أشاطر كثيراً ممن تطرق لظاهرة بدات تزداد في العراق بوجه الخصوص لتلقي بظلالها على مدينتنا كربلاء وهي ظاهرة غلاء الأسعار حتى انها وصلت الى حد لا يمكن السكوت عنها لأن فيها إفقاراً للكثير من ذوي الدخل المحدود والذين لا يستطيعون مسايرة تلك الارتفاعات الجنونية في الأسعار والتنافس غير المبرر بين التجار في رفع الأسعار واذا ما اردنا ان ندرك هذه الحالة فيجب علينا أن ننظر إلى الأسعار قبل عام أو أكثر بقليل ونقارنها اليوم فسنرى الفرق الشاسع بين الأسعار، أنا شخصيا لست ضد الارتفاع المبرر وبنسب معقولة، لكن أن يترك الحبل على الغارب للتجار فهذا مرفوض رفضا قاطعا فالارتفاع الجنوني كما يحصل الان غير مبرر نهائيا .
حقيقة ما دفعني لكتابة هذا التحقيق هو رسالة من احد الاصدقاء عبر الموبايل (المسج) نصها \"جعل أيامك كلها عز يا أغلى من السكر المفقود من الوجبة الغذائية والرز التجاري \"، احسست عندها باننا بحاجة ماسة الى التطرق لهذه الظاهرة التي بدأت تتفاقم شهرا بعد آخر ،فسوق هذا الشهر يختلف عن سوق الشهر القادم بالزيادة طبعا، لذلك قبل البدء بكتابة هذا التقرير احسست ان عشاق فن التبرير والمهتمين بالأسباب والمسببات سيقومون بخلق ذرائع شتى لتبرير هذه الظاهرة منها ما يسميه تجار الدرجة الاولى بموجة الغلاء العالمي التي يشهد جزءا من فصولها العراق اضافة الى التحديات والمحن التي باتت تعصف بحالة صمود شعبنا لتشكل عبئا كبيرا على كاهل العائلة الكربلائية \"
المواطن (ليث علي ) يعمل اعلاميا يقول ان الغلاء كظاهرة قبل عشر سنوات كانت ترتبط بالمهور فقط حيث يقول فلان من الناس ان المهور غالية اما اليوم فمشكلة الغلاء توسعت في كل شيء، وعمت كافة المواد وخاصة المواد الغذائية والانشائية لتشمل ايضا ارتفاع في أسعار الأدوية والإيجارات ،لذلك نرى ان معدل الصرف للمواطن في كربلاء في متوسط حاله يبلغ 750 الف دينار شهريا يعني بمعدل 25 الف دينار يوميا فانا اتسائل اين يذهب من لايمتلك هذا المعدل من الاجر لذلك اقول ساعد الله الفقير \"
اما (حسين تومان ) كاسب فيقول \"الله يكون في عون الناس الضعفاء الذين يعملون باجر يومي وربما لا يتسنى لهم العمل يوميا، ونحن نرى الأسعار ملتهبة وغير مستقرة فاليوم كل شىء متجه نحو الارتفاع ابتداء من أسعار الخضروات، ومرورا بباقي الأشياء التي تحتاجها العائلة العراقية أما بخصوص اسعار الملابس فالحديث يطول سيما وان أخوننا التجار قد أعدو العدة لاستقبال مواسم الأعياد بأسعار عاليه جدا وساعد الله الناس المحتاجين كيف يوفروا لابنائهم الكسوه\"
ام زينة ربة بيت قالت \" ان الغلاء اصبح في كل شيء، في الغذاء، السكن، التعليم والصحة، والارتفاع مستمر ولا يتوقف، والموظف العادي في القطاع الحكومي راتبه اصبح عاجزا امام سد احتياجاته الرئيسية، لذلك على المسؤولين والحكومة ان تنظر الى هذا الواقع للوقوف على مستجداته وتفعيل دور الصناعة الوطنية واصدار قرارات تصب لصالح المواطن العادي لا ان تصب لصالح المسؤولين الذين اراهن واقسم بانهم غير معنيين بهذا الغلاء لكون ان رواتبهم بالملايين وعوائلهم في خارج القطر \"
ولفت علي حسين باحث وقاص الى مشكلة البطالة وما يعانيه الشارع الكربلائي من عدم وجود فرص عمل للشباب، الأمر الذي يكبد الاسر جهدا زائدا فوق معاناتهم بسبب الغلاء المستمر، مشيرا الى ان الحديث الآن يدور حول قانون الخصخصة وتطبيقه، وهو أمر يتطلب روية من قبل الدولة، فاذا كان للحكومة من برامج اقتصادية نافعة غير الفساد الاداري فان المواطن سيكون على احسن حال ،مبينا يجب على الدولة ان تدعم السلع الاستهلاكية الاساسية لاسيما تلك التي تدخل في نظام البطاقة التموينية التي باتت تتاخر لشهور ما جعل الاستغلاليون وانتهازيو الفرص يستغلون هذا الغياب الطويل بمفرداتها ليرفعوا سعرها وليضيفوا هما اخر الى هموم العائلة العراقية \"
بدوره قال ماجد موسى استاذ جامعي ان هناك حكومة ظل تدير الحكومات المتعاقبة وهي حكومة التجار، لافتا الى ان حجة التاجر في رفع اسعار السلع هي ارتفاع اسعار السوق العالمية والذي يلقي بضلاله على ارتفاع الاسعار، ولكننا نرى اليوم في ظل انخفاض اسعار البترول والسوق العالمية عموما ان الاسعار تبقى على ارتفاعاتها السابقة وكأن السوق المحلية تتاثر في الارتفاع ولاتتاثر في الانخفاض واشار الى ان الجمعيات التعاونية تعد افضل حركة تعاونية على مستوى العالم العربي، لذلك يتطلب من الحكومة القادمة ان تفعل هذه الجمعيات وتعطيها فرصا كافية للاستيراد المباشر ومنافسة التاجر، الامر الذي يجعل هناك عدم احتكار للاسعار\"
في السياق ذاته، قال الصحافي حسين النعمة لاننكر صعوبة الوضع الاقتصادي الذي كنا نعيشه قبل سنوات قليلة ولكن يمكن اعطاء مبررات لذلك الوضع فكنا نقول اننا نعيش واقع الحصار الشامل وبسبب الحظر الاقتصادي والسياسات الاقتصادية الخاطئة للنظام تراكمت هذه المشاكل وساعدت على انتشار الغلاء والبطالة وغيرها من الامراض الاجتماعية ولكن في الوقت الراهن ما هي مبررات الغلاء فانا اعتقد ان هذا السؤال يجيب عنه المسؤولون في العراق ؟؟؟\"
اخيرا نقول: ان هذا البلد يعيش يوميا دوامة من المشاكل والهموم التي باتت تؤثر في نفسية الفرد العراقي فمشكلة الغلاء العام والصراعات السياسية على المناصب والكراسي ولدت مشاكل اقتصادية وسياسية وامنية واجتماعية: ونستنتج من هذا كله ان المواطن العراقي ما هو الاضحية للحكومات المتعاقبة جيلا بعد جيل. فالعراقيون مازالوا الى الان يبحثون عن حكومة تنقذهم الى بر الامان وتعمل على تطورهم وتقدمهم فهل سيجدونها. نتمنى ذلك
تحقيق/تيسير الاسدي
أقرأ ايضاً
- مكتب السيستاني بدمشق :يد العون العراقية تمتد الى (7) الاف عائلة لبنانية في منطقة السيدة زينب
- بطاقة انتاجية تصل الى (60) الف طن سنويا معمل الكارتون التابع للعتبة الحسينية يسد حاجة السوق بنسبة (15%) من الاستيراد
- لبنان ..أزمة نفايات جديدة تلوح في الأفق