- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحشد الشعبي العراقي يذهب إلى إيران ويثير غضب المعارضة في الخارج !
بقلم: نجاح محمد علي
إرسال الحشد الشعبي مساعدات عينية إلى متضرري السيول في إيران وقيام بعض فصائله بالذهاب إلى المناطق المتضررة لتقديم العون المباشر في مواجهتها، أثار حفيظة المعارضة الإيرانية المقيمة في الخارج، فقامت بشن حملات إعلامية واسعة جداً خصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي تبث من لندن ولوس انجلوس وغيرهما.
الهجمة على الحشد الشعبي بدأها رضا بهلوي نجل شاه إيران الذي أطاح به الإيرانيون في شباط/فبراير 1979 وقد اعتبر بهلوي ومعه المعارضون أن هذه المساعدات غطاء لتدخل “جماعة مسلحة إرهابية في قمع تمرد الشعب على النظام”.
ورغم أن الصور التي بثها التلفزيون الإيراني أظهرت أن الحشد الشعبي العراقي الذي ضم فصائل مسيحية أيضاً قدم مساعدات ضخمة شملت عشرات سيارات الإسعاف والرافعات والمعدات التي تستخدم في إيجاد سدود صغيرة وسواتر ترابية وهو من أعمال الجهد الهندسي الذي مورس خلال فترة الحرب على الإرهاب وتحرير المدن العراقية منه، إلا أن المعارضة وجهت اتهامات مباشرة للنظام بأنه أدخل قوات الحشد الشعبي بأسلحتها لمواجهة ما سمتها المعارضة “غضبة الشعب من فشل النظام في مواجهة السيول”.
واستمرت المعارضة في الهجوم على الحشد الشعبي مستثمرة خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إدراج الحرس الثوري وبعض الفصائل العراقية التي ساهمت في تأسيس الحشد الشعبي، في قائمة المنظمات الإرهابية، وبدا أن الحملة ضد هذا النوع من الدعم لمتضرري السيول منظمة ويوجهها خبراء في الإعلام والحرب النفسية كما يقول المؤيدون لإيران في الخارج الذين وصفوا دخول الحشد الشعبي على خط مواجهة السيول بأنها رسالة إلى أعداء إيران أن العراق لن يقف إلى جانب محور أمريكا السعودية إسرائيل في مساعيه لتغيير النظام الإيراني.
فتوى الحشد
وبما أن الحشد الشعبي تأسس بُعيد سقوط الموصل بفتوى من المرجعية العليا، وأصبح بعد ذلك بقانون صادق عليه البرلمان جزءاً من المؤسسة الأمنية وتحت قيادة رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة، فقد اعتبر الهجوم عليه من قبل المعارضة الإيرانية استهدافاً مباشراً للمرجعية وللحكومة والبرلمان، وإساءة مباشرة لقرار عراقي أعلنه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء زيارته طهران وقوله بالحرف الواحد إن العراق سيبقى إلى جانب إيران وهما شريكان في السراء والضراء مشيراً بشكل لافت إلى السيول التي ضربت إيران والعراق معاً.
لكن هذا الأمر لم يعجب المعارضة الإيرانية في الخارج رغم أنه يجيب على “مخاوفها” حول أهداف الحشد الشعبي من الدخول إلى مناطق السيول في إيران، إذ وصفت خطوة حماية المنشآت النفطية العراقية من السيول الإيرانية بأنها تصب في صالح العراقيين “وأنهم غير صادقين بادعائهم أنهم جاؤوا لمساعدة الإيرانيين”.
خطط مشتركة
الحشد الشعبي الذي وُصف من بعض وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالفارسية بأنه لا يملك التجربة الكافية في مواجهة السيول، فلماذا يتدخل في إيران؟ شارك ممثله أبو مهدي المهندس في اجتماعات غرفة عمليات مواجهة السيول في خوزستان إلى جانب قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، لتأكيد الموقف الرسمي للعراق الذي يعتقد أن المصالح العليا للبلدين ليست محصورة فقط في مواجهة الكوارث الطبيعية التي تصيب البلدين معاً كما في الزلازل والسيول بل وكما يقول مؤيدو العلاقات الإيرانية العراقية “عندما يتعرض الأمن القومي لإيران الجارة للعراق للخطر، يتهدد أمن العراق القومي وتتعرض مصالحه للخطر، وهذا تطبيق حرفي لنظرية (العراق أولاً) التي يتبناها الرئيس العراقي برهم صالح وأعلنها أمام الأمريكيين وحلفائهم وأمام الإيرانيين على السواء.
حرب نفسية
يضع إيرانيون هذه “الضجة” في سياق مخطط كبير يرمي إلى تحريك الداخل في إيران لتغيير النظام، ويقول الأكاديمي المتخصص في التأريخ الدكتور مجيد تفرشي المقيم في لندن إن المعارضة الإيرانية تراهن على دعم الخارج لتثير من خلال قنواتها التلفزيونية المدعومة من الخارج أيضاً حملة دعائية ضد النظام بالتزامن مع وضع ترامب الحرس الثوري في لائحة الإرهاب، لتحريض الداخل على القيام باضطرابات لتغيير النظام. ويضيف “أن إيران تواجه إعلاماً ممنهجاً وحرباً دعائية نفسية وعليها بالتالي سد النقص البارز في إعلامها الموجه الخارج لإجهاض هذه الدعايات”.
ويقول الناشط المدني من عرب الأهواز قيس القرشي إن منطقته رحبت بدخول عناصر الحشد الشعبي الذين جاؤوا إلى المناطق المتضررة بمعداتهم وليس بأسلحتهم وبإذن من الحكومتين في بغداد وطهران، مشيراً إلى أن المرجعية الدينية العليا كانت سبقت ذلك بفتوى أجازت لمقلديها في إيران بصرف الحقوق الشرعية لصالح إغاثة المتضررين.
أما العراقيون أنصار العلاقات مع دول الجوار فيقولون إن إيران وقفت إلى جانبنا في الحرب ضد الإرهاب ونحن نرد لها جزءاً من ذلك المعروف ولو أزعج ذلك المعارضين الإيرانيين في الخارج الذين يطمعون في أن تكرر لهم أمريكا ما فعلته للمعارضة العراقية عندما أسقطت نظام صدام وقدمت لهم الحكم على طبق من دماء ودمار وفوضى وقنابل طائفية وعرقية موقوتة قد تنفجر كلما أرادت أمريكا نفسها.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- القنوات المضللة!!