- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ازمة تولي منصب رئيس الوزراء القادم في العراق.
باسم عبدعون فاضل
اطلعنا قبل اشهر على مذكرات لوزير الدفاع الاسرائيلي السابق موشي دايان 1973_ 1974، يذكر فيها حقائق ووقائع صادمة ومروعة مر بها كيانه في العام 1967 قبيل حرب الأيام الستة، ما يهمنا منها هو وصفه لتهديدات جمال عبد الناصر التي ارعبت وشلت جميع مفاصل الحياة في كيانه (حفر الملاجئ،ارتباك وتشتت قادة اسرائيل في ايجاد سبل لمواجة خطر الحرب،انعدام الروح المعنوية لدى الجيش وقياداته) ويضيف انه فقد الامل ببقاء واستمرار دولة الهيكل الثالث لسليمان *الهيكلة الثالث دويلة اسرائيل الحديثة *
يقول في منتصف الليل طلب مني الحضور الى مكتب رئيسة الوزراء، كانت وقتها "غولدا مائير" فبينما انا داخل واذا بها مجاميع مصغرة تخطط وتقترح ووو فيما بينها جالسة على شكل حلقات دائرية داخل وفي اروقته مكتب رئيسة الوزراء، كأنها ورش عمل فنيه، رئيسة الوزراء تستقبل ماتحرره كل ورشه مصغرة من رؤى وافكار لمواجهة خطر تهديد عبد الناصر لدولة اسرائيل وتضعه امامها في ملف، ابطال هذة الورش هم كل قادة الرأي والفكر من اليهود من داخل اسرائيل ومن خارجها والكلام له.
هذة المذكرات مع الاختلاف في الزمان والمكان تعطينا درس مهم هو كيف الشعوب وقادتها يخططون اذا تعرضوا لخطر يهدد مستقبل وجودهم وكيان دولتهم واستقرارهم وكيف يتم توظيف الطاقات والامكانات والزمن للعمل جديا لمواجهة الاخطار، قادة هذا الكيان الغاصب ومجتمعهم على جرمهم وعدم عدالة قضيتهم يفكرون ويخططون فيما بينهم،نعم للأسف نجحوا بذلك ولنكن صريحين لازال نجاحهم مستمر والسبب كم ذكرنا.
اليوم في العراق تجلت ملامح الازمة بأبهى صورها، هي اما الاتجاه نحو بناء دولة حقيقية تخرج من رحم الفوضى القائمة أو الذهاب الى الشتات وتعميق وترسيخ الفوضى القائمة والذهاب نحو المستقبل المجهول، فتراكمات الاخطاء الفضيعة للفترة السابقة التي كانت تسير عليها ادارة الدولة، اتضحت وترسبت جل اثارها ووقائعها اليوم، مسؤولية من يتحمل أوزارها بالدرجة الاساس تقع على عاتق السواد الاعظم من الشعب، لانه كان يدعم ويؤيد ويساند رجال سلطة لا رجال دولة، وهنا لربما قائل يقول ان الشعب كان مغلوب على امره، نقول له على البته لم يكن كذلك وانما كان مخير وعلى درجة عالية من الوعي والادارك في قرارات اختياره لرجال السلطة وتفضيلهم على رجال الدولة فثقافة الشعب خاصة ثقافة الاعتزاز بالقبيلة واعطائها اولوية على ثقافة الوطن والمواطنة وثقافة الطائفة والقومية،هذه الثقافات كانت ولاتزال حاضره مجتمعيا في التعامل مع بناء الدولة، هذه من الاخطاء الفضيعة وغيرها هي التي اوصلتنا على ما نحن عليه اليوم.
ايضا ثقافة المعارضة التي تمتاز بها الاحزاب الماسكة للسلطة منذ عام 2003 وحتى اليوم شكلت عامل اخر في ما وصلنا اليه، هذه الاحزاب ذات ثقافة عسكرية تمتلك رؤية عسكرية لمواجهة انظمة قمعية استبدادية، ثقافة بناء دولة ناجحة مؤسساتية لم تكن حاضره في ثاقافتها، هذا ما اثبتته الوقائع على الارض بعد تجربة حكم استمرة 15 عام.
امام هذة الوقائع وغيرها يعيش العراق اليوم ازمة حقيقية، هي ازمة بناء دولة او الاتجاه نحو الفوضى، فرص التوجه نحو البناء في الوقت الراهن معقدة بل هي في اعلى درجات التعقيد، السؤال هنا هل هي مستحيلة ؟ الجواب كلا.
اولى خطوات بناء دولة حقيقية هو شخصية من يتولى ادارتها، وفقا للدستور العراقي تقع هذه المهمة على عاتق رئيس مجلس الوزراء والفريق الوزاري معه.
تعقيدات فرص التوجه نحو بناء الدولة في الوقت الراهن هي كالاتي:
1- اختيار رئيس وزراء ووزراء من ذات الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات ووكلاء وزراء ومدراء عامين وغيرها من المواقع التنفذية العليا من، هذه الخطوة مقدما مرفوضة وفق مجريات الاحداث والوقائع الحالية،قيام الكتل السياسية بهذة الخطوة يعني انها ضربت عرض الحائط توجيهات المرجعية ومطالب المتظاهرين الداعية الى رئيس وزراء وحكومة ذات وجوه مستقلة.
2- قيام الكتل السياسية بأختيار حكومة من خارج الاحزاب والكيانات المتشكلة منها ووفق رغبة المرجعية والمتظاهرين، السؤال هنا هل تمنح هذه الكتل التفويض الكامل لهذه الحكومة للقيام بواجباتها لمواجهة التحديات التي يعيشها البلد حاليا، وتنفيذ مطالب الشعب التي خرج للشوارع من اجلها والمؤيدة من المرجعية الدينية، بمعنى اخر (هل تختار الكتل السياسية حكومة وتقوم بمنحها صلاحيات اعتقال ومحاكمة ومصادرة اموال وممتلكات شخصيات سياسية من داخل احزابها ؟
3- قيام الكتل السياسية بأختيار حكومة من رئيس وزراء ووزراء الخ تجمع بين الامرين نصفها مستقل والنصف الاخر منها،هنا ستكون حكومة غير منسجمة وذات عمر قصير نتيجة لأختلاف التوجهات والاجندة بين اعضائها.
وفق هذة المعطيات فان اختيار رجل لشغل منصب رئيس مجلس الوزراء ووزراء... الخ لهذه المرحلة امرا بالغ التعقيد،
لكن يبقى غير مستحيل، كيف غير مستحيل ؟
ج/ وفق تقديرنا البسيط بأمكان الكتل السياسية الاتفاق بينها على اختيار رئيس مجلس وزراء ووزراء من خارجها وتتفق بصورة غير مباشرة مع النجف على منحهم الصلاحيات الكاملة لتنفيذ مطالب المتظاهرين، اما بخصوص مطلب ارجاع الاموال المسروقة من كبار الفاسدين وغيرهم الذي بعتبر الخطوة الاولى في الاصلاح كما تؤكد المرجعية في كثير من خطبها في صلاة الجمعة والتي هي بحدود 300 مليار دولار، يمكن اصدار عفو عام عنهم في حال ارجاعهم هذه الاموال ومغادرتهم هم ومنتفيعهم من مؤسسات ودوائر الدولة والا فيودعوا السجن وتصادر اموالهم وممتلكاتهم التي هي ليست بأسمائهم وانما بأسماء غيرهم وتشكل محاكم مختصة يشرك بها قضاة دوليين لتنفيذ هذه المهمه.
باسم عبدعون فاضل.كربلاء
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- دوري نجوم العراق.. ما له وما عليه
- انخفاض اسعار النفط وهدهد سليمان القادم من الصين