- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أيها الانسان...كن او لا تكن!!
فاطمة الركابي
يقال ان عالم الدنيا هو اطول العوالم التي يبقى فيها الانسان ليتكامل، وبتالي فهي الفرصة الاعظم لتنمو فيها روح الانسان لأنها هي ما يبقى لا يفنى في وجود كل إنسان، وهي التي تتنقل بين العوالم حتى تعود الى المستقر النهائي، حيث دار السلام ان اتقى الانسان وتزود بكل خير وإحسان.
لذا فقيمة الانسان بما يحمله بداخله من قيم ألهيه، وبما تظهر عليه من تجليات الرسالات السماوية التي بعث بها الرسل، وتمت على يد الاوصياء النجباء صلوات الله عليهم اجمعين.
فكما ان الارض لا تخلو من حجة الهية، كذلك لا تخلو من اتباع الحجج السائرين على نهجهم، المستقيمين على صراطهم الذي هو صراط رب العالمين.
فالخيار خيارك أيها الانسان في:
-أن تكن نوراً وسط الظلام او لا تكن؟
فإن كنت في مجتمع سلبي، كن انت الفرد المتفائل الايجابي، وانتشل غيرك من يأسه، نحن لا نقول ان نكون مثاليين، وأنما لنجعل من الالم أمل، فشدة البؤس وما نعيشه من واقع مرير، والنظرة السلبية ليست حلاً، والفرار الى الانشغال بالعالم الافتراضي عن الواقع، لن يوصل الانسان لشيء مطلقاً، انما العمل على رفع هذه الامور ولو بخطوات بطيئة، وافعال قليلة، هذا افضل من ان نكتفي بالشكاية والانعزال.
كما وليس من الصحيح ان نبحث دائماً على الامل والشيء الجميل من الخارج لنتحفز ونتحرك، لما لا نبحث عنه في دواخلنا، ونكون نحن المحفز والمحرك لعجلة الحياة الخارجية.
- أن تكن بشيراً بالخير لا نذير شؤم!
إن قيل لك لا شيء يُبشر بالخير في المجتمع! تأسى بنبيك المصطفى صل الله عليه واله وكن أنت "البشير"، فلا يوجد مجتمع خالي من أهل الخير والصلاح، وفي الغالب من يقول هذه الكلمة، هو من حيث لا يشعر ينسب الكلام لنفسه، فهو فيها مشمول، فلو كان من أهل الخير لما كان هذا منطقه " فكل إناء بالذي فيه ينضح!".
- ان تكن ممن يُحسن اختيار أنجازه
تذكر أن قيمتك وقدرتك على الانجاز أكبر من ان تشغل وقتك باللهو واللعب، ليس انجازاً ان تفوز بأحجية معقدة من صنع البشر، لان الذي صنعها يملك عقل كعقلك!! ولكن الانجاز ان تفوز على نفسك التي هي من صنع الله، ان تعرف خباياها، تفك عقدها، تنتصر على طلباتها ورغباتها، لذا لا تنشغل بالإنجاز الاول، فتخسر الانجاز الاعظم، قيمتك أكبر.
ففرق كبير بين من ينام بعد يوم مجهد لبلوغ هدفه؛ فهو ينام مرتاح مع انه مجهد البدن، وبين من ينام بعد يوم مجهد من التفكير في كيفية تحقيق هدفه دون ان يخطو نحوه بخطوة حقيقية ملموسة، بل ويقضي وقته باللهو واللعب.
- ان تكن ممن ينظر الى نفسه قبل ان ينظر لأي أحد غيره
لا تنشغل بما يملك غيرك من مؤهلات وقدرات، فتنشغل عن ما لديك، لا تستصغر نفسك فتملئ قلبك حقداً وكرها وحسداً للناجحين من حولك، فالنفس امارة بالسوء وطبيعتها لا تحب ان يكون غيرها افضل او انجح منها، وليس فينا أحد معصوم من الوقوع في هكذا مطب، فأن الكراهية لا تصنع منك إنساناً مبدعاً، بل تقتل فيك صفة الابداع.
هي تزيل الايمان الذي في قلبك، وتجعله سقيم، تطفئ نوره، فيغدوا لا يبصر نور الله الوهاب، فالذي اعطى غيرك، هو قد اعطاك، لكن ليس بالضرورة كعطائه لهذا او ذاك، فالمواهب والقدرات هي مستودعه في فطرة كل أنسان، هناك من ينميها ويخرجها، فيرى ثمرت جهده وعمله، وهناك من يفعل العكس.
المشكلة الحقيقية لدينا هي اننا ننظر دائما الى الحصاد والثمار التي يجنيه ذلك الناجح، لا الصعوبات والمعوقات التي واجهته، وكم اجتهد وتعب ليبلغ مناه، يقيناً لو كان كل منا يفكر من هذه الزاوية لتلك النجاحات، لوجد انه لم يكن ليتحمل كل ذلك، ولو كان قادراً فعلاً لكان هو ذلك الفرد الناجح ذاته في ذلك الميدان.
- أن تكن قائد نفسك، ولا تكون مقوداً لها.
فالنفس تميل للراحة والكسل، فبلدك ومجتمعك محتاج لطاقتك وقدراتك، احرص ان يكون لك سهم نفع وخير بمؤسسة او جمعية او رابطة تعمل بها بشكل تطوعي، او أنت اسس لك مشروعاً الخيري وأجمع فيه رفاقك، لما لا؟! وابذر بذور الحب، لتجني ثمار الخير، "فيد الله مع الجماعة"، ومن فتح شراع قلبه لإسعاد الغير، كان مرسى حياته لكل خير.
- أن تكن بصبرك كالنبات
-كما يقال- النبات هو لا يلتفت لضعفه ومعاكسة جاذبية الارض لنموه، هو فقط يبقى ساكناً ينمو ويكبر بكل هدوء حتى يصبح شجرة مثمرة. كن هكذا اترك كل ما يشغلك عن بلوغ كمالك ونمو روحك وسر بهدوء مهما كنت ضعيفاً، فالنبات ليس اقوى منك؟! ولكن عليك أن تبذر اول بذرة وهي ان تكون صادق مع نفسك، فلكل شيء [ثمرة] و ثمرة الصدق السعادة، وبلوغك لسعادة شيء يستحق ان تعمل لأجله وتجتهد له، لذا اعرف نفسك.
وتذكر إن الناس صنفان -كما يقال-: صنف يكن كـ [النمل] يذهب لكل مكان وهمه الجمع والتخزين، سواء بالمال او العلم والمعرفة وكل شيء يعتبره ثمين، وصنف يكن كـ [النحل] لا يذهب لكل مكان بل يختار افضلها واحسنها فيأخذ الرحيق ليصنع اجود شيء, ليضيف على ما يتعلم فيبدع وينتج ما ينفع نفسه والغير، لك أن تختار أحد الصنفين لتكن منهم؟
-ان لا تكن نسخة غيرك، كن نسختك الاصلية
تعلم من الاخرين، واتبع اثار الناجحين، لكن كن انتِ لا هم، اي حدد ماذا تريد؟ وماذا تحب؟ ثم ابحث عمن يشاطرك ما تحب، تعلم منه، استفد من خبراته، تطور وثابر، كن من اهل الاحسان فالله تعالى لا يضع اجر من أحسن عملاً، ولكن بذات الوقت المؤمن بحكمة الله وتقديره لا يحدد على ربه موضع ونوع الجزاء، فقد تجتهد في مكان ما، فتحصد ثمرته في مكان أخر، فتظن انك اجتهد ولم تنل حظك، ولم يثمر جهدك، هذا مفهوم غير موجود عند الله تعالى فهو لابد ان اعطاك ثوابك، واجرك في مكان ما، فقط لا تضيق مفهوم العطاء، ولو تأملت جيداً، لعلمت ان ذلك الجهد الذي اوصلك الى باباً مغلقاً ما هو الا لتكون مستعداً للوصول والالتفات لباب أخر من خلاله تنفتح امامك ابواب وابواب، كن محسن الظن بربك اللطيف ذو الفضل والاحسان.
وختاماً تذكر أن نجاحك مرتبط بإيمانك فكما يقال" كل شيء قابل للفشل إلا الايمان"، فكن من اهل الايمان.