- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لعنة النفط على فنزويلا .. تحذير لكل الدول الريعية
بقلم: حازم جري الشمري
دجاجة بــ 14 مليون بوليفار في دولة تمتلك اكبر احتياط نفطي في العالم، كانت بالأمس اغنى دولة في امريكا اللاتينية، واليوم تحصد المجاعة ارواح ابنائها، عملتها كانت تنافس الدولار، اما الان ورقتها الواحدة ارخص ثمنا من ورقة التواليت، بلد كانت من أكثر الديمقراطيات استقراراً، وتغرق اليوم في دوامة من العنف في ضل حكم رجل، قامت امريكا بمؤامرة ضده مع سوء ادارته.
كيف تحولت من الغنى الى الفقر: كانت منذ الثمانينات وما قبله اغنى دولة في امريكا الجنوبية قاطبتاً، ديمقراطيتها كانت من الاكثر استقراراً وشعبها لا ينقصه شيء ماء، كهرباء، صحة تعليم، وعمل، لكن البلاد تحو لت الى ما يشبه الخراب، معدلات الجريمة هي الاعلى في العالم الاسعار تتضاعف كل 26يوم، تضخم يتوقع صندوق النقد الدولي قد يتجاوز 10ملاين% بمعنى ان قلمك الذي كنت تشتريه بــ1بوليفار عام 2013 سوف تشتريه بأكثر من 10مليون بوليفار في نهاية 2019 هكذا تبدو الكارثة كيف بدأت ولماذا.
بدايتها عندما انخفض سعر الدولار من 124$ الى 24$ كانت كارثة بكل المقاييس لان فنزويلا بلد يعتمد77% من صادراته على النفط.
وقد حصلت في منتصف الثمانينات ازمة اقتصادية جعلت نصف سكان فنزولا تحت خط الفقر، وتفاقمت الاوضاع جعلت الشعب ينتخب رئيسا جديد حمل لهم وعوداً بالإصلاح والقضاء على الفقر اسمه (هوغو تشافيز)
كان ضابط في القوات المسلحة وكان لديه ميولاً يسارية، في وسط الاحداث قرر ان يقوم بعملية تغير، وكان اول محاولة، قام بمحاولة انقلاب فاشلة عام 1992 وتم القبض عليه وسجن وبقي لمدة عامين وخلال هذه الفترة كان يتواصل مع جمهور كان يزداد له حباً في كل يوم ويقف الشعب الى جانب هذا الشاب الثوري القيادي، فعند خروجه اسس حزب سياسي اشتراكي يساري يتكلم عن حقوق الفقراء وظلم الاغنياء ويتكلم عن فحش رجال الاعمال والناس جياع في الشوارع، هذا الرأي العام والشعبية الجارفة مع (هوغوتشافير) ذو القميص الاحمر الشهير قادته الى السلطة عام 1999 وعند فوز هذا الرجل وفر لشعبه الاراضي للسكن وامن لهم المنح الجامعية و ووفر الرعاية الصحية للجميع، لكن سياسته لم تبني سياسات هيكلية للدولة والتخلص من الاعتماد على النفط فقط.
فقد اصبح النفط في عهده يمثل 96% من صادرات فنزويلا، كانت كل صادرات الدولة تصرف وكل ما احتاجت الدولة تلجأ الى البنوك للاستدانة، ومن جانب اخر كان تشافيز يبني سياسات جميها مستفزة للولايات المتحدة، ويتبنى سياسات ضد السوق المفتوح والهيمنة الامريكية، وايضا مد يده الى خصوم الولايات المتحد مثل الصين وروسيا، وحاول تكوين تحالف من الدول المناوئة للولايات المتحدة في امريكا اللاتينية وفي منطقة الكاريبي وهذه المسائل لا تستطيع الولايات المتحدة تحملها او غفرانها.
وما ان رحل شافيز عن الحياة عام 2013 تغير عالم النفط الذي نعرفه وسوف تتغير فنزويلا معه.
عهد الانهيار: (نيكولاس مادورو)
هذا الرجل نفس مدرسة شافيز لكن يفقد شيئين، الاول ليس لديه جاذبية وكارزمة شافيز والاهم ليس لديه نفس العوائد في البترول، وقد انخفضت بشكل كبير، وايضا العقوبات الامريكية التي فرضت عليه بشكل كبير شلت الاقتصاد في فنزويلا وأنخفض انتاج النفط بشكل كبير في عام 2014 انتهت الطفرة النفطية واخذت اسعار النفط بالتراجع وهذا يعني شيء واحد ان فنزويلا في خطر لم تعد الحكومة قادرة على توفير السلع الاساسية للسكان من(حليب و رز) لا اموال لدى الحكومة ولا احد يدينها بسبب امريكا، وبسبب الانهيار فلا احد يثق بك وانت في حالة انهيار اقتصادي، خصوصاً اذا كانت الديون وصلت الى (150 مليار دولار) وغير قادر على سدادها ومع العقوبات الامريكية التي فرضت على فنزويلا، ستكون جميع الطرق مسدودة ما عدا النفط الذي تراجع انتاجه من (2.8 مليون برميل) الى (واحد مليون برميل) نفطاً اقل يعني اموال اقل، وبدلاً من الاصلاحات الاقتصادية قام مادورو بطباعة العملة وضخها بشكل كبير لكن بلا غطاء نقدي حقيقي، ما تسبب بأضعاف القيمة الشرائية للبوليفار، فاذا اردت ان تشتري كيلوا غرام من الجبن فعليك دفع 7مليون بوليفار، واصبحت العملة لا قيمه لها مطلقاً.
وأتهم الرئيس الفنزولي الولايات المتحدة بانها تقود مؤامرة لتدمير بلاده ويقول ان سبب الازمة بالأساس هي العقوبات الامريكية، وقال ان الولايات المتحد وكولمبيا يخططان لغزو فنزويلا وتقسيم مواردها، وفي الحقيقة ان اكثر ما يفرح الولايات المتحدة هي ازالة مادورو عن السلطة ووضع فنزولا الغنية بالموارد ضمن السرب الامريكي، لكنها تفعل ذلك بطريقة خاطئة فأن العقوبات لا تسقط الانظمة بل تجوع الشعوب، وان كانت امريكا تريد تحريك الشعب للثورة فهذا قد يعزز نظرية مادورو التامرية على بلاده، سياسة ترامب العقابية تسببت بتفاقم حجم الكارثة، لأنها منعتهم من التصدير ومنعت فنزويلا من الاسواق الدولية، فلا يمكنها الاستيراد بحرية ولا امكانية في الحصول على ديون جديدة،ولا قدرة على الايفاء بالديون القديمة.
لعنة النفط
لقد وقعت فنزويلا ضحية للعنة النفط الذي يسحر صاحبه ويخبره بانه سيبقى معه وله دائماً.
نعم ان النفط هو المنتج الثمين واهم مصدر طاقة في العالم لكن لا يجب ان يكون مصدر دخلك الوحيد فأن فنزولا اليوم تعاني بسبب الاعتماد على النفط فقط، شعب جائع، تضخم اعلى في التاريخ وحكومة غير قادرة على ضبط الشارع، وشارع ينتفض متجاهلاً عنف الحكومة، جيش يسيطر على موارد البلاد، وانقسمت القوى السياسية الى قسمين، فاعلن رئيس البرلمان نفسه رئيس للبلاد (غوان غوايدو) واعترافاً امريكي اوربي به، وتمسكت روسيا والصين بـ نيكولاس مادورو، انقسام سرعان ما انتقل الى الشارع، وانطلقت التظاهرات المعارضة والمؤيدة، لكن في بلد مثل فنزولا تكمن صافرة الانذار في النهاية الا في يد قوة داخلية واحدة وهي الجيش،فهو الكيان الوحيد القادر على ازاحة احد الطرفين وتثبيت الاخر، الجيش الذي يدين بالولاء الى مادورو،تحاول واشنطن جذبه لصفها او عزله، لكن سوف تصم الاذان كلها اذا قرر ترامب غزو فنزويلا عسكرياً.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً