبل من أجل أن تتفتح زهور أخرى. هيا صغيرتي تصبحين على خير.
وأنت من أهل الخير أمي.
....................
نامت الطفلة الصغيرة التي كانت تتحدث مع والدتها كل ليلة عن ما تراه من أحلام جميلة عندما تغمض جفنيها الصغيرين، لكن هذه المرة تحدث بحديث غريب لا يتناسب مع صغر سنها اعتادت ألام أن تسمع من طفلتها كلام عن الطيور والرياض المليئة بأنواع الزهور،لكن حديثها اليوم بدا مختلفا تماما عما تراه كل يوم وكأنها كانت تشاهد شيئا اقرب للحقيقة منه إلى الخيال، وهذا ما جعل والدة الطفلة محتارة في حديث طفلتها ولاسيما وإنها تنتظر عودة زوجها من جبهات القتال بفارغ الصبر خافت أن يكون هناك مكروه قد حل به، نامت ألام بعينين مفتوحتين إلى أن لاحت نسائم الفجر هي تعرف أن زوجها مستيقظ في مثل هذا الوقت لذلك اتصلت به كي تطمئن على أحواله لكن دون جدوى كررت الاتصال أكثر من مرة ولم تتلقى أية إجابة ازدادت الزوجة توترا تضرعت إلى الله تعالى وبعد فترة من الزمن رن هاتفها رفعت السماعة وتحدث معها احدهم قائلا:عفوا أختي أم مريم اعتذر لك كثيرا عن الخبر المؤسف فلقد أصيب أبو مريم في أحدى المعارك ليلة أمس....
أنصت ألام إلى المتكلم إلى أن أكمل كلامه وعرفت حقيقة ماروت ابنتها البارحة،لم تكن أحلام يقضه فحسب بل كانت حقيقة روتها لها مخيلتها الصغيرة وروحها البريئة التي أخذتها إلى سواتر النصر كي ترى طيف أباها الشهيد وما كانت تلك الوردة الذابلة ألا روحة الطاهرة التي فاحت عبيرا من شرف الشهادة.
أقرأ ايضاً
- موازنة السنوات الثلاث المقترحة.. حلم اقتصادي فاشل أم فشل أحلام سياسية؟
- أحلام أبطال العرب
- أحلام مواطن عراقي