- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تأجير النقود في الاسواق غير المنظمة: العراق إنموذجاً - الجزء الاول
بقلم: د. مظهر محمد صالح
في إطار التفكير في واحدة من المفاهيم السائدة في علم النقود المسماة بالشروط النقدية Monetary conditions والتي ترتكن الى معيار يسمى بالرقم القياسي لتلك الشروط(MCI - الذي يحتسب التراكيب الخطية لعدد قليل من متغيرات السوق المالية في عموم الاقتصاد وعلى وجه الخصوص معدلات الفائدة الاسمية قصيرة الاجل و معدلات اسعار صرف العملة المحلية ازاء النقد الاجنبي) فقد قادني التفكير الى التصدي لمسالة تحليل الشروط النقدية والسلوك النقودي للافراد في السوق غير المنظمة في العراق (وهي سوق ظل في الغالب تنحصر تعاملاتها بالائتمان النقدي خارج النظام المصرفي الرسمي او القانوني وتتصرف كذلك في سلوكياتها خارج ضوابط السلطة النقدية) وتختلف في مستويات تجانسها مع السوق المنظمة التي تقع تحت اشراف وسيطرة السلطة النقدية مباشرة.
فبين السوقين المذكورين تظهر متغيرات في التعاملات النقدية تجاه تيار متصاعد من المعاملات الربوية المضاربة بالسيولة النقدية من خارج الجهاز المصرفي الرسمي.
وهو نمط ربوي مستحدث يطلق عليه بتأجير العملة او العملة المؤجرة Renting money.
وهو شكل متسارع من التعاملات النقدية غير القانونية لتسويغ سوق الائتمان النقدي غير الرسمية او غير النظامية.
ويرتبط هذا الائتمان بالغالب باحتياجات المضاربين للنقد الاجنبي.
اذ ترتبط كلفة تاجير النقود طردياً مع معدلات الفرق في اسعار الصرف التي تحددها السوق المركزية الرسمية للبنك المركزي والسوق الموازية للصرف.
فمعدل تاجير العملة المحلية (الدينار) تبلغ اليوم بنحو 15% شهرياَ وهو معدل مرتفع جداً على المستوى السنوى للفائدة الاسمية القصيرة الاجل.
وازاء هكذا غلو في النقود المؤجرة ومعدلاتها الاقراضية التي لا تتناسب وحالة الانكماش السعري والركود في الاقتصاد الكلي، يذهب هذا البحث بالتحري عن الرابطة التي تدلنا على التراكيب الخطية للظروف النقدية داخل السوق النقدية غير المنظمة في العراق ومقياسها المتمثل بمعدلات الصرف في السوق الموازية او غير المنظمة مقارنة بالتراكيب النقدية في السوق المنظمة ولاسيما في مجالي سعر الفائدة وسعر الصرف.
فالمضاربات النقدية في السوق الموازية للصرف تضيف عوائد يومية تبلغ متوسطاتها على سبيل المثال بنحو 30 مليون دينار بصورة ارباح قدرية windfalls مقابل استثمار مبلغ يعادل مليار دينار ونيف او ما يوازي واحد مليون دولار في سوق الصرف حالياً.
وهنا يثار التساؤل: كيف يمكننا بلوغ مباديء جديدة او مستحدثة لقياس الشروط النقدية لسوق النقد غير المنظمة في العراق؟ حيث ان السيطرة على مناسيب السيولة في السوق المركزية للصرف تقتضي استدامة سيولة وسرعة دوران النقد في السوق غير المنظمة من الاكتنازات النقدية.
وان صمام امان هذه الاستدامة في جريان السيولة هي ارتفاع الفائدة الربوية والتي تمثل في الوقت نفسه كلفة تدفق السيولة المكتنزة المنقولة من السوق اللانظامية الى السوق النظامية.
والسؤال هنا: كم تتحمل السلطة النقدية علاوة مخاطر risk premium تتمثل بامتصاص فوائض اضافية من سيولة تقذف بها رافعة التأجير النقدي وتشكل نسبتها بنحو77% من اجمالي العملة المصدرة في العراق؟.
وكم هي التضحية بالاحتياطيات الاجنبية بغية فرض الاستقرار السعري جراء سرعة دوران او تداول السيولة الفعالة التي تحركها اسعار الفائدة الربوية؟ في وقت مازال سعر الصرف واستقراره يمثل المثبت الاسمي في التاثيرعلى استقرار المستوى العام للاسعار.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة